تمر الأيام تباعاً في مسلسل تعامل الدول الخليجية ومصر مع قطر، وينتظر البعض خيار الحسم من طرفي الأزمة، وصحيح أن التدابير السياسية والأمنية والاقتصادية قد اتخذت وبدأ تنفيذها
تمر الأيام تباعاً في مسلسل تعامل الدول الخليجية ومصر مع قطر، وينتظر البعض خيار الحسم من طرفي الأزمة، وصحيح أن التدابير السياسية والأمنية والاقتصادية قد اتخذت وبدأ تنفيذها، إلا أنه من الواضح أن الجانب القطري، وبعد أيام من قطع العلاقات الدبلوماسية لم يرتدع ولجأ لمخطط بديل، وهو محاولة إدارة الأزمة عبر توسيع أطرافها وممارسة دور ضاغط إقليمياً ودولياً، ومحاولة إدخال أطراف آخرين ما بين وسطاء ومنفذي دور مرسوم لهم قطرياً بعناية في ظل تأكيد الأشقاء في الكويت بأن وساطتهم لا تزال قائمة وأنهم يحاولون تفكيك عناصر الأزمة حتى الآن، إلا أن الملاحظ أن الجانب القطري يوظف كل أوراقه وحساباته وتقييماته على مجمل المواقف الراهنة والمحتملة ويتعامل معها، ومن اللافت أن خبراء واستشاريين وعدداً من مراكز البحوث وبيوت الخبرة الدولية دخلت على خط الأزمة، وبدأت في تبني الموقف القطري الذي يبدو أنه سيستمر في خطه بدون تراجع في ظل محاولات قطرية واضحة بعدم الالتزام بأي تحرك مع فصل التعامل في النطاق الخليجي عن الدولي، والعودة للاستقواء بالجانبين الإيراني والتركي، وهو ما سيراهن عليه القطريون في المدى القريب، وفي ظل تعدد مسارات الحركة القطرية في اتجاهات روسية وأوروبية وأمريكية، وهو ما يقر بوجود تكتيك قطري واضح ولوبي سياسي متعدد الاتجاهات يتشكل في مواجهة المواقف القطرية التي لم ترتدع ولن ترتدع مع الحرص على عدم الاقتراب من خيارات عسكرة الأزمة، برغم طرحها نظرياً، وفي ظل غياب أية معلومات عما يجري داخل القصر الأميري، ومدى ما يتمتع به الشيخ تميم من مصداقية وقبول شعبي بعد الإجراءات التي اتخذت ودخلت حيز التنفيذ، وفي ظل حالة من عدم وضوح رؤي الخيارات القطرية، وهل يمكن أن ترتيب الأولويات من داخل قطر ذاتها وعلى يد أمراء نافذين يملكون التأثير بما في ذلك الأمير الوالد وأسرة المسند وآل ثاني، أم أن الأمر سيمضي في حال سبيله، حيث الرهانات الصفرية في التعامل مع تداعيات الأزمة وليس أسبابها، وهو ما قد يعمل عليه القطريون الذين يضمرون البدائل والسياسات تجاه دول الخليج ومصر، ولكل حادث حديث يمكن أن يوضع موضع التنفيذ، وهو ما يؤكد على أن القطريين يسعون لتطويل أمد الأزمة وعدم حسمها، ولن يقدموا على تقديم تنازلات مؤلمة، وبالتالي فإن الاستمرار في إدارة الأزمة بهذه الصورة يدفع لطرح سؤال مهم، وهو هل يمكن أن نتعايش مع الأزمة بكل أطرافها وتداعياتها أو بمعنى أصح هل نقبل بالتعامل مع قطر الإرهابية شئنا أم أبينا؟ أم ننتظر إلى حين تتضح ملامح التغيير في السياسة القطرية بعد دخول التدابير والإجراءات الأمنية والاستراتيجية حيز التنفيذ؟
لكي لا نتعايش مع قطر الإرهابية علينا أن نحدد كيف نرتب البدائل والخيارات الأخرى في التعامل مع مسارات الأزمة، وليس خليجياً ومصرياً فقط، وإنما أيضاً تجاه الجانبين التركي والإيراني إقليمياً وأمريكياً وروسياً دولياً
ولن يتم هذا الأمر إلا بعد أشهر من الآن، وهو ما يعني أن الأزمة لن تحل بالصورة التي يتصورها البعض وتعامل معها من هذا المنطق، وفي ظل مخاوف دولية من توجه كل طرف للبحث عن مصالحه مع قطر، وهو ما سيجعل الأزمة مستمرة وممتدة وربما وصلت لمنحنيات جديدة بالفعل، وبهدف إنجاح المساعي القطرية في كسر حالة المقاطعة وتطويق التحركات الخليجية المتصاعدة، خاصة أن الأسماء الإرهابية وكياناتها موضوع سلفاً على قوائم الإرهاب في العالم من قبل، ومن خلال وزارة الخزانة الأمريكية التي باشرت تحقيقات عديدة في هذا السياق، وبالتالي فإن توسيع القوائم والكيانات سيكون مهماً، وإضافة الأسماء الجديدة سيؤكد إرادة مباشرة سياسياً وأمنياً للتعامل مع الأزمة، وليس فقط إصدار قوائم نظرية.
تدرك إذن قطر أن تحركاتها مرصودة ومتابعة، وأن التحرك إزاء روسيا أو الولايات المتحدة تحكمه حسابات سياسية معينة، حيث تتداخل السياسة والأمن والاقتصاد والاستثمار بأحاديث الصفقات التجارية، ومشتريات السلاح التي تعد الورقة الرابحة في هذا السياق، والتي ستكون المدخل الأساسي للتعامل مع الأزمة وتفكيك عناصرها، ولكي لا نتعايش مع قطر الإرهابية علينا أن نحدد كيف نرتب البدائل والخيارات الأخرى في التعامل مع مسارات الأزمة، وليس خليجياً ومصرياً فقط، وإنما أيضاً تجاه الجانبين التركي والإيراني إقليمياً وأمريكياً وروسياً على المستوى الدولي، في ظل تركيز قطر على الفعاليات الدولية بالأساس، حيث سيبقى الرهان على الإقليم وأطرافه بصورة لاحقة، وبالتالي فإن إدراك الجانب القطري بأننا لن نقبل خليجياً وعربياً استمرار إدارة الأزمة مع العزف على إطالة أمدها لحين تحقيق نجاحات مباشرة هو الذي سيدفعها إلى عدم الدخول في لعبة المساومات، وتكرار الخطاب السياسي منذ بدء الأزمة والدخول بصورة مباشرة في تفاوض حقيقي بدعم إقليمي أو دولي للتجاوب مع المطالب الخليجية المباشرة من منطق سياسي حقيقي وليس التكرار، والإشارة إلى خطاب مكرر حول فكر الوصاية والتدخل السافر في الشؤون القطرية التي تدخلت في كل قضايا العالم بدون أية اعتبارات أو قواعد، ووظفت قدرات الشعب القطري وموارده وثرواته في هز الاستقرار في العالم، وهو ما يؤكد أن على القطريين مراجعة أنفسهم أولاً وأخيراً بدلاً من محاولات الإفلات من الأزمة بطرق وحيل معلومة ومفهومة للجميع، وهو ما ندركه خليجياً وعربياً.
لا يمكن التعايش إذن مع قطر الإرهابية لا في الإقليم العربي أو خارجه، ولن تقبل الدول العربية في نهاية المطاف أن تمارس قطر تهديداتها استقواءً بعلاقاتها بتنظيمات إرهابية وحركتها في المنطقة وخارجها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة