تستضيف المملكة العربية السعودية في أكتوبر المقبل النسخة الافتتاحية لـ"منتدى مبادرة السعودية الخضراء" و"قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر".
وتأتي استضافة السعودية لهاتين المبادرتين انطلاقاً من دورها الريادي تجاه القضايا الدولية، واستكمالاً لجهودها لحماية كوكب الأرض، تلك التي وضعت خطوطها العريضة خلال فترة ترؤس المملكة لمجموعة العشرين العام الماضي.
وسيحضر جلسات المبادرتين قادة دول ومسؤولون، إلى جانب رؤساء تنفيذيين لكبرى الشركات، ومنظمات وهيئات دولية وأصحاب اختصاص في المجال البيئي.
المبادرتان نتاج رؤية ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وضمن الإطار التطويري لدور المملكة الرائد على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتعبّران عن توجه المملكة والمنطقة على طريق مواجهة تغيّرات المناخ وحماية الأرض والطبيعة.
وتهدف المبادرتان لزراعة 10 مليارات شجرة داخل السعودية خلال العقود المقبلة، وأضعافها في منطقة الشرق الأوسط، وهما المبادرتان الأهم حتى الآن في هذا المسار، نظراً للجدوى المتوقعة منهما بيئياً واقتصادياً وصحياً بعد تنفيذهما بالكامل على أرض الواقع.
لذا لم يكن غريباً أن تحظى المبادرتان بتفاعل واهتمام عالمي كبير منذ الإعلان عنهما في مارس الماضي.
الهدف الرئيسي من هذين الحدثين المهمين هو تقديم رؤية سعودية لمواجهة تطورات ظاهرة التغير المناخي، التي باتت تهدّد الكوكب الأزرق، ومن ثمّ الإسهام بشكل قوي وفاعل في التوصل إلى قرارت عالمية تسهم في الحفاظ على مناخ الأرض في حالة استقرار، وذلك عبر خطة تستهدف زراعة 50 مليار شجرة في دول الشرق الأوسط، وتخفيض الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية.
وقد يتساءل القارئ: هل زراعة الأشجار، على النحو الوارد في المبادرتين، يمكنها بالفعل تغيير المشهد المناخي المأزوم؟
الإجابة بلا شك نعم، فالأشجار تمثل في واقع الحال رئة الأرض، التي تتنفس من خلالها، وكما هو معروف علمياً أن وفرة المساحات الخضراء تعني زيادة فرص التمثيل الضوئي للنبات، أي امتصاص ثاني أكسيد الكربون، الغاز الرئيسي، الذي حوّل الأرض إلى خيمة كروية قابلة للاشتعال، وزيادة كمية الأكسجين في الهواء، ما ينعكس إيجابياً على صحة الإنسان على هذا الكوكب.
وما يعزّز هذا التفسير دراسة خرج بها فريق من علماء إدارة الغابات بوزارة الزراعة الأمريكية العام الماضي، تثبت أهمية زراعة الأشجار في تحقيق التوازن مع انبعاثات الكربون المتزايدة حول العالم، وذلك بسبب قدرة الغابات على عزل كميات أكبر من الانبعاثات.
تعني مبادرتا ولي العهد السعودي أن عصراً أخضر جديداً سوف ينشأ ويرتقي خليجياً وشرق أوسطياً، في تضافر مع الجهود الدولية لجعل كوكب الأرض مستمرا في أمان، وتدرك السعودية قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها لدفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، ومثلما تمثل دوراً ريادياً في استقرار أسواق الطاقة العالمية، فإنها سوف تعمل جاهدة لقيادة الحقبة الخضراء المقبلة.
السعودية تدشن زمن الحقبة الخضراء بقوة وريادة عالميتين لمواجهة التغيرات المناخية، وتوفير الحماية الكبرى للبيئة والحفاظ عليها بتفعيل مثل هذه المبادرات البيئية، والوصول بها إلى أبعد نقطة من الإتقان في التخطيط والتنفيذ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة