سياسة
الحدود مع تشاد والسودان.. "مثلث ملتهب" في ليبيا
بشائر استقرار دبّت بنفوس الليبيين سرعان ما قشعها تجدد نشاط العصابات المسلحة بالجنوب وتحديدا بالمثلث الحدودي مع السودان والتشاد.
والخميس، أعلنت كتيبة "سُبل السلام" التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي بمدينة الكفرة، إغلاق المنفذ الحدودي مع السودان وتشاد عقب مقتل شابين ليبيين كانا في رحلة صيد قرب الحدود مع السودان في هجوم مسلح من مجهولين.
وتحول المثلث الحدودي (ليبيا- تشاد- السودان) في السنوات المضطربة منذ 2011، إلى منفذ سهل لتهريب المخدرات والسلع، وتسلل جماعات مسلحة من تشاد لتتخذه مقرات للتدريب.
وهذه المنطقة هدف دائم للجماعات الإرهابية والمتمردة، حيث سبق أن تحولت إلى سوق للمرتزقة خلال الأزمة بين تشاد ودارفور بالسنوات من 2003 إلى 2010.
الذهب والهجرة والسلاح
ومنذ 2012، تسبب اكتشاف الذهب في تدفق جماعات أخرى، وتسللت جماعات من تشاد، إما باحثين عن الذهب أو مرتزقة.
ورغم جهود الجيش الليبي في تأمين جنوب البلاد، ومحاربة التهريب والخطف والهجرة السرية، إلا أن مساحته الشاسعة وحدوده مع عدة دول جعلت تأمينه التام يتطلب تعاونا مع هذه الدول لتأمين الحدود من ناحيتها.
ويقول المحلل السياسي الليبي كمال المرعاش إنه بالرغم من أن غلق حدود بطول 5 آلاف كم مع 5 دول غاية مستحيلة، ولكن أي إغلاق حتى لكيلومتر واحد أمر في غاية الأهمية.
وبرر ذلك، في حديث لـ"العين الإخبارية"، بأن "تدفق الهجرة والتهريب يتمان عبر الحدود، ويزودان المليشيات في غرب ليبيا بالسلاح، لافتا إلى أن التهريب من السودان هو الأكبر نتيجة الوضع الصعب؛ ومن هنا جاءت أهمية غلق الحدود معه".
واستنكر المرعاش ما وصفه بـ"الموقف الدولي المخزي" في هذا الملف؛ حيث ما زال يُطبق حظر تصدير السلاح إلى ليبيا ما يمنع الجيش الوطني من التسلح اللازم، في حين تُترك الميليشيات تتزود بكافة الأسلحة عبر التهريب.
واستدرك أنه "رغم النقص الحاد في السلاح المتطور، إلا أن الجيش الوطني يقوم بواجبه، وآخر عملياته توجيه ضربة قاسمة للمتمردين التشاديين".
كما أشار إلى "وجود دول راغبة في استمرار الفوضى، حتى أنها تذكي الصراع بين القبائل في جنوب البلاد، إضافة إلى أن دول الجوار جيوشها ضعيفة، فيما تبقى مصر الوحيدة التي تساعد في حماية الحدود الليبية المصرية بطول 1200 كم، وهذا في حد ذاته مكسبا أمنيا كبيرا لليبيا".
داعش
من جانبه، حذر الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية، من أن الجنوب الليبي يثير لعاب تنظيم داعش الإرهابي الذي يواجه حصارا في العراق وبعثرة أشلائه في عدة دول، ما يدفعه للبحث عن ملاذ آمن.
كما أن الجنوب يشهد اتحادا للعصابات المسلحة مع التنظيمات المتطرفة، وهذا سر بقاء تهديداتهم، بحسب الفارسي.
وحث أستاذ العلوم السياسي، في حديث لـ" العين الإخبارية " دول الجوار على التعاون مع ليبيا، مذكرا بأن السودان ضبط شحنة أسلحة ومتفجرات آتية له من ليبيا؛ ما يعني أن الخطر يشمل الجميع.
ويواصل الجيش الليبي جهوده لتأمين جنوب البلاد؛ ففي يناير/ كانون ثاني 2019، أطلق عملية فرض القانون، وكبد المليشيات والمهربين خسائر فادحة، وطرد المرتزقة التشاديين.
لكن المليشيات عادت في أقصى الجنوب، واتخذت من حوض مرزق ومناطق أم الأرانب وتجرهي مرتكزات لها، للانقضاض على الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني.