وسائل التواصل في باكستان تنتقد إفلات "مجرمي" الشرطة من العقاب
الآلاف في باكستان يتعرضون لما يسمى بـ"القتل خلال مواجهات"، وهي أحداث تفيد الشرطة بأن المشتبه فيهم قاوموا عمليات اعتقالهم لذا تم قتلهم.
تهدد وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط ثقافة إفلات بعض رجال الشرطة من العقاب في باكستان، إثر عمليات إطلاق نار بررتها الشرطة بأنها "تمت خلال مواجهات مع مشتبه فيهم انتهت بقتلهم"، وتشدد بعدها على أنهم إرهابيون أو لصوص.
وفي فيديو انتشر يظهر 5 شرطيين باكستانيين يشهرون أسلحتهم ويطلقون النار مباشرة على سيارة متوقفة، وبعدها يقتربون منها ويسحبون من بين الجثث، 3 أطفال يبكون.
المقطع المسجل الذي صوّره شاهد صُدم بعملية القتل، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اضطر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى تهدئة موجة الغضب من ثقافة الإفلات من العقاب المنتشرة بين عناصر الشرطة.
وقُتل الآلاف خلال السنوات الأخيرة في باكستان في ما يسمى بـ"القتل خلال مواجهات"، وهي أحداث تفيد الشرطة بأن المشتبه فيهم قاوموا عمليات اعتقالهم لذا عمدت إلى قتلهم، وتدرجهم الشرطة بعد ذلك على أنهم إرهابيون لتعزيز الإحصاءات.
وخلال هذه "المواجهة" الأخيرة، أطلق النار على عائلة في وضح النهار في مدينة سابيوال الشهر الماضي، ما أدى إلى سقوط 4 قتلى، من بينهم الوالدان وابنتهما المراهقة.
ونجا من ذلك الحادث 3 أطفال بينهم عمير خليل، البالغ 9 سنوات، الذي أخبر الصحفيين لاحقاً بأن عناصر من الشرطة أطلقوا النار عليهم، رغم أن الوالد عرض عليهم الأموال لكي يتركونهم وشأنهم.
وقال عمير في المقطع المصور الذي انتشر بشكل واسع على وسائل الإعلام الباكستانية، ومواقع التواصل: "قال لهم والدي أن يأخذوا المال وألا يطلقوا النار، لكنهم لم يتجاوبوا معه".
وفي البداية، برر الشرطيون الذين أطلقوا النار فعلتهم بأن إرهابيين على علاقة بتنظيم داعش كانوا في السيارة، وقد استخدموا أفراد العائلة كدرع بشرية، إلا أن هذه "المواجهة" مختلفة عن المواجهات الأخرى، إذ إنها صورت على الهواتف وبثّت على الإنترنت.
وتراجعت السلطات عن موقفها مع نمو الغضب وتعهد رئيس الوزراء بإنزال عقوبات بالمذنبين "تشكل عبرة للآخرين".
وبعدها وجهت إلى 5 من عناصر الشرطة تهمة القتل، فيما شهدت مدينة لاهور المجاورة احتجاجات وتظاهرات.
وقال الناشط في حماية الحقوق الرقمية الباكستاني هارون بالوش: "يعرف الناس أن الفيديو الذي يسجل بواسطة الهاتف له وقع أكبر من كاميرات قناة إخبارية".
وأضاف: "إن لم يسجل أحد الشهود حادث سابيوال، ما كان أحد ليلاحظ عملية التصفية هذه خارج نطاق القضاء".
ويعد هذا الحادث أحدث مثال على الطريقة التي تغير بموجبها الهواتف علاقة الباكستانيين بالسلطة بشكل جذري.
فخلال الانتخابات التي نظمت في الصيف، انتشرت فيديوهات بشكل واسع على وسائل التواصل تظهر ناخبين غاضبين يوبخون مسؤولين منتَخبين فشلوا في خدمتهم.
القتل مع الإفلات من العقاب
وحادث سابيوال وقع بعد سنة تقريباً على حادث مماثل قتل خلاله شاب شهير على مواقع التواصل الاجتماعي في كراتشي، أدى إلى بروز حركة مطالبة بحقوق جماعة الباشتون في البلاد.
و"حركة حماية الباشتون" هذه ناشطة على وسائل التواصل، وهي تنشر فيديوهات مصورة من الهواتف، مشكلة بذلك ضغوطاً أكثر على السلطات.
إلا أن عمليات القتل مستمرة، ويقول محلّلون إن هناك حاجة إلى إصلاحات للوقوف في وجه إفلات أفراد الشرطة من العقاب.
وقال مهدي حسن، رئيس اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في باكستان: "قتل الناس وجعل الحادث يظهر كأنه مواجهة، ثقافة منتشرة بين أفراد الشرطة في باكستان".
وتظهر بيانات اللجنة أن 4803 أشخاص قتلوا في باكستان خلال "مواجهات" مماثلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة وحدها.
وأضاف حسن أنه على الشرطيين "أن يُدرّبوا بشكل صحيح لتجنب حصول حوادث مماثلة في المستقبل".