الإمارات تنطلق في رؤيتها للأمن القومي الخليجي والعربي على ثوابت عدة أهمها ضرورة التلاحم بين القوى العربية الفاعلة.
التنسيق المتبادل والحوار المستمر هما ركيزة الشراكات الاستراتيجية المثمرة بين الدول جميعها، وتكتسب مثل هذه الآليات قيمة مضافة بالنسبة للعلاقات بين الأخوة والأشقاء، كما في الحالة الإماراتية - السعودية، حيث توحدت إرادة البلدين بشكل تام، قيادة وحكومة وشعباً، وتضافرت الأيدي والجهود من أجل بناء مستقبل أفضل للشعبين الشقيقين.
المؤكد أن قوة هذا التحالف والشراكة الاستراتيجية الراسخة بين البلدين قد أسهما في تعزيز الثقة الدولية في دورهما من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، فهذه الشراكة ليست ككل الصيغ المتعارف عليها، بل باتت تمضي وتتطور على أسس وركائز واضحة، لا تقتصر على جوانب معينة بل تطال مجمل علاقات البلدين أو القوتين المؤثرتين في محطيهما الإقليمي والعالمي
وقد جاء استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بحضور الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، برهاناً جديداً على قوة الروابط الأخوية التي تجمع البلدين، استناداً إلى "أسس راسخة من المحبة والاحترام والثقة والرؤية الواحدة تجاه المتغيرات والتحديات على الساحتين الإقليمية والدولية من منطلق الإيمان المشترك بالمصير الواحد للبلدين والشعبين الشقيقين"، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
هذا اللقاء بالغ الأهمية في دلالاته سواء من حيث التوقيت أو من حيث تطور العلاقات الثنائية، حيث تشهد المنطقة العديد من التطورات الحيوية، والتحديات الاستراتيجية التي تتطلب من الأشقاء التنسيق بشأنها، فهناك أزمات لا تخفى على أحد في ليبيا وسوريا، وهناك تطورات داخلية مهمة في دول عربية مجاورة، فضلاً عن التحديات الإقليمية الأخرى مثل الأوضاع في اليمن والمخطط التوسعي الإيراني ومتغيرات الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وغير ذلك من إشكاليات ومعضلات تحتاج في مجملها إلى توافق وتنسيق من القوى الفاعلة في منظومة العمل العربي المشترك، من أجل الحفاظ على ما تبقى من أسس الأمن والاستقرار الإقليمي والحيلولة دون مزيد من المعاناة الناجمة عن تفاقم الأزمات في كثير من أرجاء عالمنا العربي.
وقد حدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد هدفين رئيسيين للشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، هما مواجهة التحديات والعبور للمستقبل، ما يعكس وضوح الرؤية وعمق الوعي الاستراتيجي لدى قيادتي البلدين، فالعبور للمستقبل بشكل آمن يتماشى مع متغيرات العصر بكل ما تنطوي عليه من طفرات اقتصادية وتقنية ومعلوماتية، تتطلب تهيئة للأجواء الراهنة وتعاطياً جاداً مع التحديات في مختلف المجالات، والأمر في ذلك لا يقتصر على التحديات التقليدية القائمة، بل يشمل ما يمكن أن تفرزه التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة من تحديات.
وقد جاءت هذه الزيارة المهمة انسجاماً مع التطور والمسار اللذين تمضي عليهما علاقات البلدين خلال السنوات الأخيرة، وفي ذلك أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أن "علاقات البلدين الشقيقين تعد نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول، ومثالا على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف حكيمة ومتسقة"، كما شدد على دور المملكة المحوري في التصدي للمخاطر التي تهدد العالم العربي، معربا عن ثقته في أن المملكة بحكمة قيادتها وصلابة شعبها ستستمر في أداء هذ الدور من أجل صيانة المصالح العربية، وتوفير أسباب التقدم والتنمية لشعوب المنطقة.
الإمارات تنطلق في رؤيتها للأمن القومي الخليجي والعربي على ثوابت عدة، أهمها ضرورة التلاحم بين القوى العربية الفاعلة بقيادة المملكة العربية السعودية للتصدي للتحديات التي تهدد المنطقة، وأكدت أكثر من مرة أنها ستظل في "خندق واحد" مع أشقائها السعوديين انطلاقاً من إيمان راسخ بوحدة الهدف والمصير، فضلاً عن ثقة مطلقة بحكمة القيادة السعودية وشجاعتها وحزمها وقوة عزمها وإرادتها الصلبة في التعامل مع مصادر الخطر والتهديد الاستراتيجي، فالحكمة التي تميز الملك سلمان بن عبد العزيز ورؤيته الثاقبة ومواقفه الشجاعة تمثل صمام الأمان للاستقرار في المملكة والمنطقة برمتها، كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فهذه الحكمة هي المرجعية الأساسية للتعامل مع التحديات والمخاطر القائمة.
والمؤكد أن قوة هذا التحالف والشراكة الاستراتيجية الراسخة بين البلدين قد أسهمتا في تعزيز الثقة الدولية في دورهما من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، فهذه الشراكة ليست ككل الصيغ المتعارف عليها، بل باتت تمضي وتتطور على أسس وركائز واضحة، لا تقتصر على جوانب معينة بل تطال مجمل علاقات البلدين أو القوتين المؤثرتين في محطيهما الإقليمي والعالمي، فهناك صيغة تكامل تمضي بثبات من خلال مجلس التنسيق السعودي -الإماراتي، الذي عقدت لجنته التنفيذية اجتماعها الثاني قبل تلك الزيارة بوقت قصير، وشملت لجانا تكاملية عدة في مجالات المال والاستثمار والبيئة والإسكان والتنمية البشرية، وهناك مشروعات كبرى قادرة على أن تلعب دور القاطرة الاستراتيجية لعلاقات الشراكة والتكامل على المدى البعيد، فهناك مشروع للسوق المفتوحة بين البلدين، وهو مشروع طموح، وتشير تفاصيله المعلنة إلى توجه نحو تعزيز القدرات التنافسية العالمية لاقتصادي البلدين عبر الاستفادة من روافد الشراكة الاستراتيجية وقدراتهما المتنامية في مختلف المجالات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة