9 علامات لبيئة العمل السامة.. وطرق التعامل لتجنب الأذى النفسي
مثلما نصادف في حياتنا أشخاصا مؤذيين، وندرك ذلك بعد فوات الآوان، قد نجد أننا أمضينا سنوات في عمل لا يناسبنا ولم ننتبه لبيئة العمل السامة التي أفسدت صحتنا النفسية.
بيئة العمل السامة لها تأثير سلبي عميق على الموظفين، ولا يمكن الاستهانة بما تسببه من توتر وقلق واكتئاب ورغبة في الانعزال وعدم القدرة على التطور والاستمرار، للدرجة التي قد تتسبب في إفساد المسيرة المهنية للشخص. ولكن كيف يمكن أن تتصرف إذا اضطررت للعمل في بيئة سلبية، وكيف تكتشف أن مكان عملك سام ومؤذي؟
يُطلعنا خبراء الموارد البشرية والمتخصصين في الصحة النفسية ودراسة أماكن العمل، على علامات بيئة العمل السامة أو السلبية، وتأثيراتها على الصحة النفسية، وسبل التعامل معها للنجاة بأقل قدر من الخسائر المعنوية والمادية.
8 علامات لبيئة العم الصحية.. هل تتوافر في مكان عملك؟
علامات البيئة السلبية للعمل
يمكن تمييز مكان العمل السام بالمشاعر التي تنتابك فور تواجدك به أو عند الحديث عنه، فهو المكان الذي يجعل الموظفين يشعرون بالرفض والذنب، وأنهم معاقبين وفي موقف دفاعي دوما، ويسود بين أفراده- سواء الزملاء أو المدراء- سلوكيات متنمرة وغير أخلاقية مثل العنصرية والكذب.
يشير موقع The Muse لأهم العلامات التي تسود بيئات العمل السامة، وهي:
1. لا مجال لارتكاب الأخطاء
الخطأ صفة بشرية دون نقاش، ولكن في بيئة العمل السلبية يتم التعامل مع الخطأ باعتباره جريمة لا يتم التهاون معها، لا وسيلة للتعلّم وتحقيق التطور المهني، مما يجعل مكان العمل غير متعاون، فكل فرد يخشى المحاسبة والمساءلة إذا أخطأ، فالحل أن يُخفي المعلومات عن زميله حتى يقوم بعمله وحده ولا يتلقى اللوم.
2. انعدام الثقة
من الطبيعي في بيئة عمل لا تناصر الموظف أو تدعمه أن تنعدم الثقة بين الموظفين، فالمدراء لا يثقون بالعاملين ويقومون بملاحقتهم للتأكد من أنهم يقوموا بالعمل المطلوب منهم، غير أن كل موظف لا يثق بزميله وكأنه ينتظر منه خيانة غير متوقعة، وبالتأكيد في النهاية يؤثر ذلك على الشخص نفسه الذي يفقد الثقة بنفسه وبقدراته.
3. العمل أولا وإلى الأبد
تفتقر بيئة العمل السامة إلى الحدود، فالإدارة تكرّس وقتها للعمل فقط دون توقف للاستمتاع بالحياة الاجتماعية، وتتوقع من الموظفين أن يفعلوا المثل وكأن مهمتهم في الحياة أن يعملوا دون مراعاة لحدود الوقت والمكان والحاجة إلى الفصل والاسترخاء بعيدا عن أجواء العمل، فتأتي رسائل البريد الإلكتروني في الثانية صباحا مع ضرورة الرد، ويتم إرسال المهمات لتنفيذها بعد مواعيد العمل دون اعتذار باعتباره أمر طبيعي.
4. أجواء عمل غير إنسانية
يمكنك اكتشاف طبيعة بيئة العمل من العلاقات الشخصية بين الأفراد، بمعنى أن بيئة العمل التي تسودها أجواء عامة طيبة يتعامل فيها الأفراد مع بعضهم بسلاسة ويتفاعلون بطرق مختلفة، ويحرص كل منهم على المساعدة والمشاركة، سواء من خلال تناول وجبات الإفطار معا أو التجهيز لعيد ميلاد أحد أعضاء الفريق، تعتبر بيئة عمل متعاونة رغم اختلاف أشخاصها.
في حين أن الأجواء العامة التي يسودها الازدراء بين زملاء العمل، وتعمّد التجاهل والتعامل باستعلاء مع أعضاء فريق العمل الجدد أو غير المرغوب في صداقتهم، هي بيئة عمل سلبية ومؤذية.
5. فقدان الدعم والمساندة
يُصاب الأشخاص في أماكن العمل السامة بالحيرة والإحباط وفقدان الثقة في أنفسهم، لأنهم لا يجدون من يوجههم أو يساندهم لمعرفة كيف يمكنهم تطوير مهاراتهم، كما أنهم لا يحصلون على التقدير والمدح إذا قاموا بعمل جيد، ويتم تهميش الموظفين، خاصة الذين لا يملكون صلات قوية بالمدراء، مما يؤدي في النهاية لخيبة أمل وعدم القدرة على التقييم الذاتي وانعدام فرص النمو.
6. التشكيك
من خلال تجربتك المهنية، قد تكون تعاملت مع هذا النوع من المديرين أو بيئات العمل، الذي يضع لك تصورا معينا حول تنفيذ مهمة معينة ويطلب منك تأديتها وفق منهجية محددة، وعند تسليمها يتسائل لماذا اخترتم تنفيذ المهم بهذه الطريقة؟ عندها تشعر بالحيرة وإذا جادلته تجده ينكر ما قاله ويشكك في ذاكرتك.
ينطبق الأمر على استخدام الإهانة اللفظية أو التنمر، وإذا اعترضت يشكك في مدى سعة صدرك، وأن الأمر لا يتعدى كونه مُزاح ويتهمك بالتشدد وفقدان اللياقة الاجتماعية لأنك لم تتقبل تعليقات زملائك الساخرة، ويتكرر الأمر مع أغلب المواقف التي تمر بها في عملك، بهدف التشكيك في ما تقوم به لعدم قدرة الأطراف الاخرى على تحمل المسئولية والالتزام الأخلاقي.
7. ارتفاع معدل الاستقالات
تعاني الشركات التي تتسم ببيئة عمل سلبية من الاستقالات المستمرة، فقد لا يدوم عمل الموظف الواحد 12 شهرا، ويضطر الموظفون العاملون في هذه الشركات إلى الانفصال عن بيئة العمل والاكتفاء بأداء المهام دون تواصل إنساني أو مشاركة حقيقية، مما يجعل هذه الشركات تكافح من أجل الإبقاء على الموطفين ولكنها تفشل إذا لم تؤسس لبيئة عمل إيجابية.
8. النميمة
هي أكثر ما يجيدوه الأفراد في بيئة العمل السامة، فهي ما يكتسبون بها منزلتهم لدى المدير وزملاء العمل، ومع عدم وجود سياسة فعلية لتقدير الموظفين المجتهدين ومعاقبة المتجاوزين وفقدان الثقة تزيد النميمة، وعندما يتم استبدال التواصل الصحيح بالقيل والقال ينقلب الموظفون إلى أعداء في حرب، وترتفع معدلات التنمر ومعه تزيد الإصابة بالاكتئاب.
9. الإجهاد المفرط
بالتاكيد، التعرض لهذه المواقف في بيئة عمل لا تحترم حقوق الموظف وحدوده يؤدي في النهاية إلى الشعور بالإنهاك والاجهاد المفرط، الذي قد يظهر في صورة ألم جسدي في المفاصل أو مشكلات في الجهاز الهضمي، وكذلك ألم معنوي بسيطرة مشاعر القلق والارتباك وعدم التركيز ونوبات الهلع.
لتعزيز لإنتاجية والتواصل.. 12 تطبيقا لتسهيل العمل عن بعد
تأثيرات بيئة العمل السامة على الصحة النفسية
الاستمرار في بيئات العمل السامة يمكن أن يظهر تأثيره على الصحة النفسية بشكل واضح، من خلال:
- انخفاض الإنتاجية.
- معاناة الموظفين مع الاكتئاب والقلق.
- الإرهاق والانهاك الجسدي.
- فقدان الشعور بالأمان لدى الموظفين
- جلد الذات وفقدان الثقة بالنفس.
- ارتفاع معدلات التغيب.
بينما تعاني الشركة من ارتفاع معدل الموظفين النازحين عنها بتقديم استقالاتهم لعدم القدرة على تحمل بيئة العمل، مما يعني أن الشركة تتكبد نفقات عالية بسبب طبيعتها السامة.
كيف تتعامل مع بيئة العمل السامة؟
من الممكن أن تضطر الظروف بعض الأشخاص إلى الاستمرار في بيئة عمل مؤذية وسامة، دون القدرة على اتخاذ القرار بترك العمل، مما يعني حاجتهم إلى آلية تضمن التكيف مع هذا الوضع مع الحفاظ على صحتهم النفسية وحدودهم الشخصية، ومنها:
لا تستسلم
إذا اضطرتك الظروف للبقاء في عملك في ظل هذه البيئة السامة، فعليك ألا تخضع لها، وأن يكون لديك طريقة لمواجهة التنمر والسلوكيات السلبية، إما بتوضيح ضيقك للأطراف المتنمرين أو التوجه للإدارة والإبلاغ عن شكوى.
الانتباه إلى الصحة النفسية
لا تغفل أن تراعي صحتك النفسية باستشارة متخصصين وتلقي الدعم من الأصدقاء، وتخصيص وقت لنفسك بعيدا عن ضغط العمل ومحاولة تعزيز صورتك الذهنية عن نفسك، واستكشاف قدراتك في مجالات متعددة خارج مكان عملك، لتتأكد من تطورك المهني والشخصي.
عالج ما يمكن علاجه
حاول أن تقوم بمعالجة سبب سُمية مكان عملك، هل هو زميل متنمر أم مدير متسلط؟ وحاول أن تجد حلا لهذه المشكلة، إما بالانتقال إلى فريق عمل آخر أو التحدث للمدراء أو المسئولين بمشاعرك وتأثير المواقف السلبية عليك وعلى العمل.
خطط لاستقالتك
أغلب بيئات العمل السامة إذا لم ينتبه أصحابها لخطورة الوضع وضرورة الإصلاح، فإن هذا يعني استقالات متكررة من الموظفين، وقد تكون أنت أحدهم، ولكن عليك أن تخطط لاستقالتك بشكل لا يؤدي إلى إيذاء مصلحتك الشخصية، فتبدأ بالبحث عن فرص عمل جديدة، أو الحصول على إجازة ثم تدريب في مجال جديد ومن بعدها تبدأ عمل آخر في مكان مختلف، لكن المهم خلال هذه الخطوات أن تراعي صحتك النفسية.
كيف تعزز بيئة العمل الإيجابية
على أصحاب العمل أن ينتبهوا إلى أجواء العمل داخل شركاتهم، وإذا لاحظوا العلامات التي تمت الإشارة إليها فعليهم تصحيح الصورة العامة لشركتهم بالعمل على إبراز علامات بيئة العمل الإيجابية والمساهمة في خلق مكان عمل صحي، وذلك من خلال:
- الاهتمام باحتياجات الموظفين ومراعاة مشاعرهم وفهم ما الذي يؤثر على عملهم، عن طريق عقد محادثات فردية وجماعية صادقة يعبرون فيها عن ما يريدونه.
- يأتي دور الإدارة في خلق بيئة عمل صحية بالتركيز على توفير أدوات ترفه عن الموظفين، فمع أولوية إنهاء مهمات العمل بجودة عالية، يجب وضع رفاهية وراحة الموطفين في الاعتبار، لأن القيادة الجيدة للشركات لا تعني التزمت وتخطي الحدود والعمل المستمر دون راحة.
- التقدير والشكر للموظفين والعاملين حتى على الأفعال البسيطة يعزز من بيئة العمل الإيجابية المتفاعلة بصورة صحية، كما أنه يحفز على الإنجاز والنجاح وتطوير العمل.
- سُمية مكان العمل تبدأ بتوظيف أشخاص غير كفؤين إما بسبب الوساطة أو القرابة، والعمل على تقريبهم من أصحاب القرار في الشركة، فيتم إغفال دور الموظفين الجيدين والمناسبين وتهميشهم، ولذلك يجب التخلص من التوظيف العشوائي والاعتماد على منهجية تحرص على اختيار الموظفين المناسبين لمسئوليات العمل.
بيئة العمل السامة قد لا تحتاج إلى علامات، فيكفي ألا تشعر بالراحة وعدم الرغبة في الذهاب للعمل كل يوم لتكون شركتك واحدة من أماكن العمل السلبية، ولذا عليك ملاحظة الأمور التي تؤثر على صحتك النفسية وأدائك لعملك، وان تثق بقدراتك وتختار راحتك أولا.
aXA6IDMuMTYuMjAzLjI3IA== جزيرة ام اند امز