"ليس لدينا ما نخفيه".. مسار قضية خاشقجي قلعة تحمي الرياض
"ليس لدينا ما نخفيه".. بهذه الكلمات لخص ولي العهد السعودي المسار القضائي الذي اتخذته بلاده على مدار عامين في قضية وفاة جمال خاشقجي.
مسار قضائي وفر للسعودية قلعة تحميها من سهام كل من سعى لاستغلال الجريمة من أجل ابتزاز الرياض، فيما لا يزال البعض يحاول تسلق أسوارها.
ومثل تقرير أمريكي صدر نهاية الأسبوع الماضي آخر حلقات مسلسل الابتزاز إلا أنه كان نسخة رديئة من محالات سابقة، بحسب طيف واسع من المراقبين.
وترصد "العين الإخبارية" الإجراءات القضائية السعودية في القضية في هذا التقرير
فمنذ بداية القضية، جاءت قرارات القيادة السعودية، شاملة وحاسمة، بهدف الاستمرار في نهج ترسيخ أسس العدالة، ومحاسبة المقصر بغض النظر عن صفته أو منصبه.
أوامر ملكية حاسمة
وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بدأت النيابة العامة السعودية تحقيقاتها مع 18 موقوفا سعوديا على ذمة قضية مقتل خاشقجي، ليصدر خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بعدها بساعات أوامر ملكية بإعفاء عدد من القيادات الأمنية والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني من منصبه.
وتضمنت الإعفاءات كلاً من: أحمد عسيري، نائب الاستخبارات العامة السعودية من منصبه، وإعفاء المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني من منصبه.
كما تم إنهاء خدمة مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، وإعفاء مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليف الشايع.
وشملت الأوامر أيضاً إعفاء مدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي.
وما بين توقيف المتهمين، والأوامر الملكية، استمر عمل المحققين السعودين وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين، للنائب العام بتشكيل لجنة لكشف ملابسات وفاة جمال خاشقجي، وما تبع ذلك من التحفظ على المشتبه بهم لاستكمال التحقيقات.
اللافت أن هذه الخطوات الملموسة كانت محل إشادة وترحيب من المجتمع الدولي، وكذلك البيت الأبيض، رغم إصرار وسائل إعلام مضللة على الاستمرار في نشر الأكاذيب والمزاعم، في محاولة بائسة لتسيس القضية.
ولم يمر سوى 5 أيام منذ بدء التحقيقات، لتكشف النيابة العامة السعودية أنها تلقت معلومات من الجانب التركي تشير إلى أن المشتبه بهم في قضية خاشقجي أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة، مؤكدة أنها تواصل تحقيقاتها مع المتهمين في ضوء ما وردها وما أسفرت عنه تحقيقاتها.
شفافية بلاحدود
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، كشفت النيابة العامة السعودية، عن نتائج التحقيق في مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، ووجهت التهم لـ11 من بين 21 موقوفا، وطالبت بإعدام ٥ متورطا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي، وبصورة علنية، عندما أعلن النائب العام السعودي شعلان الشعلان، مجموعة من الحقائق التي أسفرت عنها التحقيقات كان أبرزها:
إعلان أن:
- الواقعة تمت يوم ٢٩ سبتمبر ٢٠١٨ عندما صدر نائب رئيس الاستخبارات العامة السابق أمر باستعادة خاشقجي بالإقناع، وإن لم يقتنع يُعاد بالقوة.
- قائد مهمة استعادة خاشقجي قام بتشكيل فريق من ١٥ شخصا لاحتواء واستعادة المواطن المشار إليه يتشكل من ٣ مجموعات، تفاوضي واستخباراتي ولوجستي، قبل أن يقرر قتله بعد الفشل في إقناعه بالعودة.
- أسلوب الجريمة وهو عراك وشجار وتقييد وحقن المجني عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته.
- تم التوصل إلى الآمر والمباشرين للقتل وعددهم 5 أشخاص اعترفوا بذلك وتطابقت أقوالهم.
- الجثة بعد مقتل المجني عليه تمت تجزئتها من قبل المباشرين للقتل وتم نقلها إلى خارج مبنى القنصلية.
استقلال القضاء
وفي 23 ديسمبر/كانون أول 2019، قضت محكمة الرياض الجزائية، بإعدام 5 من المتهمين في القضية، بعد 9 جلسات وصدر الحكم في الجلسة العاشرة.
وخلال مدة التحقيقات، تم التحقيق مع كل من تم الاشتباه في علاقته بالقضية، إلا أن التحقيقات أثبتت أنه لم تكن هناك نية مسبقة لقتل عند بداية هذه المهمة وكان القتل لحظياً.
ووفق النائب العام السعودي، تم التحقيق مع سعود القحطاني في مقتل خاشقجي ولم توجه له أي تهم، كما تم الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد عسيري بعد التحقيق لعدم ثبوت تهم عليه، فيما صدر الحكم على 3 من المدعى عليهم لتسترهم على الجريمة بأحكام متفاوتة تبلغ في مجملها 24 عاماً.
كما تم تم الإفراج عن القنصل السعودي في تركيا محمد العتيبي في القضية؛ لإثبات وجوده في مكان آخر وقت وقوع الجريمة.
أحكام رادعة
وفي 7 سبتمبر/أيلول 2020، أصدر لقضاء السعودي أحكاما نهائية واجبة النفاذ بحق 8 مدانين في مقتل خاشقجي.
وقضت تلك الأحكام، بالسجن لمدد بلغ مجموعها 124 سنة، طال كل مدان من عقوبتها بحسب ما صدر عنه من فعل إجرامي.
جاء ذلك بعد إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل، حيث أعلن أبناء خاشقجي، العفو عن قتلة أبيهم ابتغاء وجه الله.
وقضت الأحكام بالسجن 20 عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لكل واحد منهم، وسبع سنوات لاثنين منهم، وأضاف المتحدث أن هذه الأحكام أصبحت نهائية واجبة النفاذ، طبقاً للمادة (212) من نظام الإجراءات الجزائية.
وبصدور هذه الأحكام الأحكام، ووفق ما أعلنه المتحدث باسم النيابة السعودية، انقضت الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص، ليسدل الستار قضائيا على قضية مقتل خاشقجي، قبل أن تعيد الإدارة الأمريكية الملف للأضواء، بتقرير رفضته دول عربية وغربية، ووصفه مراقبون بأنه "مسيس ومضلل".
aXA6IDMuMTQ1LjE2NC40NyA= جزيرة ام اند امز