خطوة جديدة على طريق حل أزمة المليشيات في العاصمة طرابلس، وضعت لجنة "5+5" لبنتها الأولى قبل أشهر، إلا أن حلحلة وشيكة بدأت تلوح في الأفق.
تلك الحلحلة الوشيكة، ظهرت بشائرها اليوم الأربعاء، مع لقاء جمع سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل، مع وزير العمل والتأهيل علي العابد الرضا، في العاصمة طرابلس، لمناقشة وضع برنامج مشترك من شأنه إعادة دمج المقاتلين في مؤسسات العمل الليبية.
إلا أن تلك البشائر قلل البعض منها مؤكدين أن القطاع الخاص أو العام لا يمكنه استيعاب تلك العناصر في الوقت الحالي، فيما أشاد آخرون بتلك الخطوة التي قالوا إنها تفتح باب الأمل لآلاف الشباب المغرر بهم من تلك التشكيلات المسلحة، عبر إعادة إدماجهم في المؤسسات الرسمية بالبلد الأفريقي.
اللبنة الأولى
وكانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة وقعت في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، اتفاقًا في جنيف، نص البند الرابع منه على بدء عملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة بجميع مسمياتها على كامل التراب الليبي، سواء التي تضمها الدولة أو التي لم يتم ضمها، ومن ثم إعداد موقف عنها من حيث قادتها وعدد أفرادها وتسليحها وأماكن وجودها، وتفكيكها، ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة، ممن تنطبق عليه الشروط والمواصفات المطلوبة لكل مؤسسة، أو إيجاد فرص وحلول لمن لا تنطبق عليه الشروط، أو لمن لا يرغب بهذا الدمج.
وفي هذا الإطار وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، في أغسطس/آب الماضي، بدمج المليشيات المسلحة في مؤسسات الدولة، كما أطلقت الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشروعا لدمج الشباب المنضوين ضمن التشكيلات المسلحة في سوق العمل والحياة المدنية، بحسب الدبيبة الذي أكد في ذلك الوقت، أن حكومته عازمة على حصر السلاح في يد من يدافع عن الوطن وحدوده ووحدة أراضيه.
آلية التطبيق
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي ورئيس المجلس المحلي لمنطقة طبرق سابقا فرج ياسين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن وضع ليبيا "مزرٍ" الآن.
وأشار إلى أنه لا يمكن استيعاب تلك العناصر، فيما القطاع العام والخاص معطل، مقترحًا ضمهم إلى القوات المسلحة كجنود لأن معظمهم بدون مستويات علمية.
وأكد المحلل الليبي، أن الاتحاد الأوروبي محرج من موقفه الذي وصفه بـ"الهزيل"، فأراد إبعاد الشبهات عنه، كداعم لهذه المليشيات، مشيرًا إلى أن "التكتل الأوروبي" لا يهمه إن نجحت عملية الدمج أم لا.
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي من شخص الحالة الليبية على أنها سياسية وليست أمنية، لفرض هذه المليشيات، وواجهتهم السياسية الممثلة في تنظيم الإخوان على المشهد السياسي الليبي.
وطالب المحلل الليبي، الاتحاد الأوروبي بالبرهنة على جديته في تلك المساعي، والتحذير من أن من يرفض الدمج ستستخدم القوة ضده، إلا أن أسلوبًا سيتبع غير ذلك، لن يكون ذا جدوى.
اختناق سياسي
بدوره، قال المحلل الليبي محمد يسري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن كل المؤشرات تؤكد أن الملف العسكري يسير بشكل منتظم، مشيرًا إلى أنه على السلطات التنفيذية مثل الحكومة متابعة وتنفيذ تلك الاتفاقات.
وتوقع المحلل الليبي، عدم حدوث عملية الدمج في الفترة الراهنة بسبب الاختناق السياسي الحالي، مشيرًا إلى أن الحكومة قد تحل في أي وقت بحسب الاتفاق السياسي، بينما أمر الدمج يحتاج إلى حكومة مستمرة وخطط واضحة ومحددة.
النواة الأولى
ورغم ذلك، إلا أن يسري، قال إن هذا الاجتماع قد يكون النواة الأولى لمشروع دمج المقاتلين، مطالبًا بضرورة وضع خطط وبرامج محددة، بالتكاتف مع جميع الوزارات لخلق فرص عمل حسب المؤهلات والإمكانيات المتاحة.
وأشار إلى أن المؤسسات الليبية قادرة بالفعل على استيعاب تلك العناصر، مؤكدًا أنه إذا ما تم تأهيل وإعداد هذه العناصر وتدريبهم ضمن نطاق الأعمال المحددة، سيكونون بمثابة قوة اقتصادية جديدة تعود بالنفع على الدولة في تعويض استجلاب عمالة من الخارج والاستعاضة عن ذلك بالعناصر الوطنية الليبية.