الإمارات والسعودية تعلمان جيداً أن إيران تمثل عنصر الاضطراب والتخريب والإرهاب ليس في اليمن فقط أو منطقة الخليج العربي والعالم العربي.
هذه الأيام يدور لغو كثير وأحاديث مستفيضة البعض، منها متشنج أو حتى غير واعٍ حول تواجد دولة الإمارات الإنساني والعسكري والأمني في جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في منطقة بحرية نائية عن شواطئ اليمن وجنوب الجزيرة العربية، وعلى الطريق البحري الموصل بين مضيقي باب المندب وهرمز عبر بحر العرب وخليج عُمان. هذا التواجد المكثف لدولة الإمارات، والذي تبعه بعد ذلك طلائع لتواجد عسكري للمملكة العربية السعودية لم يحدث من فراغ، بل من أسباب إنسانية واستراتيجية وأمنية طرأت على أرض سقطرى والمياه المحيطة بها.
الإمارات والسعودية تعلمان جيداً أن إيران تمثل عنصر الاضطراب والتخريب والإرهاب ليس في اليمن فقط أو منطقة الخليج العربي والعالم العربي، بل إنها لو تواجدت في سقطرى أو غيرها من جزر اليمن المتناثرة في بحر العرب والبحر الأحمر ستشكل خطراً حتمياً على طرق المواصلات العالمية وشبكات النقل وخطوط إمدادات النفط في بحر العرب والبحر الأحمر.
وتطرق القليلون لأهمية الجزيرة الاستراتيجية لما يدور حالياً من حرب في اليمن، وغالباً ما تم التناول من الجوانب التاريخية وعمليات الدعم والإغاثة الإنسانية التي قامت بها دولة الإمارات بشكل دؤوب ومكثف، خاصة بعد أن ضرب الإعصار الجزيرة.
سأقوم بالحديث حول أهمية الجزيرة اللوجستية لإيران لكي تدعم من خلالها عملائها في اليمن، أي «الحوثيين» ومن والاهم. وهنا لا بد من التساؤل حول النشاط «الحوثي - الإيراني» في بحر العرب، وما الذي تريد إيران تحقيقه؟ وما هو حجم تواجدها العسكري والاستخباري في المنطقة؟ وما هي أهمية ذلك التواجد من زاوية دعم «الحوثيين»؟ وما تأثير ذلك على ميزان القوى في بحر العرب ما بين التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن وبين «الحوثيين» ومن يسير وراءهم ويدعمهم؟ وما هو تأثير تواجد إيران بقوتها الغاشمة على الدول المطلة على الخليج العربي وخليج عُمان وبحر العرب؟
وبالتأكيد أن الاستراتيجية الإيرانية - «الحوثية» في سقطرى تهدف إلى فرض الوجود البحري الإيراني في مياه بحر العرب، لكي تتمكن من وراء ذلك جعل الجزيرة مركزاً للدعم اللوجيستي لـ«الحوثيين» عن طريق تهريب الأسلحة والمعدات والصواريخ الباليستية التي تضرب بها المدنيين الآمنين في مدن المملكة العربية السعودية، هذا بالإضافة إلى تحويلها إلى مركز لتدريب الإرهابيين والانقلابيين والمرتزقة الذين يقاتلون في صفوف «الحوثيين» وأعوانهم.
في خضم التآمر الإيراني - «الحوثي» على مستقبل سقطرى، تنبهت دولة الإمارات إلى المخططات والنوايا الإيرانية باكراً، فعززت من تواجدها بجميع جوانبه لكي تعيق تلك المخططات والنوايا وتشلها شللاً تاماً.
الإمارات والسعودية تعلمان جيداً أن إيران تمثل عنصر الاضطراب والتخريب والإرهاب ليس في اليمن فقط أو منطقة الخليج العربي والعالم العربي، بل إنها لو تواجدت في سقطرى أو غيرها من جزر اليمن المتناثرة في بحر العرب والبحر الأحمر ستشكل خطراً حتمياً على طرق المواصلات العالمية وشبكات النقل وخطوط إمدادات النفط في بحر العرب والبحر الأحمر.
جميع هذه التقاطعات والتداخلات تثبت أن الاندفاع الإيراني - «الحوثي» نحو سقطرى لا يدخل في باب المجادلة بين طرفين هما التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن - إيران و«الحوثيين»، ولا في خانة المجابهة العابرة بينهما، بل يتجاوز ذلك إلى أبعاد أخرى أكثر عمقاً، لم ينتبه إليها أولئك الذين حاولوا التشويش على التواجد الإنساني والعسكري - الاستراتيجي لدولة الإمارات، لكن الاهتمام الإيراني بهذه المنطقة الممتدة من الخليج العربي إلى ما بعد السواحل الإريترية والسودانية هو جزء من استراتيجية دولة توسعية تركز على المداخل والجزر والسواحل المحيطة بالخليج العربي والجزيرة العربية بغرض النيل من أمن وسلامة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والبحرين واليمن وغيرها من دول المنطقة العربية، الأمر الذي أدركته دولة الإمارات وتعمل على استباق الأحداث بشأنه سريعاً لحماية جزر ومياه دول الجزيرة العربية.
هذا الأمر يجب أن يحسب في صالح النظرة الثاقبة والحس الاستراتيجي وبعد النظر السياسي الذي تتمتع به الإمارات، فعملت منذ فترة مبكرة على القيام بالتدابير الكفيلة وسد الطريق أمام سياسات الأمر الواقع التي تمارسها إيران تجاه دول العالم العربي، ويكفينا الإشارة إلى العبث الذي قامت به إيران حتى الآن في العراق وسوريا ولبنان والبحرين لكي نعزز طرحنا هذا، فلله درك يا إمارات الخير والعطاء وسدد الله خطاك لحماية الحقوق العربية من كل شر وسوء تنويه إيران، وهنيئاً لأهل سقطرى هبة إخوانهم أهل الإمارات لنصرتهم ونجدتهم وإغاثتهم وتقديم كل ما يمكن تقديمه لهم من حماية وعون ومساندة.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة