إنفاق الناتو الدفاعي.. واشنطن تضغط وأوروبا تناور

مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قفز موضوع الإنفاق الدفاعي في حلف شمال الأطلسي إلى الواجهة، وسط تلويحات واشنطن بالانسحاب من «الناتو».
ونتيجة للتهديدات المستمرة من روسيا، خاصة بعد عمليتها العسكرية في أوكرانيا، ضغطت واشنطن على دول أوروبا لتحمل المزيد من المسؤولية في الدفاع عن أمنها. وهو ما أكده وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث بأن الولايات المتحدة "لن تتحمل بعد الآن علاقة غير متوازنة"، وأن على أعضاء الناتو زيادة إنفاقهم الدفاعي، وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية.
حرب أوكرانيا.. إليك الدليل الأمريكي لـ«تبريد» جبهات القتال
وتظل الولايات المتحدة أكبر المنفقين على الدفاع عالميًا، حيث تبلغ ميزانيتها العسكرية 967.7 مليار دولار، ما يعادل 3.38% من ناتجها المحلي الإجمالي. بينما تنفق المملكة المتحدة 81.4 مليار دولار، أي 2.33% من ناتجها المحلي، مع خطط لرفع النسبة إلى 2.5%.
ومع ذلك، تتخلف واشنطن عن بولندا وإستونيا، اللتين تنفقان 4.12% و3.43% من ناتجهما المحلي على التوالي، نظرًا لقربهما من روسيا.
دعوات لزيادة الإنفاق العسكري
وخلال العقد الماضي، رفعت جميع دول الناتو إنفاقها الدفاعي كنسبة من الناتج المحلي، باستثناء الولايات المتحدة، التي شهدت انخفاضًا طفيفًا. ورغم ذلك، فإن ميزانية أمريكا لا تلبي حتى مطالب ترامب نفسه، الذي يريد من أعضاء الناتو تخصيص 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي للدفاع، وهو مستوى لم يصل إليه أي عضو حتى الآن.
ومنذ ضم روسيا للقرم في 2014، التزم أعضاء الناتو بإنفاق 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع لتعزيز جاهزية التحالف العسكري، لكن بحلول 2024، لم يحقق هذا الهدف سوى 23 دولة من أصل 32. ناهيك عن أن مساهمات الدول في ميزانية الناتو غير متساوية، حيث تتحمل أكبر عشر دول معظم العبء.
وتتقاسم الولايات المتحدة وألمانيا المركز الأول كأكبر المساهمين الصافيين في ميزانية الناتو لعام 2025، حيث يدفع كل منهما 15.9% من الميزانية التي تبلغ 3.8 مليار جنيه إسترليني.
تأتي المملكة المتحدة ثالثًا بنسبة 11% (416.6 مليون جنيه إسترليني)، تليها فرنسا بـ10.2% وإيطاليا بـ8.5%. أما ألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود، فتساهم كل منها بأقل من 0.1%، نظرًا لصغر حجم اقتصاداتها.
مواقف ترامب وحلفاء الناتو
لطالما انتقد ترامب ضعف مساهمة الدول الأوروبية في ميزانية الناتو، وسبق أن ادعى -بشكل غير صحيح- أن الولايات المتحدة تمول 90-100% من الحلف. وأثار استياء الحلفاء الأوروبيين بإعلانه عن محادثة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون استشارتهم، معلنًا عزمه بدء عملية سلام.
من جانبه، رد الأمين العام للناتو مارك روته على مطالب ترامب، قائلاً إن الدول التي تساهم حاليًا بـ2% من ناتجها المحلي في الدفاع يجب أن ترفع إنفاقها إلى أكثر من 3%.
وخلال اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل، دعا روته الدول غير الملتزمة بهدف الـ2% إلى تحقيقه بحلول الصيف، بينما يجب على الدول التي وصلت إليه الاستعداد لإنفاق "أكثر بكثير"، مؤكدًا أن الأمر قد يتطلب فرض ضرائب إضافية.
مستقبل الناتو
وأكد وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان لوكورنو، أنه على أوروبا التفكير في تعزيز صناعاتها الدفاعية على المدى الطويل، خاصة مع مطالبة واشنطن لأوروبا بتحمل مسؤولياتها الأمنية.
ووصف المرحلة الحالية بأنها "لحظة حاسمة من الحقيقة"، محذرًا من أن مكانة الناتو كأقوى تحالف عسكري في التاريخ قد لا تستمر في المستقبل.
من جانبه، شدد وزير الدفاع الأمريكي هيغسث على أن إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي لم يعد كافيًا، داعيًا إلى رفع الإنفاق إلى 3 أو 4 وحتى 5% وفقًا لرؤية ترامب. وأكد أن "آلة الحرب الروسية" مستمرة في التوسع، مما يجعل الدفاع الأوروبي أولوية ملحة.
ورغم التوافق الأوروبي على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، فإن كيفية تحقيق ذلك لا تزال موضع خلاف، حيث تصر بعض الدول على الاقتراض المشترك لتمويل مشاريع دفاعية كبرى، بينما ترى أخرى أن على الدول المتأخرة في الإنفاق تحقيق هدف الـ2% أولًا. ومن المتوقع أن تستمر هذه النقاشات في الاجتماعات القادمة للناتو.
aXA6IDMuMTQ0LjQ2LjIwNSA= جزيرة ام اند امز