خبراء يمنيون لـ"العين": "السيف الحاسم" نهاية لتنظيم القاعدة في الجنوب
"السيف الحاسم" عملية عسكرية جديدة أطلقها التحالف العربي باليمن، وسط متابعة دولية وعربية، فكيف قرأها الجنوبيون؟
خلال السنوات الـ3 الأخيرة شهد اليمن تطورات استراتيجية في سير المعارك ضد الجماعات الإرهابية، وتحديداً منذ إطلاق التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عملية "عاصفة الحزم"، ما جعله ينتقل من "مربع الكر والفر" إلى مربع "الهجوم" على مخابئ عناصر القاعدة وأوكار انقلابي الحوثي؛ سعياً لطرد تلك التنظيمات الإرهابية.
هذه التحولات، رأى خبراء يمنيون، أنها تتوج اليوم بعملية "السيف الحاسم" في مديرية "الصعيد"، إحدى مديريات محافظة شبوة باليمن، وتوقعوا أن تكون العملية العسكرية الجديدة بمثابة النهاية لتنظيم القاعدة في الجنوب.
وعزا الخبراء الجنوبيون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، هذا التوقع إلى 3 أسباب بين داخلية وخارجية، تتمثل في مشاركة النخبة الجنوبية للتحالف العربي، واستمرار العمليات في إطار خطة استراتيجية لطرد القاعدة من المناطق المحررة، والتي تتزامن مع تحركات دولية وإقليمية لمحاربة الإرهاب.
النخبة الجنوبية والتحالف.. معاً ضد القاعدة
المحلل السياسي والإعلامي جمال محسن باراس، قال لـ"العين الإخبارية": إن "عملية السيف الحاسم التي أطلقها التحالف، امتداد لعملية الفيصل (فبراير الجاري) التي قامت بها النخبة الحضرمية بمشاركة التحالف شرق اليمن، واستطاعا خلالها دك واحد من أهم معاقل القاعدة وهو وادي المسيني".
وتابع باراس أنه منذ 25 سنة لم تستطع أي قوة عسكرية دخول هذا الوادي، حيث كان مركز تدريب رئيسيا للقاعدة، لكن النخبة الحضرمية نجحت في ذلك، خاصة أنها قوات مكونة من أبناء الجنوب ومدربة تدريبا عاليا، ويدعمها التحالف في حربها ضد الإرهاب، بعدها فر معظم فلول القاعدة إلى شبوة عبر الجبال الممتدة بين المحافظتين، فيتكرر مشهد الشراكة نفسها بين النخبة الجنوبية والتحالف العربي ضد القاعدة.
علي صالح الخلاقي، الخبير السياسي والعسكري اليمني اتفق مع الرؤية السابقة، وقال لـ"العين الإخبارية": إن عملية السيف الحاسم تعد استمرارا لعمليات النخبة والتحالف؛ لاجتثاث فلول الجماعات الإرهابية في المناطق الجنوبية المحررة، خصوصا أنها تأتي بعد فترة وجيزة على النجاح الكبير الذي حققته النخبة الشبوانية المدعومة بالتحالف العربي، وبإسهام قوات الإمارات العربية في وادي المسيني في حضرموت.
وفي اتصال هاتفي، يضيف الخبير الجنوبي أن استمرار نجاح هذه العمليات يأتي متناغما ومتزامنا مع المواجهات التي تقوم بها قوات التحالف العربي في مواجهة الانقلابيين الحوثيين، فالخطر الذي تمثله القاعدة لا يقل عن خطر الحوثيين، فجميعهم يستهدفون بشكل أساسي المناطق المحررة، وبالأخص المحافظات الجنوبية؛ بحثاً عن ملاذ آمن، وقد رأينا كيف استغلت القاعدة فترة المواجهات مع الحوثيين ووجدت لها مناطق تنشط بها.
بُعد آخر أشار إليه صالح المنصوب، وهو ناشط حقوقي يمني، يربط بين العملية العسكرية والتفجير الإرهابي الأخير في عدن، الذي أوقع 5 قتلى وأصاب 31 آخرين.
وفي تصريحات خاصة عبر الهاتف، قال المنصوب لـ"العين الإخبارية": ما يحدث في محافظة شبوة هو اجتثاث لتنظيم القاعدة ومحاصرته، ولا يمكن أن نغفل أنها عملية متزامنة مع التفجير الإرهابي في عدن، ما يعني أن هناك تركيزا على تجفيف منابع الجماعات الإرهابية، أما أن التركيز على شبوة؛ فلأنها حاضنة لتنظيم القاعدة الذي يشكل خطراً على المنطقة بأكملها.
ورأى المنصوب أن "العاصمة المؤقتة عدن في حاجة إلى عملية كهذه، في ظل حدوث تفجيرات واغتيالات مستمرة"، مستطرداً أن أهمية البدء بشبوة ترجع إلى قطع الطريق على المتطرفين من القيام بعمليات إرهابية بها، لا سيما أن المنطقة نفطية ولها أهميتها الاستراتيجية.
وتابع الناشط الجنوبي: أيضاً شبوة منطقة مفتوحة تنشط فيها عمليات التهريب للسلاح وغيرها باتجاه البيضاء والمحافظات القريبة، ما يعزز أهمية التعاون بين النخبة والتحالف ضد القاعدة.
من "الفيصل" إلى "السيف الحاسم".. استراتيجية نوعية
ويرى الخبراء اليمنيون أن قيام التحالف بتحرُّكين ضد القاعدة في أقل من شهر، يأتي في إطار خطة استراتيجية من أجل القضاء على معاقل تنظيم القاعدة في الجنوب كافة.
وقال باراس لـ"العين الإخبارية": إنها "استراتيجية نوعية"، متوقعا استمرار هذه العمليات ولن تتوقف عند صعدة، بل ستتجه إلى مديريات أخرى مثل الروضة وحبان وعزان، وبعد تطهير شبوة بالكامل ستكون محافظة أبين المحطة التالية.
وتابع قائلا: "لن يترك التحالف ولا النخبة الجنوبية وكراً للقاعدة في الجنوب، إلا وسيقضون على كل الفلول به، ويحررون كل نواحي الجنوب".
علي الخلاقي بدوره، قال: إن هذه النجاحات التي تأتي في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى القضاء على هذه الجماعات الإرهابية، التي يمثل وجودها خطرا، ليس فقط على المناطق المحررة ولكن أيضاً على الأمن والسلام في الإقليم والمحيط الدولي، خاصة أن الإرهاب يستهدف الجميع.
وتوقع الخلاقي أن تستمر هذه الاستراتيجية لحين "التخلص نهائياً من البؤر كافة التي تلجأ إليها الجماعات الإرهابية".
وقبل عملية السيف الحاسم بأيام حررت قوات النخبة الحضرمية وادي المسيني بالكامل من عناصر تنظيم القاعدة، الأمر الذي كبد التنظيم عشرات القتلى، في عملية هجومية لعبت فيها القوة الجوية للتحالف دورا فاعلا، بالأخص في تدمير أوكار التنظيم.
كما أظهرت القوات الأرضية للتحالف مدى جاهزيتها القتالية في مكافحة الإرهاب، هذه العمليات تنسيق دولي وإرادة دولية للقضاء على الإرهاب.
تحركات دولية وإقليمية لمحاربة الإرهاب
وبحسب الخبراء اليمنيين، فإن هناك سببا ثالثا يبشر بنهاية القاعدة في الجنوب، وهو توقيت العمليات العسكرية التي يقودها التحالف العربي، والتي تتزامن مع تحركات دولية وإقليمية لمحاربة الإرهاب.
فمن جانبه، قال الإعلامي "جمال باراس" إن "السيف الحاسم تؤكد التنسيق الدولي من أجل الإرهاب، فهي تتزامن مع تحركات الجيش المصري في سيناء (شمال شرق)، والتحركات الدولية في سوريا والعراق، ما يعني أن المعركة الحالية ضد الإرهاب أصبحت شاملة".
وعزا المراقب اليمني شمولية المعركة، إلى أن هناك مخاوف دولية وإقليمية من انتقال القاعدة إلى مناطق جديدة، لذا تشن جميع الجهات معركتها على الأوكار التي يوجدون بها، ما يسهل القضاء عليهم بصورة نهائية".
الربط نفسه، ذهب إليه الخبير اليمني "علي الخلاقي" الذي قال: إن وجود القاعدة في اليمن يشكل خطراً على باقى المنطقة والإقليم، فهو مشابه لما تعانيه مصر في حربها ضد الإرهاب في منطقة سيناء.
وأوضح الخلاقي أن "توحيد الجبهات لمحاربة الجماعات الإرهابية يصب في صالح استقرار المنطقة والعالم".
"السيف الحاسم".. رسالة عالمية من التحالف
وبعيداً عن الأسباب التي ستؤدي إلى نهاية القاعدة في الجنوب، رأى محمد السدح، مستشار محافظ صنعاء، أن عملية السيف الحاسم التي انطلقت اليوم لإخماد آخر ما تبقى من التنظيمات الإرهابية في شبوة، جاءت لتحمل رسالتين رئيسيتين للعالم؛ وهما أن التحالف العربي لن يسمح لليمن بالانزلاق في مستنقع الخراب والدمار، ولن يسمح بأن يكون ساحة مفتوحة للجماعات الإرهابية.
وفي تصريحات عبر الهاتف لـ"العين الإخبارية" أضاف المسؤول اليمني أن: التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، يرسل رسالة لكل العالم بأننا واليمنيين شركاء، وأن أمن اليمن يهمنا لأنه جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، كما أننا لن نترك اليمن فريسة لإيران أو أي تنظيم إرهابي مثل القاعدة والحوثيين ممن يحاولون زعزعة أمن المنطقة.
وأثنى "السّدح" على دور الإمارات في دعم اليمن قائلًا: تنظيم القاعدة كان يسيطر على بعض مديريات شبوة منذ 4 سنوات، لكن النخبة الجنوبية استطاعت بمساندة القوات الإمارات تطهيرها من بقايا القاعدة، والجميع لاحظ كيف قدمت الإمارات التضحيات في اليمن لمساندة الأشقاء اليمنيين، وهو دور يستحق الثناء والشكر، فبعد عملية اليوم هذا التنظيم سينتهي ولن يكون له مكان في الجنوب.
aXA6IDMuMTcuNzkuMTg4IA== جزيرة ام اند امز