الترويج لجراحات التخسيس يعمق أزمة السمنة في مصر
المراكز الطبية التي تمارس جراحات التخسيس في مصر نجحت عبر وسائل الإعلان المختلفة في إزالة مخاوف المرضى من أضرار تلك الجراحات.
احتفل العالم في 11 أكتوبر الجاري باليوم العالمي لمكافحة السمنة عبر عديد من الفعاليات التي تحاول التوعية بأن الوقاية من السمنة عبر ممارسة النشاط البدني وتغيير العادات الغذائية السلبية، بدلا من الإقدام على جراحات علاج السمنة.
وتؤدي جراحات علاج السمنة لكثير من الأضرار الجانبية التي حذرت منها مؤخرا كثيرا من الدراسات العلمية، ومنها احتمالية حدوث قرحات بالمعدة، إلا أن المراكز الطبية التي تمارس هذه الجراحات في مصر نجحت عبر وسائل الإعلان المختلفة سواء في السوشيال ميديا أو وسائل الإعلام التقليدية، في إزالة مخاوف المرضى من هذه الأضرار حتى بات شعارهم على ما يبدو "تناول ما شئت وستجد الحل عند جراح التخسيس".
وعبرت شيماء فكري، واحدة ممن أقدمن مؤخرا على إحدى عمليات التخسيس عن هذا المعنى، قائلة لـ"العين الإخبارية": "لم أقلق أبدا على مؤشرات زيادة الوزن التي باتت تحذرني كل يوم أني أسير في الطريق غير الصحيح، فحالة ابنة خالتي التي كانت تفوقني وزنا وأجرت عملية تخسيس كانت تشجعني على أن لهذه المشكلة حلا".
وأجرت شيماء جراحة حديثة يتم الترويج لها على أنها تتيح للمريض إمكانية العودة مره أخرى للوضع الأصلي، إن لم يجد جراحة التخسيس ملائمة لها.
وتقول شيماء عن هذه العملية إنها تسمى بـ"عملية الفراشة"، وفيها يتم تدبيس المعدة على هيئة الفراشة باستخدام المنظار، بحيث تقسم إلى ثلث وثلثين، فيمر الطعام على الثلث الذي به مراكز الشبع، ثم يستأنف مساره الطبيعي داخل المعدة في الثلثين الآخرين.
وقبل ظهور تلك الصيحة الجديدة في عمليات التخسيس كانت عملية تكميم المعدة هي الأشهر، وفيها يتم استئصال جزء كبير من المعدة لتصغيرها عن حجمها الطبيعى، ويكون الجزء المتبقي لا يتعدى من 15 إلى 20% من الحجم الأساسي.
ويقول وائل فتحي، أحد من أقدموا على تلك العملية لـ"العين الإخبارية": "منذ أن التحقت بعملي كمحاسب في أحد البنوك، وأنا أوفر من دخلي الشهري حتى أستطيع إجراء تلك العملية، فقرار إجرائها اتخذته منذ كنت أدرس في الجامعة، ولكن لم تكن معي وقتها الأموال الكافية لتنفيذها".
ولا تشجع منظمة الصحة العالمية على هذه النوعية من الجراحات، وتؤكد دوما على أن ممارسة النشاط البدني بانتظام، هو الخيار الأكثر إتاحة وتوافراً والأيسر تكلفة، ما يسهم في الوقاية من الوزن الزائد والسمنة.
ووفق دراسة نشرتها دورية The Lancet global Healthفي أكتوبر 2017 وتبنتها منظمة الصحة العالمية في تقرير صادر عنها في سبتمبر الماضي، فإن 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعياً، كافية لمعالجة زيادة الوزن بما يمنع 8% من حالات الوفاة، ويخفض من معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 4.6% تقريباً.
وذهبت الدراسة إلى أن حالة النشاط الزائد الذي يصل إلى أكثر من 750 دقيقة من النشاط البدني في الأسبوع، يعطي مزيدا من المؤشرات الإيجابية، فتنخفض معدلات الوفاة 13% وتنخفض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 9.5%.
ويبدو أن نصيحة المنظمة الدولية لا تجد آذانا صاغية عند كثير من المصريين، وهو ما يجعل مصر في مقدمة الدول التي تعاني من هذه المشكلة وفق مؤشر أمن الغذاء العالمي الذي أطلقته شركتي دوبونت DuPont وإكونوميك إنتيليجنس Economic Intelligence Unit في عام 2014، حيث تحتل المركز الثالث بين دول العالم، بنسبة انتشار للمرض وصلت إلى 35% بين المصريين.
ويعزي الدكتور أيمن بداروي استشاري أمراض السمنة بكلية الطب جامعة القاهرة احتلال مصر لمركز متقدم في القائمة إلى انتشار وهم جراحات التخسيس، بما لا يشجع المصريين على تغيير عاداتهم الغذائية.
ويقول بدراوي لـ"العين الإخبارية": "للأسف مراكز التخسيس تبسط عملية جراحة إنقاص الوزن، وكأن المريض سيجري جراحة عادية جدا، مع أنها من أخطر الجراحات لتداعياتها السلبية مستقبلا على صحة الإنسان".
ويضيف أن التخسيس الذي تحدثه تلك العمليات بعضه يكون وقتيا، والبعض الآخر يؤدي إلى مشاكل صحية تستمر مع الإنسان طوال عمره مثل إصابته بالقيء الدائم.
ويرى بداروي أن علاج السمنة يبدأ بتغيير الثقافة الغذائية عند المصريين، فهناك مثلا اعتقاد بأن الطفل الصغير كلما كان وزنه كبيرا، كلما كان ذلك مؤشرا على صحته الجيدة، وهذه أكبر المشاكل التي تورث الإنسان المصري السمنة منذ صغره.
ويحذر من بعض العادات الغذائية السيئة مثل تناول الوجبة الرئيسية قبل النوم مباشرة، إضافة إلى الإفراط في تناول الوجبات السريعة، وعدم ممارسة أي نشاط بدني.
aXA6IDMuMTI5LjYzLjI1MiA= جزيرة ام اند امز