نعيش حالة استثنائية في عالم يتصادم بكل ثقله، انطلاقاً من الحرب في أوكرانيا.. حتى الصراع الاقتصادي مع الصين، واضطرابات أفغانستان واليمن وهاييتي وميانمار، إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كل ذلك جعل كثيرا من المراقبين يشبهون الحالة المعاصرة بالأيام الأولى للحرب العالمية.
وإذا ما استعرضنا ما يحدث اليوم، فإن المشكلات تتزايد وتتعقد في حالة يمكن مقارنتها بعالم ما قبل الحرب العالمية الثانية، حيث لا تضع كثير من الدول اعتبارا لما يحدث خارج حدودها من مشكلات، وتتعامل الدول الأوروبية بكثير من الازدواجية والقليل من المُثل مع المختلِف، فيما تزداد الإشكاليات في الولايات المتحدة التي تعاني تحدياتٍ داخلية وخارجية تتعقد مع كل حقبة رئاسية، وتعمل روسيا على تغيير مسار القطب الواحد بالقوة، فيما تعيد الصين كتابة قائمة أقوى الاقتصادات العالمية.
إن الدول تعمل على حصد المزيد من المنافع ودرء المخاطر عن طريق السياسة، وما الحروب إلا لحظة تصل فيها المحاولات إلى درجة الغليان، أو هروب من تغيير وشيك في سلم القوى العالمي، اقتصاديا كان أم سياسيا، وحتى دون حرب، فإن آثار صراع القوى موجود.
وفي الأيام الجارية، هناك مفترق طرق للأحداث، يترقبه جزء من العالم بكل حذر، فيما تعمل دول أخرى على صب الزيت على النار وافتعال التصادم، من أجل الحفاظ على مكاسبها التي غنمتها منذ الحرب العالمية حتى اليوم، لكن هل الحرب ضرورية لكي يتحطم هذا العالم ويستطيع أن يتعايش دون صراع وتنافس محموم؟
إن العالم اليوم يعيش حالة عَماء عن أخطائه، وأبرزها عدم قناعة الساسة بانتهاء الصراع، فمتى انتهى صراع اختلقوا صراعا مكانه، لتبقى السيطرة مستمرة، ويبقى الإحساس بالنصر عاملا يعوق الدول عن عمل ما يجب عمله لتحقيق الاستقرار العالمي، في وقت تستمر فيه حالة الاستعداء والاستعلاء، وكما يؤكد المؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي: "ما دامت هناك أمم تحقق مغانم من الحرب، فإنها ستكون مستعدة لأن تعلن الحرب دائما".
ختاما.. ليس هناك في العالم من يعلم إذا ما كانت الحرب العالمية الثانية هي آخر الحروب الكونية، فمنذ عام 1945 يعيش الإنسان مهددا بإمكانية حرب عالمية ثالثة، تتضاءل بجانبها الحروب السابقة، ما دامت ستقوم بأسلحة نووية، جعلت الإنسان قادرا على الشر بصورة غير مسبوقة، وصارت الحرب أشد ضراوة وخطرها يهدد وجود البشرية كلها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة