جنوب السودان.. هل يفضي وقف العدائيات لاتفاق سلام جديد؟
الأطراف المتصارعة بدولة جنوب السودان وقّعت، الخميس، اتفاقا لوقف العدائيات عقب مفاوضات استمرت 3 أيام.
وقّعت الأطراف المتصارعة بدولة جنوب السودان، الخميس، اتفاقا لوقف العدائيات عقب مفاوضات استمرت 3 أيام برعاية هيئة الإيقاد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وتوقع محللون سياسيون تحدثوا لـ"بوابة العين" الإخبارية، أن يسهم الاتفاق في التوصل إلى اتفاق سلام شامل بالدولة الوليدة التي عاشت ويلات الحرب الأهلية لـ4 سنوات.
ورأى الخبراء أنه لا مجال للقادة الجنوبيين للمماطلة والتعنت هذه المرة؛ بسبب للضغوط الدولية التي تلاحقهم، وسيف العقوبات الذي سيطال كل طرف يحاول تعطيل عملية السلام.
ويعدّ وقف الأعمال العدائية الأول من نوعه عقب انهيار اتفاق السلام الشامل في الدولة الوليدة الموقّع سنة 2015؛ بسبب خلافات عاصفة نشبت بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه زعيم المعارضة رياك مشار، والذي تحول إلى اشتباكات مسلحة داخل القصر الرئاسي أفضت لمغادرة مشار الجنوب العام الماضي.
ودخلت دولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان باستفتاء سنة 2011، في حرب أهلية طاحنة عام 2013، نتيجة لإعلان نائب رئيس الجمهورية رياك مشار، بعد إقالته من منصبه بمعية عدد من القيادات التاريخية بالحركة الشعبية، الترشح لمنصب الرئيس في انتخابات 2015.
وأودى النزاع المسلح في الجنوب بحياة نحو 50 ألف شخص، ونزوح ولجوء نحو مليوني ونصف المليون نسمة، يواجهون أوضاعا إنسانية مُزرية، وفقا لتقارير أممية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي، استطاعت هيئة إيقاد أن تجمع فرقاء الجنوب بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على جولة تفاوضية أسفرت عن توقيع وقف العدائيات، بمقر الاتحاد الأفريقي.
وتضمن الاتفاق وقف العدائيات وإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، وعدم التعرض لطواقم الإغاثة، والانخراط في مفاوضات مباشرة حول المرحلة الانتقالية.
ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي ما تم بأنه "خطوة أولى مشجعة، منحتم شعبكم بصيص أمل، لكنها مجرد خطوة صغيرة. المطلوب الآن عمل فعلي".
وقبيل أن يجف مداد توقيع الاتفاق الذي يفترض أن يسري بعد مرور 72 ساعة حسب وزير الاعلام الجنوبي مايكل مكوي، اتهمت جماعة متمردة في جنوب السودان يوم الجمعة قوات الحكومة بمهاجمة قاعدة لهم.
وقال المتحدث باسم جماعة "الجيش الشعبي لتحرير السودان- في المعارضة" المتمردة لام بول جابرييل -بحسب وكالة "رويترز"- إن قوات الجيش هاجمت قاعدة للجماعة في ديم جلاب بغرب البلاد، وأضاف جابرييل أن 2 من الجماعة و5 من القوات الحكومية قُتلوا في الهجوم.
تفاؤل كبير
وعلى الرغم من ذلك، أبدى الأمين العام للهيئة الشعبية لدعم السلام أستيفن لوال، تفاؤلا كبيرا بنجاح جولة المفاوضات الحالية بين فرقاء بلاده، ووصف اتفاق وقف العدائيات بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، وستفضي إلى اتفاق سلام شامل إذا ما استمرت الإرادة السياسية لأطراف الصراع.
وكشف لوال لـ"بوابة العين" الإخبارية من مقر المفاوضات باديس أبابا، عن عرض مسودتي الترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة والثروة للتشاور، لافتا إلى أن الخلاف حولهما ليس كبيرا، ويتعلق بمسألتي الرقابة واستيراد السلاح من الخارج الذي تؤيده المعارضة وترفضه الحكومة باعتباره شأنا داخليا.
واعتبر الأمين العام لهيئة دعم السلام الجنوبية، أن جولة التفاوض الحالية تشكل فرصة أخيرة للأطراف للوصول إلى اتفاق سلام شامل ينهي معاناة الشعب الجنوبي، مناشدا المتنازعين في الحكومة والمعارضة عدم التعنت وتسريع السلام لإنقاذ البلاد من الانهيار.
ضغوط دولية
وتوقعت الكاتبة الصحفية أجوك الجابو، أن تثمر الضغوط الدولية على الحكومة والمعارضة بالجنوب في تنشيط اتفاق السلام المبرم سنة 2015، لافتة إلى أن أطراف الصراع لن يجدوا فرصة للمماطلة والتعنت؛ لأن العقوبات ستطالهم حسب تلويح المجتمع الدولي.
وتأسفت أجوك، خلال تصريح لـ"بوابة العين" الإخبارية، للاتهامات التي صدرت بعد ساعات من اتفاق وقف العدائيات من قبل فصيل مسلح تابع لحكومة سلفاكير بمهاجمته، وقالت إن هذا السلوك تمارسه الأطراف لتقوية مواقفها التفاوضية عبر استعراض قوة السلاح، "ولكنه لا صلة له بالذكاء السياسي، ويطيل الأزمة بالبلاد".
واعتبرت الكاتبة الصحفية أن هذه الممارسات تعكس "مصلحية" نخب بلادها وعدم جديتهم في إنهاء معاناة الشعب الجنوبي، الذي أكدت أن وضعه لا يحتمل مزيدا من التأخير لعملية السلام، لافتة إلى أن تعويلها الأكبر على الضغط الدولي لوقف الحرب بالجنوب.
الصراع الاثني
وبالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الدكتور عبداللطيف محمد سعيد، فإن العقبة الأساسية أمام عملية السلام في جنوب السودان ليست وقف العدائيات أو إبرام سلام شامل، وإنما في كيفية الحفاظ على الاتفاق الموقع من الانهيار.
وقال سعيد لـ"بوابة العين" الإخبارية، إن الطابع الاثني الذي يتخذه الصراع الجنوبي دائما ما يعجّل بنهاية أي اتفاق، وقد حدث ذلك من قبل مع اتفاقية السلام المبرمة في العام 2015، بين الحكومة وحركة رياك مشار.
وشدد على أن الحل يبدأ بمصالحات اجتماعية تزيل الخلافات القبلية لا سيما بين القبيلتين الكبيرتين، الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس سلفاكير ميارديت، والنوير التي يتبع لها زعيم المعارضة رياك مشار.
aXA6IDMuMTQ0LjI0OS42MyA= جزيرة ام اند امز