السيسي: 30 يونيو بداية مواجهة الإرهاب والقوى الداعمة له
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه كلمة للشعب احتفالا بالذكرى الرابعة لثورة الثلاثين من يونيو.
وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة، كلمة للشعب احتفالا بالذكرى الرابعة لثورة الـ30 من يونيو/حزيران التي انتهت بعزل نظام الإخوان الإرهابي عام 2013.
وأكد الرئيس المصري خلال كلمته أن ذكرى الأيام الخالدة تظل راسخة في الأذهان، وأن ثورة الثلاثين من يونيو التي استعاد فيها الشعب المصري بلاده من قوى الإرهاب التي ظنت أنها سيطرت على البلاد، رسمت 3 مسارات أساسية تسير فيها مصر منذ ذلك الحين حتى اليوم.
وأشار إلى أن المسار الأول كان التصدي للإرهاب ورفض كل أشكال العنف، والمسار الثاني الذي فرضته ثورة الثلاثين من يونيو كان مواجهة القوى الخارجية الداعمة للإرهاب، وأن الأمر كان أكبر بكثير من مجرد التخلص من حكم جائر.
وأضاف أن هذه اللحظة والسير في هذا المسار كان بداية لاستعادة مصر دورها الإقليمي، حيث شرعت مباشرة في مساعدة الدول الشقيقة للحفاظ على أراضيها ومواجهة اشكال الإرهاب، مؤكدًا أن مصر اليوم وبعد مرور 4 سنوات من ثورتها ضد الإرهاب، بات صوتها مسموعًا وموضعا للتقدير وفاعلًا في تنفيذ أي خطوة ضد الإرهاب.
وشدد السيسي خلال كلمته على أن حياة الشعوب ومقدراتها لا يمكن العبث بها، وأن مصر ستظل أمام العالم وأمام شعبها تعمل من أجل فرض السلام والاستقرار.
وعن المسار الثالث الذي فرضته ثورة الثلاثين من يونيو، فقد لخصه السيسي في "التنمية" بشقيها السياسي والإصلاحي، فقال إنه تم وضع خارطة طريق والالتزام بها لفرض الاستقرار بعد فد لفترة طويلة سبقت الثورة، ثم بدأت الدولة تطبيق خطة ضخمة للتنمية والإصلاح الاقتصادي، وأنا خضت شوطا كبيرا بها ، وأن العين المنصفة لا يمكن أن تخطئ ما حققته مصر خلال السنوات الأربع الماضية، رغم أن التغيير في الأوطان والشعوب يحتاج لأوقات طويلة.
وجدد السيسي العهد بمواصلة العمل لاستكمال المسارات الثلاثة الناتجة عن 30 يونيو، مختتما كلمته بتحية جميع أطياف الشعب المصري وكعادته ترديد عبارة "تحيا مصر" ثلاث مرات.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس المصري:
شعب مصر العظيم، تمر الأيام والسنون، وتبقى ذكرى هذه الأيام المجيدة من تاريخ شعبنا، مضيئة وخالدة في وجداننا.
ففي مثل هذه الأيام منذ 4 أعوام، أثبت شعبنا العريق مجدداً، أنه أكثر وعياً مما تصور أعداؤه، وأقوى إرادةً مما اعتقد مَن حاولوا سلب إرادته، وأشد عزماً ممن أرادوا به الشر.
في مثل هذه الأيام المجيدة، انتفض المصريون بأعدادٍ غير مسبوقة، رجالاً ونساءً، شباباً وشيوخاً، ليسطروا ملحمةً وطنية فريدة، عمادها الحفاظ على الوطن، أرضِه وهويته، استقلاله وحريته، من قوى تصورت أنها نجحت في السيطرة على مقدرات هذا الشعب.
لقد كانت ثورة الثلاثين من يونيو نموذجاً فريداً في تاريخ الثورات الشعبية، حيث يثور الشعب ويعلن إرادته واضحة جلية، فتستجيب له مؤسسات دولته الوطنية، في مشهدٍ تاريخي، لن يُمحَى من ذاكرة من عايشوه، وسيظل ملهماً لأجيالٍ مقبلة من أبنائنا وبناتنا.
أبناء مصر الكرام، سيتوقف المؤرخون والباحثون كثيراً، أمام ثورة الثلاثين من يونيو، بالدراسة والتحليل، واسمحوا لي في هذا السياق، أن أتوقف أمام ثلاثة مسارات مضت فيهم الثورة منذ انطلقت عام 2013 وحتى الآن، وهي التصدي للإرهاب، ومواجهة القوى الخارجية الداعمة له، وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية.
كانت بداية المسار الأول للثورة هي رفض الحكم الفاشي الديني، ورفض الاستئثار بالسلطة، ومواجهة ما يترتب على هذا الرفض من إرهاب وعنف، حيث أعلنت الثورة منذ البداية أن شعب مصر لا يقبل ولن يقبل سطوةَ أية جماعة أو فئة، حتى لو تسترت برداء الدين، وأكد الشعب المصري مجدداً حكمته الخالدة، بأنّ الدين لله والوطن للجميع، فرفضت مصر الرضوخ للإرهاب، سواء المادي أو المعنوي، وأمر الشعب قواته المسلحة وشرطته بمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
والآن، وبعد أربعة أعوام، نشهد جميعاً التضحيات الجسام التي يقدمها أبناء المصريين من القوات المسلحة والشرطة، نقف لها إجلالاً واحتراماً، ونجدد العهد جميعاً على المضيّ في معركتنا الشريفة العادلة، حتى النصر بمشيئة الله وتوفيقه.
أما المسار الثاني الذي فرضته ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة، فكان مواجهة القوى الخارجية الداعمة للإرهاب ولجماعات التطرف، حيث كانت ثورة يونيو إيذاناً بمواجهةٍ أكبر من مجرد التخلص من حكمٍ جائرٍ فقط؛ فكانت بدايةً لاستعادة مصر لدورها الإقليمي النشط، ومواجهتها للدول التي تسعى في المنطقة خراباً عن طريق تمويل ورعاية الإرهاب وجماعاته، وقيام مصر كذلك بمساندة الدول الشقيقة في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية.
واليوم، بعد أربع سنوات، بات صوت مصر مسموعاً، ورؤيتها لإعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط موضعاً للتقدير ومحلاً للتنفيذ.. وظهرت النوايا التي كانت مستترة، من بعض الأشقاء وغير الأشقاء، على حقيقتها، ووُضِع كلٌ أمام مسئولياته؛ فحياة الشعوب ومقدراتها لا يمكن العبث بها، وستظل مصر على عهدها أمام شعبها، وأمام الدول الشقيقة والصديقة: قوةٌ تعمل من أجل الاستقرار والأمان والسلام والرخاء.
وثالثاً، كان المسار الأخير الذي قرره الشعب المصري في ثورته في الثلاثين من يونيو، هو مسار التنمية بشقيها السياسي والاقتصادي.
فعلى الصعيد السياسي، قمنا بإعلان وتنفيذ خارطة طريق سياسية، تم بمقتضاها استكمال المؤسسات الدستورية للدولة، لتستقر الأوضاع السياسية في مصر، ويتم إعلاء الإرادة الشعبية، بعد فترة حرجة من عدم الاستقرار، الذي لا يمكن في ظله تحقيق أي تقدم أو تنمية.
وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي، انطلقت المشروعات الكبرى في أرجاء مصر كافة، وتم الشروع في تنفيذ برنامج طموح وجاد للإصلاح الاقتصادي، يستهدف تغيير واقع مصر ومعالجة ما طال أمده من مشكلاتها وأزماتها الاقتصادية.
واليوم، ورغم أن تغيير واقع الشعوب يحتاج لوقت طويل، إلا أننا يجب أن ننظر بفخر إلى ما حققناه ونحققه كل يوم؛ فالعين المنصفة لا يمكن لها أن تخطئ الجهود التنموية التي تحدث في مصر، سواء من حيث الإرادة السياسية للإصلاح، أو تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، أو تحسين بيئة الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على ضخ مزيد من الاستثمارات لتوفير فرص عمل جديدة ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
شعب مصر العظيم، لقد أردت أن أجدد العهد معكم، بمواصلة العمل ليل نهار، لاستكمال المسارات الثلاثة التي نتجت عن ثورة الثلاثين من يونيو، واسمحوا لي في ختام كلمتي، أن أوجه التحية لَكُم، إلى أبناء وبنات هذه الأرض الطيبة المباركة:
تحيةٌ إلى الشعب المصري، الذي رفض التطرف والإرهاب، وأصرّ على الحفاظ على هوية مصر كما صاغها الزمن على مر القرون، وطناً لجميع أبنائه دون تمييز أو تفرقة، وحصناً منيعاً في منطقتنا ضد الفوضى والدمار.
وتحيةٌ إلى هذا الشعب، الذي يتفهم بوعيٍ وحكمة، القرارات الصعبة التي يتعين اتخاذها، ويتحمل بشموخٍ وصبر مشاق الإصلاح الاقتصادي وأعبائه: ينظر إلى المستقبل بثقة، ويعلم علمَ اليقين أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
أتوجه إليكم جميعاً بكل التحية والتقدير والاحترام، وكل عام وأنتم بخير، ومصر العزيزة الغالية في رفعة وتقدم، ودائماً.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.