لقد ساعدتنا الإمارات كشعوب عربية أن نرفع صوتنا عالياً، ونحن نتحدث عن التسامح والسلام وتلاقي أبناء الديانات الإبراهيمية.
إن الواقعية السياسية التي تعتمدها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، جعلت من معاهدتها مع إسرائيل أمراً غير مستغرب بالنسبة لي كعربي متابع، ولكثيرين مثلي يراقبون المشهد، فالإمارات تقارب المسائل من منطلق واضح دون إخفاء أو مواربة، وتعلن للملأ ماقامت به، وتتحدث عنه بكل فخر وقناعة.
ولعل الزوبعة التي صاحبت الإعلان عن معاهدة السلامة الإماراتية الإسرائيلية برعاية أمريكية، مردها إلى ازدواجية المعايير لدى الإيراني والإخواني والقطري والتركي، وحتى بعض الأفراد الذين تجاوزوا حدودهم، وتطاولوا إعلامياً على رموز دولة عربية لم تبخل على القضايا العربية يوماً.
ولأن الإمارات العربية المتحدة داعمٌ قوي للشعب الفلسطيني ولكرامته وحقوقه ودولته ذات السيادة، كان قرارها الشجاع الذي أوقف عملية الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية، ومد جسور التواصل والعلاقات التي ستسخرها الإمارات لدعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ولتركيا أردوغان كما قطر تميم والحمدين علاقات مباشرة مع إسرائيل، ولم نجد إلا التبرير المستمر لتلك العلاقات من قبل المستفيدين والمطبلين ووصفها بـ"التطبيع المثمر"، ولكن حين تأتي الإمارات لتأخذ زمام المبادرة، ضمن أطر سيادية لدولة مستقلة باسم شعبها العربي الأصيل، وبقرار علني وعملي لصالح القضية الفلسطينية، يعزف أهل الشعارات والعنتريات ليلاً ونهاراً على وتر العدوان والتخوين.
وحتى الإرهابي حسن نصر الله زعيم ميلشيا حزب الله الذي لازالت لحيته تقطر بدماء الأبرياء، ولعل آخرهم في لبنان حيث صواريخ حزبه ومستودعاته التي من المرجح أنها تقف خلف كارثة مرفأ بيروت، ثم يخرج على جمهوره بخطاب شعاراتي ليهاجم الإمارات، وهو العميل الدائم لإيران والمنفذ لأجندة حرسها الإرهابي في طهران، والمدمر لمستقبل لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وبعيداً عن حفلات الذم والقدح، لقد ساعدتنا الإمارات كشعوب عربية أن نرفع صوتنا عالياً، ونحن نتحدث عن التسامح والسلام وتلاقي أبناء الديانات الإبراهيمية، وساعدنا الموقف الإماراتي على إعلاء صوت العقل والمنطق، وبحث سبل مساعدة المنكوبين وتخفيف آلامهم، بعيداً عن أساليب المتاجرة بهم وبنكبتهم.
و تؤمن الإمارات بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والخطوة الإمارتية الآنية جاءت بعد قراءات متأنية للواقع العربي المتصدع، وسبقتها دراسة معمقة لمعادلات ومعايير داعمة للقضية الفلسطينية، ولا نية توجد لدى الإمارات كي تبحث عن دور إقليمي مستقل، فهي تحرص على حماية حقوق العرب وتعمل معهم تحت سقف مبادرة السلام العربية.
أما السلام المستدام، والحوار الذي يفضي إلى الحل، والتفاوض الذي يحسم الخلافات، فإنه عدو لهؤلاء المتسلطين على رقاب الشعب الفلسطيني المنكوب، وماقامت به الإمارات يشكل عائقاً لمشاريعهم الشخصية، ومصالحهم الضيقة، ولوكانت الإمارات مثل قطر تدفع لهم رشاوى وتشتري ذمم بعضهم، لوجدناهم يسبحون بحمد الاتفاق، وينظمون الأشعار بما فعلته أبوظبي.
وبما أن رجب طيب أردوغان دخل على خط المنتقدين للإمارات، فإنه أصبح أضحوكة للجميع، كونه يقيم علاقات رسمية وشخصية مع إسرائيل من سنوات طويلة، والأسوأ من ذلك وصفه القضية الفلسطينية بـ اللقمة غير السائغة للآخرين، وهذا الوصف يفضح طبائع أردوغان الذي لديه شهيةٌ شرهة كي يأكل كل شيء وأي شيء، ففلسطين كلها بالنسبة له لقمة ولم يصفها حتى بالوجبة، ويظن أن العرب مثله، وسينافسه بعضهم على التهام جزء من تلك اللقمة، فهو يريد افتراسها وحده، وهذا بالفعل ما يفعله كل يوم، فلا تاريخ له يذكر في مساعدة فلسطين وشعبها إلا بالشعارات .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة