إسبانيا وفلسطين.. مدريد ترد «المعروف» وتغازل «القرب الجغرافي»
في جولة بالشرق الأوسط، يواصل رئيس الوزراء الأسباني بيدرو سانشيز، الحديث بصوت أقرب للفلسطينيين، في موقف مغاير لباقي دول أوروبا.
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في زيارة لمعبر رفح الحدودي في مصر، اليوم الجمعة، إن وقف إطلاق النار الحالي في غزة ليس كافيا ويتعين تنفيذ وقف دائم.
وتوقف القتال بين القوات الإسرائيلية وحركة "حماس"، اليوم الجمعة للمرة الأولى منذ 7 أسابيع، في هدنة مؤقتة قبل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم الحركة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وفي وقت سابق، أكد سانشيز خلال لقاء جمعه بنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس أن "من مصلحة إسرائيل العمل من أجل السلام، والسلام اليوم يتطلب إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".
وأكد سانشيز تأييده "حق" إسرائيل في "الدفاع عن نفسها" بعد "الفظائع" التي ارتكبتها حماس خلال هجومها غير المسبوق في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه أكد أيضا "رفض القتل الأعمى للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".
وسيلتقي سانشيز في وقت لاحق، الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكان تعهد الأسبوع الماضي بأن تعمل حكومته الجديدة "في أوروبا وفي إسبانيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وأواخر الشهر الماضي، دعا سانشيز إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعبر عن تعاطف كبير مع غزة في ظل القصف، وحقيقة أن "جزءا كبيرا من السكان من الأطفال".
ووفق النسخة الإنجليزية من موقع "يورو نيوز"، تسعى إسبانيا، القريبة تاريخيا من العالم العربي، للدفع باتجاه موقف أكثر ملاءمة للتطلعات الفلسطينية داخل الاتحاد الأوروبي. فلماذا هذا التوجه المختلف عن بقية أعضاء التكتل؟
"تأثير مضاعف"
يرى إساياس بارينادا، الأستاذ في جامعة كومبلوتنسي بمدريد، أن سانشيز الذي سعى لسنوات إلى محاولة تعزيز مكانة إسبانيا الدولية، يأمل في أن يكون لموقفه "تأثير مضاعف" على بقية دول التكتل الأوروبي. بينما تتعرض الدول الغربية لانتقادات في العالم العربي حيث تعتبر مؤيدة لإسرائيل أكثر من اللازم.
وموقف سانشيز ليس جديدا على إسبانيا، ففي 2014، تبنى البرلمان الإسباني بالإجماع تقريباً قراراً غير ملزم يدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقامت دول صغيرة في أوروبا مثل السويد ومالطا ورومانيا والمجر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولكن حتى الآن، لم تقم أي دولة كبرى في الاتحاد الأوروبي بهذه الخطوة.
ويوضح بارينادا في تصريحات صحفية، أن سانشيز الذي عين وزيرة مولودة لأب فلسطيني في حكومته الجديدة، يملك "فرصة" وأيضا "الكثير من الضغوط" للتحرك في اتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لا سيما من جناحه اليساري والرأي العام.
ويترأس سانشيز حكومة أقلية ائتلافية بالتحالف مع حزب سومار اليساري المتشدد.
واعترف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وهو وزير خارجية سابق في حكومة سانشيز، أن الصراع "موضوع مثير للانقسام للغاية" في أوروبا، وإسبانيا من الدول التي لديها "تعاطف أوضح مع العالم العربي".
إرث الماضي
إسبانيا القريبة جغرافيا إلى شمال أفريقيا، لجأت إلى الدول العربية خلال ديكتاتورية فرانكو (1939-1975) بهدف الالتفاف على عزلتها في الغرب، بحسب البروفسور في العلاقات الدولية في جامعة برغوس، خوان توفار.
ولم تقم إسبانيا علاقات رسمية مع إسرائيل إلا في عام 1986. وجاء ذلك بعد توترات لمعارضة الدولة العبرية انضمام إسبانيا للأمم المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب روابط مدريد الوثيقة مع ألمانيا النازية، كما يذكر بارينادا.
وفي عام 1991، استضافت مدريد مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي شاركت فيه لأول مرة منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، جميع الأطراف العربية المنخرطة في نزاع مباشر مع الدولة العبرية.
وبعد عامين من هذا المؤتمر، تم التوقيع في واشنطن على اتفاقية أوسلو التي تنص على اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اندلعت أزمة دبلوماسية مصغرة مع السفارة الإسرائيلية بعد تصريحات مثيرة للجدل لوزيرة يسارية إسبانية تحدثت فيها عن "إبادة جماعية مخطط لها" في غزة.
ونظرا للخلافات داخل الاتحاد الأوروبي، أكد بارينادا "من الصعب التصور أن إسبانيا لديها القدرة على إعادة توجيه الموقف الأوروبي"، ولكن "يمكن أن تساهم في إظهار أن هناك حساسيات مختلفة داخل الاتحاد الأوروبي".
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز