قطيعة الصومال وكينيا.. ثلاثية حركة الشباب وفرماجو والنفط
كينيا لا تزال الملجأ الأكبر لعدد كبير من الصوماليين الذين فروا من ويلات وجحيم الحرب الدائرة في مناطق عدة ببلادهم
ظلت العلاقات الكينية الصومالية تتتميز بروابط عدة أهمها التداخل بين الشعبين على طول الحدود، إلا أن أزمات ظلت تلاحقها بداية من إرهاب "حركة الشباب" مرورًا يسياسات الرئيس الحالي عبدالله فرماجو، وصولا إلى خلافات نفطية، لينتهي الأمر بقطيعة دبلوماسية.
محاكمة عسكريين صوماليين بتهمة بيع أسلحة في أسواق مقديشو
وتجسد هذا التهديد في العمليات المسلحة التي تمارسها حركات عدة من داخل الأراضي الصومالية عقب تدهور الأوضاع منذ أحداث 1990 ودخول القوات الأمريكية البلاد، وظهور جماعات مهددة لأمن منطقة القرن الأفريقي مثل المحاكم الإسلامية التي كان يترأسها الشيخ شريف وحركة "الشباب الصومالية" الخطر الأكبر لكينيا.
معسكرات اللاجئين الصوماليين
ولا تزال كينيا الملجأ الأكبر لعدد كبير من الصوماليين الذين فروا من ويلات وجحيم الحرب الدائرة في مناطق عدة ببلادهم؛ حيث تعيش مجموعة كبيرة من اللاجئين في معسكرات شمال كينيا بعضها تحت رعاية مفوضية الأمم المتحدة.
وشكلت هذه المعسكرات عبئا ثقيلا على الحكومة الكينية حتى قررت في العام الماضي إغلاق بعضها؛ لعدم التزام المجتمع الدولي بكل تعهداته تجاه استضافة نيروبي للاجئين الصوماليين.
حركة الشباب الصومالية
وعلى الرغم من وجود أعداد كبيرة من الصوماليين في شمال كينيا واندماجهم في سلام مع أبناء هذا البلد، إلا أن ظهور حركات مثل الشباب الإرهابية تسبب في تعكير صفو هذه العلاقة الاجتماعية التي ظلت لفترة طويلة.
وعملت حركة الشباب الصومالية الإرهابية على تهديد حياة المواطنين في شمال كينيا، وظلت عبئا على حكومة نيروبي بعد تهديدها السياحة عبر تنفيذها هجمات إرهابية عدة، واستهداف المدنيين العزل؛ ما أثار الذعر بينهم وحاصر حرية التنقل في البلاد، وأمام ذلك نفذّت كينيا عمليات ضد نشاط الحركة وصلت إلى الحدود الإثيوبية.
وكان للقوات الكينية جهود كبيرة في المشاركة في عمليات حفظ السلام بالأراضي الصومالية ضمن بعثة القوات الأفريقية، وواجهت العديد من التهديدات من قبل حركة الشباب الصومالية.
قطع العلاقة بين نيروبي ومقديشو
وبحسب خبراء، فإن قطع العلاقات بين كينيا والصومال يعود إلى تحركات الثانية على الحدود بين البلدين، واستغلال المناطق الغنية بالنفط للاستثمار فيها ومنحها لشركات دولية، ما أغضب نيروبي من مقديشو.
وأعلنت الحكومة الكينية الأسبوع الجاري شروطا عدة لعودة العلاقات مع الصومال على خلفية الأزمة الناشئة بين البلدين بعد قيام حكومة الرئيس الصومالي محمد عبد الله فارماجو بعقد مؤتمر دولي في لندن بداية الشهر لبيع مربعات نفطية في أراضٍ متنازع عليها.
ونقلت صحيفة "ديلي نيشن" المحلية عن مصادر في الخارجية الكينية، تأكيدها أن حكومة نيروبي وضعت شروطا عدة لعودة العلاقات مع مقديشو، تشمل تراجعها عن تسويق "الأراضي الكينية" التي تحتوي على حقول نفط وغاز على أنها تتبع للصومال.
وفي مقال له بعنوان "كينيا تُصعد باتجاه الصومال ومقديشو تتمسك بمواقفها"، قال الكاتب محمد مصطفى: "يعد هذا أكبر تصعيد كيني للعلاقات بين البلدين، ويأتي اعتراضًا على تنظيم الصومال مؤتمر لندن لطرح مناطق بحرية بهدف التنقيب عن النفط، والمنطقة التي عرضتها مقديشو تقول إنها تقع ضمن منطقة الحدود البحرية الصومالية التي بدأت كينيا بالمطالبة بها قبل بضع سنين، مع العلم أن قضية الخلاف الحدودي لا تزال منظورة أمام محكمة العدل الدولية بعد أن ربح الصومال الجولة الأولى من القضية أمام المحكمة، وتعد أوساط صومالية أن التصعيد الكيني الأخير يأتي استباقًا لحكم المحكمة الذي يُتوقع أن يكون في صالح الصومال، بحسب رؤيتهم".
أما الخبير نور الدين ديقو فيؤكد أن كينيا بدأت تتعامل مع الصومال على أنه ليس وطنا ذا سيادة وصانع قراره بنفسه، موضحاً في الوقت نفسه أن نيروبي وضعت نفسها في مأزق يصعب الخروج منه الآن.
ومطلع الأسبوع الجاري، استدعت كينيا سفيرها لدى مقديشو لإجراء "مشاورات عاجلة" معه، كما طلبت من السفير الصومال مغادرة نيروبي على خلفية حصص نفطية متنازع عليها.