سيدي محرز.. مزار روحاني يختزل ذاكرة التونسيين
سيدي محرز حارس تونس وحاميها، يتبرك به التونسيون ويزورون مقامه في أوقات الشدائد والأزمات ويلجؤون إليه طلبا للفرج والشفاء ويستغيثون به.
“يا سيدي محرز، يا سلطان المدينة، يا سلطان البلاد”.. هذه الكلمات يتفوه بها التونسيون للاستنجاد بها في المصاعب.
وتحتوي العاصمة التونسية على أكثر من 120 مقاماً للأولياء الصالحين لكن سيدي محرز بقي في الذاكرة الشعبية لأعماله الصالحة ولرجاحة عقله وقوة علمه.
عاش سيدي محرز في عهد الدولة الحفصية وهو أبومحفوظ محرز بن خلف بن زين، ويتصل نسبه بالخليفة أبي بكر الصديق. ولد عام 340 هـ-413 هـ/ 951 م-1022م.
ولد ونشأ في عائلة عرفت بالزهد، ودرس منذ صغره العلوم الدينية واللغوية، وكان كثير التردد على مدينة القيروان، وأدى فريضة الحج، حيث تتلمذ في مصر على بعض شيوخها مثل الأبهري.
تفرغ للتدريس، وكان له دور في نشر المذهب المالكي وقام بتدريس كتاب رسالة ابن أبي زيد القيرواني أبرز مصادر الفقه المالكي.
سيدي محرز ذلك المعلم التاريخي الذي يستقطب آلاف المريدين الذين يأتون من مختلف محافظات البلاد للتبرك به والدعاء لتحقيق أمانيهم، والاستعانة به للدعاء والتقرب إلى الله تبركا بتقواه وقوة إيمانه.
ويتوجه التونسيون إلى المقام لقراءة الفاتحة وطلب الأمنيات وإشعال الشموع وشرب كأس ماء من بئره المباركة الواقعة قرب المقام.
يقع مقام سيدي محرز، والذي كان في الأصل منزله ومكانا لتعليم الأهالي للقرآن، وأصول الدين، في باب سويقة وسط المدينة العتيقة بالعاصمة تونس، وهو محاطا بأسواق متعددة تنبعث منها روائح البخور والعطور والحناء.
كان السلاطين الحفصيون يجلونه ويقدرونه وسعوا إلى نيل بركته ويستشيروه في أمور تخص الدولة وأهالي البلاد.
وشيّدت زاويته بأمر من الأمير أبي عمر وعثمان الحفصي في القرن الـ15 ميلادي وأعاد محمد الصادق باي بناءها سنة 1862م.
عند الدخول إلى مقام "سيدي محرز"، يعترضك فناء تليه قاعة فيها قبّة محمولة على جذوع تحوي بئر مياه مباركة.
ناصر سيدي محرز الفقراء والبؤساء وقاوم الجهل والاستبداد ورفض الظلم وجور الحكام وكان ملاذا لفاقدي السند واليتامى والأرامل.
وفسر زين العابدين بالحارث الباحث ورئيس جمعية "تراثنا" تقرب التونسيين إلى سيدي محرز بعد قرون من وفاته بأنه نابعا من القيمة الرمزية لهذا الولي الصالح الذي لا يزال يحمي تونس، بحسب معتقدات التونسيين، والذي يذهبون إليه للدعاء إلى الله لتفريج كربهم.
وتابع بالحارث لـ"العين الإخبارية" أن سيدي محرز، والملقب بسلطان المدينة، له عديد الإنجازات والمآثر، واحتمى به اليهود التونسيين حيث ساعدهم بتأسيس الحي اليهودي "الحارة" القريب من زاويته وتدخل لهم لدى الحفصيين نظرا لأن اليهود كانوا ممنوعين من العيش والسكن داخل المدينة العتيقة، والتي كانت مركز الحكم آنذاك، رغم شغلهم وسطها وكانوا يغادروها ليلا إلى مساكنهم المتواجدة بحي قرب" الملاسين" (ضواحي العاصمة) وأثمرت شفاعة سيدي محرز ف بأن يسكن اليهود داخل المدينة هناك بجواره بباب سويقة في الحارة.
aXA6IDMuMTUuMTQuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز