كوريا الجنوبية تواجه العزوف عن الزواج بالرسم
دورة "الزواج والأسرة" الكورية تبدو للوهلة الأولى أنها لتعليم الرسم، ولكنها تهدف إلى مساعدة الشباب في العثور على شريك الحياة المناسب.
نظمت جامعة دونغوك في عاصمة كوريا الجنوبية سيول دورة دراسية جديدة لرفع معدلات الإنجاب، تحت عنوان "الزواج والأسرة".
والدورة التي تبدو للوهلة الأولى أنها تهدف لتعليم الرسم، تأتي استجابة لما تشهده دول شرق آسيا من تراجع حاد في معدلات الزواج والمواليد، بحسب "بي بي سي".
الأستاذة يون جو لي، تقول: "نطلب من الطلاب أن يرسموا قارورة، ثم دراجة هوائية، لنستنبط من طريقة الرسم صفاتهم وسماتهم الشخصية".
وتهدف الدورة إلى مساعدة الشباب على مواجهة المشكلات التي قد تصادفهم عند إقامة علاقات عاطفية، ومساعدتهم في العثور على شريك الحياة المناسب.
وأقيمت هذه الدورة في إطار الجهود المبذولة في كوريا الجنوبية لمعالجة قضية عزوف الشباب والشابات عن الزواج، ونقص عدد المواليد.
وتعد هذه القضية واحدة من القضايا الشائكة في كوريا الجنوبية، حيث يصنف المجتمع الكوري السلوكيات والأدوار الاجتماعية على أساس النوع الاجتماعي بحكم تقاليد وعادات وأنماط ثقافية متجذرة منذ سنوات طويلة. ولم يتغير هذا التنميط للأدوار الاجتماعية إلا في أعقاب الازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد في الستينيات من القرن الماضي.
وكان لهذه المعايير المجتمعية الراسخة في كوريا الجنوبية، التي حددت للمرأة دور ربة المنزل وحددت للرجل دور المعيل الوحيد للأسرة، تأثير كبير على تشكيل نظرة الشباب والشابات اليوم للزواج وبناء الأسرة.
وفي عام 2017، سُجل في كوريا الجنوبية أسوأ معدل للمواليد في التاريخ، إذ وصل عدد المواليد لكل سيدة إلى 1.05، وهذا المعدل أقل بكثير من المعدل المطلوب للحفاظ على ثبات عدد السكان، وهو 2.01 لكل سيدة.
وأنفقت الحكومة على مدار العقد الماضي مليارات الدولارات على المبادرات الرامية إلى زيادة معدل الخصوبة، والتي كان أبرزها زيادة عدد أيام الإجازات التي تُمنح للأب بعد الولادة، والتكفل بمصاريف علاج العقم، وإعطاء الأسر التي لديها 3 أطفال أو أكثر أولوية في الحصول على خدمات رعاية الأطفال المدعومة من الحكومة.
كما تشهد بعض المناطق من شرق آسيا وجنوبها الشرقي تراجعا مماثلا في معدلات الخصوبة، مثل تايوان واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة.
وتقول لي إن انتشار هذه الظاهرة قد يعود لأسباب عديدة، منها الصعوبات التي يواجهها الشباب للحصول على وظيفة والاستقلال ماليا، في ظل بطء عجلة النمو الاقتصادي وتفشي البطالة.
وتضيف لي أن الأبحاث تشير إلى أن المخاوف المالية لدى الرجال هي العائق الأكبر الذي يصدهم عن الزواج، وقد بات الكثير منهم ينظر للزواج على أنه مسألة اختيارية وليست ضرورية.