الفضة تتألق خلال 2025.. قفزت 121% وسجلت أعلى قمة في تاريخها
شهدت أسواق المعادن النفيسة حدثا تاريخيا هذا الشهر، بعد أن سجلت الفضة أعلى سعر لها على الإطلاق، في إشارة واضحة إلى عودة المعدن الأبيض بقوة إلى اهتمامات المستثمرين، سواء كملاذ آمن أو كعنصر صناعي أساسي في الاقتصاد العالمي.
وفقا لتقرير موقع Investment، بلغ السعر القياسي للفضة 64.65 دولار للأوقية يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2025، متجاوزا جميع المستويات السابقة، بما في ذلك الذروة التاريخية عام 1980 عند 49.95 دولار، وقمة عام 2011 البالغة نحو 47.94 دولار، حيث ارتفعت الفضة منذ بداية عام 2025 وحتى الآن بنحو 121%.
بدأت الفضة عام 2025 بزخم إيجابي، إذ تجاوزت مستوى 30 دولارا للأوقية مبكرا، واستمرت في الصعود مدفوعة بعدة عوامل، أبرزها توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة.
وفي الربع الأخير من العام، تسارع الصعود بشكل ملحوظ، خصوصا بعد قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة وبدء شراء أذون خزانة قصيرة الأجل، ما عزز المخاوف التضخمية وأعاد الحديث عن عودة سياسات التيسير الكمي.
كما ساهمت اضطرابات فنية في بورصة كومكس الأمريكية، شملت توقفا مؤقتا للتداول، في زيادة التقلبات ودفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، قبل أن تستقر عند قمم تاريخية جديدة.
ورغم تحقيق الفضة أعلى سعر اسمي في تاريخها، يؤكد محللون أن السعر الحالي لا يزال أقل من القمة التاريخية عند احتسابه بالقيمة الحقيقية المعدلة للتضخم، ما يعني أن المعدن الأبيض قد يملك مجالا لمزيد من الارتفاع على المدى الطويل.
ويعاني سوق الفضة العالمي منذ عام 2021 عجزا هيكليا مستمرا، إذ يفوق الطلب حجم الإنتاج من المناجم، الذي ظل شبه ثابت خلال السنوات الأخيرة. هذا الخلل التراكمي أدى إلى تآكل المخزونات المتاحة، وضيق هامش الأمان في السوق، ما جعل الأسعار أكثر حساسية لأي صدمات إضافية في العرض أو الطلب.
وتشير تقديرات مؤسسات متخصصة إلى أن سوق الفضة يعاني من عجز كبير في المعروض، يتوقع أن يصل إلى أكثر من 117 مليون أوقية خلال عام 2025، وهو العجز السادس على التوالي.
ورغم زيادة طفيفة في الإنتاج العالمي، خاصة من دول مثل المكسيك والصين وروسيا، فإن الطلب الاستثماري والصناعي لا يزال يفوق المعروض، ما يدعم بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة.
ويوضح وصول الفضة إلى قمة تاريخية جديدة تحولات عميقة في الأسواق العالمية، ويؤكد مكانتها كأحد أهم الأصول في أوقات عدم اليقين.
وتتميز الفضة بكونها معدنًا مزدوج الطبيعة؛ فهي تُستخدم كأداة استثمارية لحفظ القيمة، وفي الوقت ذاته عنصر أساسي في العديد من الصناعات، مثل الطاقة الشمسية، والإلكترونيات، وصناعة السيارات، والتطبيقات الطبية.
في قطاع الطاقة المتجددة، لا تزال الألواح الشمسية من أكبر مستهلكي الفضة عالميا. ورغم اتجاه الشركات المصنعة لتقليل كمية الفضة المستخدمة في كل لوح ضمن مساعي خفض التكاليف، فإن الارتفاع القياسي في عدد مشروعات الطاقة الشمسية حول العالم حافظ على الطلب عند مستويات مرتفعة.
كما أسهم التوسع السريع في صناعة السيارات الكهربائية، إلى جانب النمو المتسارع لمراكز البيانات والبنية التحتية الداعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، في تعزيز الطلب على الفضة. ويصف خبراء هذا الطلب بأنه «غير مرن سعريا»، إذ لا تستطيع الشركات الاستغناء عن المعدن حتى مع ارتفاع تكلفته، ما يحد من قدرة السوق على التوازن السريع.
وهذا التداخل بين الطلب الاستثماري والصناعي يجعل سعر الفضة أكثر تقلبا مقارنة بالذهب، لكنه يمنحها أيضا فرص صعود قوية في فترات الانتعاش الاقتصادي أو الأزمات العالمية.
وقد دفعت حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، وارتفاع مستويات الدين العام، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، ما أعاد الفضة إلى واجهة الخيارات الاستثمارية.
بدأت الفضة عام 2025 عند نحو 28.9 دولار للأونصة، لكنها أنهت معظم العام عند أكثر من ضعف هذا المستوى. ورغم المخاوف من تصحيح سعري محتمل بعد هذا الارتفاع السريع، يرى عدد من المحللين أن الاتجاه العام لا يزال صعوديا، في ظل استمرار الاختلال الهيكلي بين العرض والطلب.
وتذهب تقديرات بعض البنوك والمؤسسات المالية الكبرى إلى أن الأسعار قد تتجه نحو 65 دولارا، وربما تقترب من 100 دولار للأونصة بحلول عام 2026، إذا ما استمرت الظروف الحالية دون تغيّر جوهري.
تشير التقديرات إلى أن سوق خام الفضة العالمي يواصل مساره التصاعدي خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بنمو الطلب وتوسع الاستخدامات الصناعية، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة السوق نحو 7.95 مليار دولار في عام 2025، وهو نمو مستقر مقارنة بالسنوات السابقة.
ويستمر السوق في التوسع عام 2026 ليصل إلى ما يزيد على 8.48 مليار دولار، قبل أن يرتفع إلى نحو 9.05 مليار دولار في عام 2027، مع توقع استمرار الاتجاه الصعودي في 2028، ووصول القيمة السوقية إلى قرابة 9.63 مليار دولار.
وبحلول عام 2029، يُرجح أن يسجل سوق خام الفضة العالمي قيمة تقارب 10.24 مليار دولار، ما يعكس وتيرة نمو قوية على المدى المتوسط. ويعادل هذا الأداء معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ نحو 6.6%، ما يعكس متانة الطلب واتساع قاعدة الاستهلاك، إلى جانب استمرار جاذبيتها الاستثمارية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز