دراسة فرنسية تكشف استراتيجية التنظيمات الإرهابية الهجينة
"حزب الله وداعش والقاعدة" تسعى لطمس أنشطتها الإجرامية
حزب الله وداعش والقاعدة تتخذ أنشطة إنسانية لطمس الحدود بين أنشطتها الإجرامية والاجتماعية.. استراتيجية "الحرب الهجينة" كشفها معهد فرنسي.
سلطت دراسة أعدّها معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي الضوء على استراتيجية التنظيمات الإرهابية؛ لمحاولة إضفاء الشرعية على أنشطتها الإجرامية، بأنشطة إنسانية واجتماعية أخرى، وهي ما يطلق عليها "التنظيمات الهجينة".
وحذرت الدراسة من عواقب تصديق المجتمعات المحلية والدولية للوجه الظاهري لها لإضفاء شرعية عليها، ثم بث سموم أنشطتها الإجرامية، وبينت أن أبرز تلك التنظيمات "القاعدة، وحزب الله، وداعش".
وذكرت الدراسة أن "أي منظمة إجرامية، تطلق على نفسها "منظمة هجينة" عندما يكون لديها القدرة على الحضور بأوجه مختلفة مختلطة، فلا تنحصر أنشطتها على الأعمال الإجرامية فحسب، إذ تستثمر في أنشطة مشروعة لتضفي الشرعية على وجودها، بتمويل أعمال تجارية وسياسية واجتماعية وإنسانية".
ولفت المعهد إلى أن شكل التهجين الذي تتناوله الدراسة، هو أن تكون لتلك التنظيمات أنشطة إجرامية، مع أنشطة اجتماعية وإنسانية، وهي استراتيجية التبرير المستخدمة لمحاولة إضفاء الشرعية.
تنظيم "القاعدة"
وطرحت الدراسة أمثلة على تلك التنظيمات، أبرزها تنظيم "القاعدة" الإرهابي، في اليمن، الذي قدم بعض الدعم للسكان لمد نفوذه إلى ما وراء أنشطته الإجرامية، في محاولة لإضفاء الشرعية على التنظيم الإرهابي.
وأشار المعهد الفرنسي إلى أنه "من الضروري أن نفهم سير عمل تلك التنظيمات واهتمامها إذا كنا نريد محاربة تأصيل وانتشار هذه التنظيمات الإجرامية في المجتمعات"، موضحة أن "التعتيم الناجم عن هذا "التهجين" يجعل تعريف وتصنيف هذه العناصر الإرهابية أمرا معقدا في غاية الصعوبة.
وتابعت: "أكبر مثال على ذلك، هو "حزب الله".. هل هو حزب سياسي أم منظمة خيرية أم منظمة إرهابية؟".
"حزب الله"
وأوضحت الدراسة أن "الاتحاد الأوروبي أدرج الجناح العسكري لحزب الله على قائمة التنظيمات الإرهابية، على عكس الولايات المتحدة التي تعتبره ككل إرهابيا".
هذا التباين بين الرؤية الأمريكية والأوروبية حول ماهية التنظيم سببه الرئيسي هو الاختلاف حول طبيعة نشاط المنظمة؛ لكون استثماراته في مجالات عدة مثل التسليح، والحياة السياسية، والبنى التحتية الاجتماعية، والأنشطة التجارية، وهو ما يعمل على طمس الحدود الفاصلة بين أنشطة المليشيات الإجرامية وأنشطتها المشروعة.
وأشارت الدراسة في هذا الصدد باعتبار مليشيا حزب الله أنفسهم أحد الجهات السياسية الفاعلة المشروعة من صناع القرار، وكذلك دخولهم في قلب مؤسسات دينية للحصول على قاعدة اجتماعية واسعة، لكون الشرعية الشعبية أقوى الشرعيات في مواجهة الدولة.
وأكدت الدراسة أن العمل الاجتماعي الإنساني يُعد وسيلة استراتيجية قوية إذ يصنع جهة اتصال مباشرة وإيجابية مع الشعب، وهو ما يطلق عليه "القوة الناعمة"، ويكون ذلك ببناء أو إعادة تأهيل البنية التحتية في قطاع الثقافة، والرياضة، والصحة، أو البنية التحتية لتحسين الأحوال المعيشية للشعب". خاصة عندما يكون من جهة غير تابعة للدولة، بإنشاء نظام موازٍ له قوانينه الخاصة وتمويله. وشبهت الدراسة ذلك النظام بـ"المافيا".
"داعش"
وحول دور الجانب الإنساني في ممارسة النشاط الإجرامي، طرحت الدراسة مثالا على ذلك بتنظيم "داعش" الإرهابي الذي يدير مدارس، ويفتح مكاتب للشكاوى، ويوزع مواد غذائية، في محاولة لاكتساب الشرعية التي يفتقدها.
لذا فإن تلك العصابات المسلحة، تعتبر أن التغيير الاجتماعي ليس وسيلة بل غاية في حد ذاته.
وأوضح المعهد أنه "للأسف كثيرا ما يناقش المنظرون في مجال العلاقات الدولية إشكالية التنظيمات الهجينة بين الأعمال الإجرامية والأنشطة الاجتماعية، ولكن دون فهم وتعميق لتطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب والجريمة.