لعلّ أحداً من مشجّعي أتلتيكو مدريد لم يتوقّع أن يحقق دييجو سيميوني النجاح الذي أصابه حين عيّنه النادي مدرباً.. اقرأ التفاصيل
لعلّ أحداً من مشجّعي أتلتيكو مدريد لم يتوقّع أن يحقق دييجو سيميوني النجاح الذي أصابه، حين عيّنه النادي مدرباً في 23 ديسمبر/كانون الأول 2011.
المدرب الأرجنتيني لم يتخل عن عادة أداء دور الضحية، خصوصاً حين يواجه ريـال مدريد وبرشلونة، آخر إنجازاته في هذا الصدد، أنه شكا من عجز أتلتيكو عن التعاقد مع لاعب قيمته 150-200 مليون يورو، داعياً إلى التعويض من خلال "الابتكار"
لكنه قاد النادي بعد شهور للفوز بلقب مسابقة "الدوري الأوروبي"، وواصل إنجازاته في السنوات التالية، ما مكّن أتلتيكو من إحراز 7 ألقاب، آخرها كأس السوبر الأوروبية ضد ريـال مدريد.
النجاح لم يغيّر سيميوني، سلباً وإيجاباً، فالغرور لم يصبه، وبقي يعمل بإصرار ومثابرة، كما في يومه الأول في النادي، ساعده في ذلك أن الإدارة منحته حرية مطلقة في اختيار اللاعبين، والتعاقد مع مَن يشاء والتخلّي عمَّن يشاء.
كما أنها لم تتدخل في عمله اليومي مع الفريق، ما مكّنه من بناء تشكيلة قادرة على هزيمة أي فريق، ومقارعة نواد عريقة والتمتع باستقرار افتقده في السابق.
لكن المدرب الأرجنتيني لم يتخل عن عادة أداء دور الضحية، خصوصاً حين يواجه ريـال مدريد وبرشلونة، آخر إنجازاته في هذا الصدد، أنه شكا من عجز أتلتيكو عن التعاقد مع لاعب قيمته 150-200 مليون يورو، داعياً إلى التعويض من خلال "الابتكار".
المفارقة أن سيميوني يتناسى هذه الذريعة، حين يحقق فريقه نتيجة سيئة ضد فريق موازنته أقلّ من تلك لأتلتيكو.
الموازنة كلمة سحرية بالنسبة إليه، لا سيّما متى أراد صرف الأنظار عن خسارة، أو توجيه رسالة إلى مَن يعنيه الأمر في النادي، أو مجرد التنفيس عن حنقه.
لا تصدّقوا سيميوني، أتلتيكو الذي يحلو لإداريّيه ومشجّعيه تسميته بـ "نادي الشعب"، ليس "فقيراً" كما يشي هذا اللقب، منذ تعاقده مع المدرب الأرجنتيني أواخر عام 2011، ارتفعت موازنة النادي من 130 مليون يورو إلى نحو 400 مليون.
يبقى هذا الرقم بعيداً عن موازنتَي ريـال مدريد وبرشلونة، لكنه يضاعف موازنة نادي إشبيلية ويحتلّ من خلاله أتلتيكو المرتبة الثانية عشرة في أوروبا.
والاكتفاء بالحديث عن الموازنة ربما هدفه التعتيم على حجم الإنفاق على ضمّ اللاعبين، إذ إن أتلتيكو دفع أكثر من ريـال مدريد، للتعاقد مع لاعبين جدد، منذ عام 2013، واحتلّ في الترتيب المركز الثامن في أوروبا، فيما يقبع جاره في المركز 22.
ناهيك عن تضاعف عدد أعضاء النادي، من 55 ألفاً لدى وصول سيميوني، إلى أكثر من 120 ألفاً، وانتقاله إلى ملعب حديث، مع كل التسهيلات الممكنة من البلدية والحكومة المحلية في العاصمة الإسبانية، وأثار الأمر اعتراضات، أثمرت أخيراً قراراً أصدرته المحكمة العليا في مدريد، ألغى بموجبه اتفاق بيع أتلتيكو الأرض التي شُيِّد عليها الملعب.
لكن الألقاب التي أحرزها النادي أخيراً، لم تُترجَم ارتفاعاً كبيراً في مداخيله من الملعب والتسويق، والتي بلغت 41 مليون يورو (15% من إيراداته) للملعب و71 مليوناً للتسويق (26%)، وفق التقرير الأخير الذي أصدرته شركة "ديلويت".
أما عائدات النقل التلفزيوني فتبلغ 161 مليوناً (59%)، في مقابل 237 مليوناً (35%) لريـال مدريد و215 مليوناً (33%) لبرشلونة.
ويعني ذلك أن أتلتيكو مقصّر في استغلال ماركته تجارياً، ويعتمد في شكل مبالغ فيه على عائدات النقل التلفزيوني.
ومشكلة الموازنة لا تمنع النادي من أن يدفع 23 مليون يورو راتباً سنوياً لنجمه الفرنسي أنطوان جريزمان، بعد تجديد عقده أخيراً إثر "مغازلته" برشلونة.
ربما على سيميوني، بدل التذمّر في شكل مستمر، أن يشكر وسائل الإعلام الإسبانية التي نادراً ما تنتقده، وتكيل له المديح، في مناسبة ومن دونها، بل أنها لا ترى حرجاً في الإشادة بأسلوب لعب أتلتيكو، ولو لم ينسجم مع قاموسها الخاص لـ"الكرة الجميلة" ويفتقر إلى عناصر أساسية فيما تعتبره "مثالاً" و"نموذجاً" لكرة القدم.
وكان غريباً ألا ترى وسائل الإعلام أمراً مريباً في تقارير أفادت برغبة المدرب الأرجنتيني في ضمّ نجله جيوفاني، مهاجم نادي فيورنتينا الإيطالي، في مقابل ما لا يقلّ عن 40 مليون يورو.
ليس الهدف دعوة تلك الوسائل لكي تنتقد سيميوني، بل لتذكيرها بأنها شنّت حملة على المدرب السابق لريـال مدريد زين الدين زيدان، واتهمته بمحاباة نجليه إنزو ولوكا في النادي. كما أفردت "تغطية خاصة" لأخطاء ارتكبها لوكا في حراسة مرمى "كاستيّا"، الفريق الرديف للنادي الأبيض.
ليت دييجو سيميوني ينأى عن "لازمة" الموازنة، لأنها ذريعة لم تعد تليق بنجاحات أتلتيكو مدريد.. ولا بإنجازات مدربه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة