الاحتياطيات السعودية من النقد الأجنبي.. رمز التحدي في زمن كورونا
نجحت السلطات السعودية في إدارة احتياطيات البلاد الأجنبية بحكمة والحفاظ على توازنها رغم تراجع عائدات النفط
وسط عاصفة من الاضطرابات العالمية بفعل جائحة فيروس كورونا المستجد التي هبطت بأسعار النفط الذي يشكل أهم مصدر لعائدات النقد الأجنبي بالمملكة العربية السعودية، إلا إنها تمكنت من الحفاظ على قاعدة قوية من الاحتياطيات الأجنبية بفضل سياسات تنويع مصادر الدخل.
وتشمل إجمالي الأصول الاحتياطية بمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" عدة مصادر هي الذهب، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، إضافة إلى الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج.
شهدت الاحتياطيات النقدية الأجنبية للمملكة خلال عام 2019 استقرارا نسبيا، حين ارتفعت بنهاية العام بمقدار هامشي بلغ 0.6%، لتسجل 499.47 مليار دولار مقابل 496.53 مليار دولار في 2018.
اعتمدت المملكة خلال جائحة كورونا على التدفقات الأجنبية وكذلك احتياطياتها الضخمة لتعويض الضرر الاقتصادي المترتب على انخفاض أسعار النفط وتباطؤ النمو من أجل الحفاظ على صلابة الهيكل الاقتصادي ومواصلة تنفيذ المشروعات في إطار "رؤية المملكة 2030".
ومنذ بداية العام الحالي 2020، عكفت المملكة على التوازن بين مساندة الاقتصاد والحفاظ على احتياطياتها النقدية الأجنبية، وهو ما يرصده هذا التقرير عبر إلقاء الضوء على تطور الأصول الاحتياطية منذ مطلع هذا العام.
وصعدت الأصول الاحتياطية الأجنبية في يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 0.5% على أساس شهري بوصولها إلى 501.8 مليار دولار.
ثم تراجعت الاحتياطيات النقدية الأجنبي في الشهر التالي بمعدل طفيف لم يتجاوز 0.9% إثر تسجيلها 497.33 مليار دولار بنهاية فبراير/شباط الماضي.
جاء هذا الانخفاض في ضوء بداية ظهور تأثير تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، ولاسيما في الصين ما أدى إلى انخفاض في الطلب على النفط، مصحوبا بتراجع الأسعار.
واستمرت هذه التداعيات في التنامي خلال مارس/آذار الماضي حتى فقدت الأصول الاحتياطية السعودية 5.7% من رصيدها، لتتراجع إلى 464 مليار دولار.
وواصلت الأمور السير على هذا النحو خلال أبريل/نيسان الماضي، والذي شهد تراجعا فادحا في أسعار النفط حتى هوى سعر مزيج خام برنت إلى 17 دولارا للبرميل، ما انعكس على انخفاض الاحتياطيات الأجنبية إلى 448.63 مليار دولار، بمعدل انخفاض بلغ 3.3%.
وخلال مايو/أيار الماضي اكتسب الاحتياطي الأجنبي السعودي بعض الاستقرار حيث ارتفع بمعدل 0.15% ليصل إلى 449.31 مليار دولار، مع حدوث صعود تدريجي لأسعار النفط، وانفتاح المملكة بصورة أكبر على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لسوق المال وإصدار سندات في الخارج بقيمة 7 مليارات دولار.
وساهمت هذه الاستراتيجية في تخفيف الضغوط على الاحتياطي السعودي الذي سجل 447.47 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران الماضي بانخفاض طفيف بلغ 0.4%.
غير أن المملكة نجحت وفقا لآخر البيانات المعلنة من مؤسسة النقد السعودي في الارتفاع مجددا بنهاية يوليو/ تموز الماضي، إذ وصلت الاحتياطيات النقدية الأجنبية إلى 448 مليار دولار بزيادة محدودة قدرها 0.12%.