الاضطرابات العقلية والإدمان.. علاقة محفوفة بالمخاطر
رئيس مؤسسة التشخيص المزدوج يقول إن "خطر الانتحار يجب أن يكون حاضرا في الأذهان دائما حين يجري التعامل مع الاضطرابات العقلية".
حين يعاني شخص ما من اضطراب عقلي وإدمان في نفس الوقت، فهو بذلك مُصاب بالتشخيص المزدوج، وهي حالة تزيد فيها نسبة الخطر على المريض، إذ إن أكثر من 40% ممن يعانون من هذه المشكلة تراودهم أفكار انتحارية، لذلك يؤكد الأخصائيون أن رصد هذه الحالة المرضية يمثل عاملا جوهريا للتعامل معها.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن الكثير من حالات الانتحار تحدث بشكل اندفاعي في لحظات أزمة تضعف فيها قدرة المريض على مواجهة توترات الحياة مثل المشكلات المالية أو فشل العلاقات العاطفية أو الإصابة بأمراض، لكنها أشارت أيضا إلى أن الانتحار والمشكلات العقلية بينهما صلة وثيقة.
وبحسب بيانات هذه المنظمة، فإن ما يقرب من 800 ألف شخص ينهون حياتهم بأيديهم سنويا، ما يعادل حالة وفاة كل 40 ثانية، مذكرة بأن الانتحار هو ثاني أسباب الوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.
يقول الأخصائي نيستور سيزرمان، رئيس مؤسسة التشخيص المزدوج، إن "خطر الانتحار يجب أن يكون حاضرا في الأذهان دائما حين يجري التعامل مع الاضطرابات العقلية".
وأضاف أن "غالبية المرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية يعانون من التشخيص المزدوج، لذلك يجب إعداد برامج هيكلية للوقاية من خطر الانتحار بشكل يأخذ بعين الاعتبار تلك العوامل المرتبطة بالاستهلاك القهري لأي مواد يمكن أن تسبب الإدمان".
من جانبها، تؤكد مارتا تورينز، العضوة بمجلس إدارة الاتحاد الإسباني للتشخيص المزدوج، أن "استخدام مواد مسببة للإدمان يمثل عامل خطر كبير للوصول لمرحلة الإقدام على الانتحار".
وأبرزت الأخصائية أن الأشخاص الذين يعانون من التشخيص المزدوج يواجهون "خطرا أكبر للإقدام على إنهاء حياتهم مقارنة بأولئك الذين يعانون من اضطراب على صلة بالإدمان فقط أو أي اضطراب عقلي آخر. لذلك فإنه من الضروري رصد هذا المرض للحيلولة دون الوصول لحد الانتحار".
ووفقا للأخصائيين بالاتحاد الإسباني للتشخيص المزدوج، فإن الإدمان قد يكون على مواد موجودة في الثقافة العامة بالمجتمع مثل التدخين وشرب الكحوليات، أو غير موجودة بشكل مباشر مثل القنب والكوكايين والمواد الأفيونية، أو كذلك إدمان سلوكي مثل الإدمان على لعب القمار.
كما يوضح الأخصائيون أن الاضطرابات العقلية يمكن أن تكون "اضطرابات قلق أو اضطرابات تتعلق بالحالة المزاجية (الاكتئاب والاضطراب الوجداني ثنائي القطب، إلخ) أو الفصام أو الذهان أو اضطرب نقص الانتباه مع فرط النشاط، إلى جانب اضطرابات الشخصية المختلفة (اضطراب الشخصية الحدي واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والوسواسي والتجنبي والاعتمادي، إلخ".
ويقول الخبراء إن المريض يمكن أن يصل لحالة التشخيص المزدوج بطريقتين: فمن ناحية يمكن للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية سلفا أن يبدأوا تناول العقاقير بشكل ما كنوع من التطبيب الذاتي بهدف تخفيف أعراض الاضطراب، ما يقودهم لمرحلة الإدمان.
ومن ناحية أخرى هناك أشخاص لا يعانون من مرض عقلي مسبقا لكنهم وبسبب استهلاك المواد وبسبب قابليتهم للتأثر، تظهر لديهم أمراض نفسية.
ووفقا لدراسة أجراها الاتحاد الإسباني للتشخيص المزدوج وخضع لها أكثر من 800 شخص، فإن ما يزيد على 40% ممن يعانون من التشخيص المزدوج تراودهم أفكار انتحارية.
وأوضح الخبراء أن المصابين بالتشخيص المزدوج الذين يعانون من اضطرابات عاطفية كبرى مثل الاكتئاب أو من متلازمة ذهانية مزمنة أو من أحد اضطرابات الشخصية التي تنطوي على قدر كبير من الاندفاع أو الانفعالية السلبية مثل اضطراب الشخصية الحدي أو المعادي للمجتمع، هم الأكثر عرضة لإظهار ميول انتحارية.
كما يشير خبراء الاتحاد الإسباني للتشخيص المزدوج إلى وجود اختلافات بارزة في السلوكيات الانتحارية بين الجنسين، إذ يميل الرجال لإنهاء حياتهم بأساليب أكثر عدوانية مقارنة بالنساء، الأمر الذي ينعكس أيضا في أن الانتحار بين الذكور أعلى منه بين الإناث".
وكان الاضطراب النفسي الأكثر شيوعا بين هؤلاء المرضى، هو اضطراب الشخصية الحدي يليه اضطراب التكيف المصاحب بأعراض اكتئاب.
كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأشخاص الذين يتناولون مواد مسببة للإدمان لديهم سلاح انتحاري خطير جدا يتمثل في الانتحار بتناول جرعة زائدة، حسبما حذرت تورينز التي أشارت أيضا إلى أن "الكثير من حالات الوفاة نتيجة تناول جرعة زائدة عادة ما يجري تشخيصها بشكل خاطئ على أنها حادث وقع بشكل غير متعمد، لذلك فإن البيانات المتاحة عن الانتحار بين من يعانون من التشخيص المزدوج، تكون على الأرجح أقل من البيانات التي تعكس الواقع".
غالبية المرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية يعانون من التشخيص المزدوج، لذلك يجب إعداد برامج هيكلية للوقاية من خطر الانتحار بشكل يأخذ بعين الاعتبار تلك العوامل المرتبطة بالاستهلاك القهري لأي مواد يمكن أن تسبب الإدمان.
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA==
جزيرة ام اند امز