القارئ الجزائري محمد كتو.. 60 عامًا من العطاء القرآني (بروفايل)
أنجبت مدرسة التلاوة في الجزائر الكثير من القراء، أبرزهم الشيخ محمد كتو، قارئ الإذاعة والتليفزيون وسفير الجزائر في المحافل الدينية.
ورغم مولد الشيخ "كتو" خارج الوطن بعد هجرة والده إلى باجة التونسية هربًا من ظلم الاستعمار الفرنسي، لكنه ما إن شبّ حتى قرر العودة إلى بلدة أبيه في الجزائر.
وعلى مدار 60 عامًا أو يزيد، ظل الشيخ "كتو" حاملًا أمينًا لكتاب الله، فلم يبخل بعلمه على أحد، وظل يتلو القرآن الكريم ويسرد الحديث الشريف داخل الجزائر وخارجها.
مولده ونشأته
ولد القارئ الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن محمد بن الحاج السعيد كتو بمدينة باجة التونسية عام 1915، بعدما هاجر والده من مسقط رأسه في قرية تيفريث ناث الحاج بمنطقة القبائل الكبرى في الجزائر عام 1890.
وجاءت هجرة والده وغيره من الجزائريين حفاظا على دينه ولغته من الاستعمار الفرنسي الذي حارب الهوية الجزائرية، وراح يعلّم الأطفال في قريته التونسية أصول الدين والقرآن كما كان يتلو القرآن ويرتله.
وتأثر الطفل محمد كتو بصوت أبيه وهو يرتل القرآن آناء الليل وأطراف النهار فحفظ كتاب الله وعمره 11 سنة، وتلقى الدروس اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي على يد أبيه، قبل التحاقه بجامع الزيتونة.
وهناك تعلم مختلف العلوم وتخصص في القراءات، ولما اشتد عوده قرر العودة إلى أرض الوطن وترك عائلته في تونس، وفي مسقط رأس أبيه تزوج وأنجب من الأبناء 3 ومن البنات 7، وأحسن تنشئتهم على القرآن.
إجازات في القرآن والحديث
أبدى الشيخ "كتو" اهتمامًا كبيرًا بعلوم الدين والقرآن الكريم والقراءات والتجويد، وأجازه عدد من العلماء في تونس والجزائر، منهم عبدالواحد المرغني المدرس بجامع الزيتونة الذي أجازه في علم القراءات.
وأجازه الشيخ الشاذلي النيفر الأستاذ بجامع الزيتونة بكل مروياته، وكما أجازه مفتي الديار التونسية علي بن خوجة برواية صحيح البخاري، وفي الجزائر أجازه الشيخ بابا عمر في الصحيحين وموطأ الإمام مالك، وقال "عمر" عن الشيخ "كتو": "أخانا في الله المتمسك بسنة رسوله، الطالب الأجل التالي لكتاب الله عز وجل، الفقيه النبيه، الأديب النزيه، السيد محمد بن أحمد بن محمد الحاج السعيد كتو قد لازمني حرارا عديدة، وجاورني أزمنة مديدة مباركة سعيدة".
وأضاف في إجازته للشيخ "كتو": "سمعت منه قراءة صحيح البخاري، واطلعت على ترتيل قراءته وحسن تأديته ونباهته ونجابته، تولى الله حفظه وسعادته، وأجمل سيرته وسيادته، فطلب من العبد الفقير اتصال سنده بطريق الإجازة ظنا منه بحسن طويتي الكمال، معتقدا أن العبد الحقير ممن يتعلق به في هذا المجال، حقق الله لنا وله ما نرجوه من الكريم المتعال".
التحاقه بالإذاعة
ارتبط اسم القارئ الشيخ محمد كتو بالإذاعة الجزائرية، منذ التحاقه بها عام 1946 مذيعًا وقارئًا للقرآن الكريم، وكان يتلو ما تيسر من آي الذكر الحكيم نهارًا ومساءا عبر الأثير كما قدم فقرة "الحديث الديني" كل صباح.
واستمر عطاؤه للإذاعة الوطنية أكثر من 53 سنة، وكان يطل على التليفزيون في يومي الاثنين والجمعة من كل أسبوع، لتقديم حصة على مدار نصف ساعة بعنوان "الحديث الديني"، وهو نفس عنوان برنامجه الإذاعي.
واعتمد الشيخ "كتو" على أسلوبه البسيط في شرح معاني الأحاديث النبوية والأمور الدينية، وكان ينهل من برنامجه جميع الجزائريين، عامة ومثقفون، وكان يجيب لزملائه في الإذاعة على تساؤلاتهم في الدين والفقه.
"قهوة القذافي الصباحية"
مثّل القارئ الشيخ محمد كتو الجزائر في عديد من المؤتمرات الدينية والمسابقات القرآنية في مختلف الدول الإسلامية، واختير سفيرًا للجزائر في مسابقات القرآن الدولية في ماليزيا ومصر وليبيا وفرنسا وتونس وغيرها.
وفي تونس، كرّمه الرئيس الحبيب بورقيبة، واختارته الرابطة العالمية الإسلامية للقراء والمجودين لعضويتها، وحظي في حياته بعدة تكريمات تليق بمكانته الدولية في الحفظ والقراءة وحسن تمثيل الجزائر في كل المحافل.
ووفقًا لصحيفة "الشروق" الجزائرية، قال الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي ذات مرة لأحد كبار المسؤولين الجزائريين عن الشيخ "كتو": "الحديث الديني الصباحي للشيخ محمد كتو هو قهوتي الصباحية".
وظل الشيخ "كتو" حاملًا وخادمًا لكتاب الله، حتى أصابه المرض في أواخر حياته، فلزم بيته في بلدية المرادية بالعاصمة الجزائر، حتى توفي في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1999، ودفن في مقبرة سيدي يحيى بالعاصمة.
aXA6IDMuMTQxLjE5OC4xNDcg
جزيرة ام اند امز