بعد تعليقه المثير على منشور شيخ الأزهر.. "صاحب السؤال الصادم" يكشف مفاجأة لـ"العين الإخبارية"
حرص الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، على تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد عبر صفحته بـ"فيسبوك".
قوبلت هذه التهنئة بردود فعل واسعة ترحب بالتهنئة، لكن وسط آلاف التعليقات، توقف كثيرون أمام سؤال وجهه أحد المعلقين على المنشور ويدعى خالد إمام، إلى الدكتور أحمد الطيب، مفاده: "هو حضرتك درست إيه أو قرأت إيه عن الإسلام علشان تقول لنا إن تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد حلال؟".
وقوبل التعليق بردود فعل واسعة، فالبعض هاجمه باعتباره تعدى على شيخ الأزهر، فيما اعتبر البعض الآخر أن كلمات الشاب المصري ساخرة في أساسها.
أصداء تعليق "خالد" امتدت لوسائل الإعلام المرئية، فانتقد الإعلامي عمرو أديب، خلال تقديمه لبرنامج "الحكاية" المعروض بفضائية "MBC مصر"، ما أدلى به الشاب المصري: "ده بيقول كده لشيخ الأزهر! شيخ الأزهر ما قرأش آية!".
كما شن الإعلامي خيري رمضان، خلال تقديمه برنامج "حديث القاهرة" المعروض عبر فضائية "القاهرة والناس" المصرية، هجومًا حادًا على "خالد"، وهو ما قوبل بتأييد من الفنان عمرو يوسف، الذي علق على نفس الأمر خلال مداخلة هاتفية بالبرنامج.
صاحب السؤال يوضح الصورة
تواصلت "العين الإخبارية" مع الشاب المصري خالد إمام، الذي بدوره أوضح سبب تدوينه لهذا التعليق المثير للجدل، وكشف ما أراد توصيله من وراء هذه الكلمات.
قال "خالد"، وهو محامٍ متخصص في القانون الدولي لحقوق الإنسان: "مع حلول الأعياد الدينية للإخوة المسيحيين، تحدث دائمًا ضجة كبيرة تتعلق بإجازة تقديم التهنئة لهم، وهو ما يظهر حال مبادرة شخصية عامة، كمحمد صلاح أو الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بتهنئة الأقباط بأعيادهم".
أضاف الشاب المصري: "في كل مرة يظهر رأي يعارض فكرة تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وهذا بالنسبة إليّ نوع من التطرف والتعصب الديني المرفوض والمخالف للقيم الإنسانية، والتي أعتقد أنها من أساسيات الحياة بحيث يكون البشر قادرين على التعامل سويًا في إطار المودة والسلام".
تابع "خالد": "أنا شخصيًا أحب ثقافة الاحتفال بالأعياد الدينية بشكل عام، وبالنسبة لي هذا الاحتفال لا يعني ضرورة إيماني بقضية أو بدين آخر، لكن هو في النهاية نوع من التضامن الإنساني مع المحتفلين".
كواليس كتابة التعليق المثير للجدل
ذكر الشاب أنه مع بدء الاحتفالات برأس السنة من كل عام، تصدر دار الإفتاء المصرية أو مشيخة الأزهر، عبر "فيسبوك"، بيانات أو فتاوى توضح للناس أن "التهنئة والاحتفال مسألة لا تتعارض مع ثوابت الدين وفي كل مرة نجد تعليقات ومنشورات تحمل في طياتها هجومًا شديدًا على هذه المؤسسات".
ركز "خالد" حديثه على الأزمة الأخيرة، فيروي: "ما حدث أنني قرأت المنشور على الصفحة الرسمية لفضيلة الإمام أحمد الطيب، يهنئ فيه المسيحيين بأعياد الميلاد، واطلعت على التعليقات ووجدت الكثير منها مقترنة بالكراهية والادعاء بأن هذه التهنئة تخالف الشريعة الإسلامية".
استطرد: "هذه التعليقات بالنسبة إليّ هي شيء مؤسف ومحبط، لأنها تظهر أنه رغم الجهود المبذولة لتشجيع التسامح والسلام والحوار بين الأديان، ما زال هناك موروث ثقافي وديني قديم ومتجذر في شريحة كبيرة من الناس يرفض تلك المبادئ الإنسانية، اعتقادًا بأنها تخالف ثوابت الدين".
أكمل الشاب المصري: "لهذا السبب كتبت تعليقًا ساخرًا وهذا كان واضحًا جدًا من الأسلوب الذي استخدمته، فحاولت أن أظهر من خلاله عدم عقلانية التعليقات التي تهاجم شيخ الأزهر".
لم يتوقع "خالد" عقب كتابة تعليقه، أن يُحدث الأمر ضجة: "كان لدي اجتماع لمدة ساعتين، وبعد فروغي منه تصفحت هاتفي المحمول ووجدت رسائل كثيرة من أصدقائي، تخبرني بأن هناك جدلا دائرا حول تعليقي، وأنه قد أٌسيء فهمه".
أردف: "وجدت منشورات لمشاهير ومثقفين، وتناول الأمر إعلاميون خلال برامجهم مثل خيري رمضان وعمرو أديب، إضافةً إلى أعضاء برلمان ومخرجين، وكثيرين من المفترض أنهم طبقة مثقفة وواعية، لكن للأسف الكثير منهم لم يبذلوا أي جهد للاستقصاء أو البحث حول جدية التعليق، بل شاركوا كلماتي على صفحاتهم وزعموا بأنني أهاجم شيخ الأزهر وادعي بأنني أكثر علمًا منه".
انقسم كثيرون حول تعليق "خالد" وفق إشارته: "اختلفت الآراء بحسب الأفكار التي يؤمن بها المستخدم، فمثلًا من لديه مشكلة مع منظمات المجتمع المدني انتقدني وانتقد هذه المؤسسات، ومن لديه مشكلة مع الدول الغربية انتقدني وانتقدها، ومن يختلفون مع الإسلاميين انتقدوني، لقد واجهت اتهامات عنيفة ومباشرة غير مبنية على أي أساس عقلي أو منطقي نهائيًا".
أضاف: "البعض من منتقدي شيخ الأزهر اعتقدوا خطأ أنني تعمدت التقليل من علم أو قيمة شيخ الأزهر، وأيدوا تعليقي رغم أن هدفي كان السخرية فقط، فوجدت الكثير منهم يقولون إن ما قلته صحيح، واعتبروا الدكتور أحمد الطيب مخطئا".
استياء شديد
هذه المجريات أثرت في نفسية "خالد"، فقال بشأن هذه اللحظات: "شعرت باستياء ويأس شديدين ممن انتقدوني وأهانوني، وفسروا التعليق في غير سياقه، لكن استأت أكثر من أن شريحة كبيرة من الناس رأت أن تعليقي المقصود منه انتقاد شيخ الأزهر".
عاد الشاب المصري بذاكرته إلى الوراء قائلا: "أثناء وجودي في واشنطن وهولندا شهدت قدوم شهر رمضان وعيد الفطر، وخلالهما تبادل الناس معي التهاني والعكس. بل أتذكر أن أصدقائي من غير المسلمين صاموا معي آخر يوم في شهر رمضان المبارك كنوع من الاحتفال ومشاركة صديق لهم فرحته في عيده، مثل هذه الممارسات من شأنها أن تقلل من خطاب التعصب والكراهية وتعزز التقارب بين البشر".
ما ترتب على تعليقه من نتائج وردود فعل، دفع "خالد" لاتخاذ عدد من الخطوات: "في نهاية الأمر عدلت تعليقي وأوضحت أنه ساخر منعًا للغط، كما كتبت منشورًا أو اثنين عبر حسابي الشخصي للتوضيح، ومع ذلك استمرت الانتقادات المبنية على سوء الفهم".