«ستاندرد آند بورز» تخفض تصنيف مصر الائتماني.. كيف سيتأثر الاقتصاد؟
قررت وكالة ستاندرد آند بورز خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملة الأجنبية والمحلية إلى "B-" بدلاً من B مع توقعات مستقرة.
جاء قرار ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الائتماني لمصر بعد أسابيع من قرار مماثل لوكالة موديز للتصنيف الائتماني وبسبب مخاوف من قدرة مصر على تحمل الديون.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية نتج عنها خفض قيمة الجنيه المصري، مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل قياسي، وبررت الوكالة قرارها بالتأخير في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية بجانب عدة عوامل أخرى.
ضغوط تضخمية مستمرة
وتوقعت الوكالة استمرار الضغوط التضخمية في السوق، مؤكدة أن هناك المزيد من الضغوط على سعر الصرف، بسبب أزمة شح الدولار.
وأِشارت الوكالة إلى توقعات تباطؤ النمو في الناتج المحلي خلال العام المالي المقبل مع تآكل القوة الشرائية بسبب التضخم وضعف الجنيه.
ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري فإن الحكومة عليها سداد ما يقرب من 40 مليار دولار التزامات خلال العام المالي الجاري، بينما تبلغ التدفقات النقدية المعروفة نحو 16.8 مليار دولار.
وتسعى الحكومة المصرية للإسراع في برنامج الطروحات الحكومية من خلال بيع حصص في عدد من الشركات التي حددها مجلس الوزراء في وقت سابق ما يدر دخلاً دولارياً كبيراً يسهم في استكمال الإصلاحات الاقتصادية.
- ترقية تصنيف اليونان إلى «الدرجة الاستثمارية».. قصة طفل اليورو المشاغب
- ستاندرد أند بورز تخفض تصنيف مصر الائتماني إلى «B-»
وكشف وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط عن الانتهاء من تحديد شركات مؤهلة للبيع ضمن برنامج الطروحات على أن يتم ذلك قبل يونيو/ حزيران المقبل 2024 بقيمة تقديرية تصل إلى 4 مليارات دولار.
وأكد معيط أن الحكومة تستكمل مسيرة الإصلاح الاقتصادي لكن بسياسات متوازنة تراعي فيها البعد الاجتماعي والالتزام بالانضباط المالي، مشدداً على التنسيق الدائم والمستمر مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ كافة الإصلاحات المالية المحددة.
مزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية.. أولوية الحكومة المصرية
وفي بيان صادر عن وزارة المالية المصري، قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، إن الحكومة تعمل على تحقيق المزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية خلال الفترة المقبلة؛ للتعامل مع التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية خاصة الواردة في تقرير مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التي قررت خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية من درجة «B» إلى درجة «-B» مع نظرة مستقبلية مستقرة على المدى الطويل، وتثبيت التصنيف الائتماني السيادي على المدى القصير عند درجة «B».
وأضاف الوزير، في البيان، أن مؤسسة ستاندرد آند بورز رغم الصعوبات التي مازال الاقتصاد المصري يواجهها، نتيجة للموجة التضخمية العالمية، المترتبة على التوترات الجيوسياسية، وقيامها بتخفيض التصنيف على المدى الطويل، استندت في قرارها الأخير بتغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، وأيضًا تثبيت التصنيف قصير الأجل، على ما استطاعت أن تتخذه الحكومة المصرية مؤخرًا من إصلاحات هيكلية مهمة أسهمت في تحقيق الانضباط المالي.
وأوضح "معيط" أن الحكومة نجحت خلال العام المالي 2022/ 2023، في التعامل بشكل متوازن مع كل المتغيرات والتحديات الراهنة على الساحتين العالمية والداخلية من ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار الفائدة وانخفاض لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، وتم تحقيق فائض أولي ١،٦٣% من الناتج المحلي مقارنة بفائض أولى ١،٣% من الناتج المحلي في العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، وبلغ العجز الكلي للموازنة ٦% من الناتج المحلي مقارنة بـ ٦،١% خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢.
وأشار الوزير، إلى أنه تم تحقيق نمو قوي في حصيلة الإيرادات الضريبية بنسبة ٢٧،٥% نتيجة لجهود الميكنة وتحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب والتجنب الضريبي، وقد توقعت «ستاندرد آند بورز» استمرار تحقيق الانضباط المالي بمواصلة تنفيذ إجراءات ميكنة المنظومة الضريبية، إضافة إلى جهود الحكومة لترشيد النفقات خلال العام المالي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، بما يضمن تحقيق فائض أولى ٢،٥% من الناتج المحلي.
وأكد الدكتور محمد معيط، أنه تم إقرار تعديلات قانونية تسمح بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية للجهات والشركات المملوكة للدولة، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز المنافسة العادلة بالسوق المصرية، في إطار جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص.
تنفيذ صفقات لتخارج الدولة بـ 2.5 مليار دولار
وأشار وزير المالية، إلى أنه تم تنفيذ صفقات لتخارج الدولة بقيمة ٢،٥ مليار دولار ضمن برنامج «الطروحات» خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، ويوفر جزءًا من التمويل الأجنبي المطلوب لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري، فضلًا على استمرار تحقيق فائض أولي ونمو الإيرادات الضريبية، موضحًا أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز» توقعت أن تستمر الحكومة في تنفيذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية خلال الفترة المقبلة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف الدكتور معيط، أن مؤسسة «ستاندر آند بورز» أوضحت في سياق تقريرها أنها قد ترفع التصنيف السيادي لمصر إذا تم زيادة القدرة على جذب المزيد من التدفقات بالعملات الأجنبية للاقتصاد المصرى باعتبار ذلك موارد إضافية، يمكن تحقيقها من خلال الإسراع ببرنامج «الطروحات» خلال الفترة المقبلة؛ بما يعزز قدرة الدولة المصرية على تغطية احتياجاتها التمويلية والخارجية خلال العامين المقبلين، ويسهم أيضًا فى الحد من الاحتياج إلى التمويل الخارجى، ومن ثم خفض فاتورة خدمة الدين، على نحو يساعد في زيادة ثقة المستثمرين والمؤسسات في قدرة الاقتصاد المصري على التعامل مع التحديات الخارجية، موضحًا أن استمرار الانضباط المالي والقدرة على دفع معدلات نمو الإيرادات الضريبية كان محل إشادة من خبراء مؤسسة «ستاندرد آند بورز».
وأكد أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، أن الحكومة المصرية تعمل على دفع جهود تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهماته في النشاط الاقتصادي من خلال تنفيذ الإجراءات والإصلاحات الهيكلية المطلوبة لتحسين بيئة الأعمال وزيادة المنافسة وتعزيز الحياد التنافسي بالسوق المصرية؛ بما يحقق معدلات نمو قوية ومستدامة مدفوعة بالأساس من القطاع الخاص، لافتًا إلى تكاتف جهود كل جهات الدولة لتشجيع وجذب استثمارات القطاع الخاص بما فيها الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودفع قطاع التصدير والأنشطة الإنتاجية.
وكان صندوق النقد الدولي أرجأ المراجعتين الأولى والثانية للإصلاحات الاقتصادية في مصر، عدة مرات انتظارا للاتفاق حول قرار تحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه أمام الدولار، غير أن أنباء ترددت عن موافقة الصندوق على إتمام المراجعات بالتعاون مع الحكومة المصرية وذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين قبل أيام في مراكش المغربية.
ومن المتوقع أن تصرف مصر ما يقرب من 700 مليون دولار حزمة تمويلية من جانب صندوق النقد بمواجب إتمام المراجعات ضمن اتفاق يقضي بحصول مصر على 3 مليارات دولار.
كانت الحكومة المصرية ردت على تخفيض التصنيف الائتماني من قبل وكالة موديز قبل أيام، مؤكدة أنها تنفذ إصلاحات اقتصادية لمواجهة التحديدات في الوقت نفسه تسعى لتحفيز الاستثمار وتوسيع قاعدة الملكية وإفساح المجال للقطاع الخاص.
وقال وزير المالية المصري إن مصر تمكنت من خفض الإنفاق خلال العام المالي الماضي رغم استمرار الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثر الاقتصاد بالحرب الروسية الأوكرانية.
تخفيض متسرع؟!
من جانبه علق الدكتور محمد عبدالرحيم الخبير الاقتصادي قائلا إن وكالات التصنيف الائتماني خفضت تصنيف مصر بشكل متسرع، باعتباره إجراء تحذيريا، بعد أزمة إفلاس بعض البنوك الأمريكية وسط مخاوف امتداد الأزمة في دول أخرى.
وأضاف أن الاقتصاد المصري ما زال يعاني من عجز السيولة في النقد الأجنبي رغم جهود الحكومة في هذا الشأن، فضلا عن زيادة الدين الخارجي، واختلال السندات الدولية في الأسواق، وعدم مرونة سعر الصرف.
وتابع أن الحكومة المصرية تعمل على وضع بدائل وحلول للأزمات الاقتصادية مثل طرح سندات باندا الصينية، وغيرها.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن النظرة المستقبلية من قبل وكالات التصنيف الائتماني تأتي مستقرة ما يشير إلى قدرة الحكومة والبنك المركزي على إدارة الديون وحل مشكلة شح الدولار، والقضاء على الدولرة التي تعني وجود سعرين للدولار في السوق أحدهما رسمي في البنوك والصرافات وآخر في السوق السوداء.
واستعبد الخبير الاقتصادي أي تأثيرات لقرار وكالات التصنيف الائتماني بخفض التصنيف الائتماني لمصر إلا على الأموال الساخنة فقط والتي تتدفق في سوق السندات والأسواق المالية، مشيراً إلى أنه قد يكون تأثيرا محدودا.
وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية إن الاقتصاد المصري يمر بأوضاع مؤقتة، والحكومة تعمل على عدد من الإجراءات وحلول مختلفة، ما دفع وكالات التصنيف للتأكيد على النظرة المستقبلية المستقرة.
وطالبت الحكومة المصرية بضرورة الوقوف في نقطة توازن بين العرض والطلب قبل اتحاذ خطوات بتحرير سعر الصرف أو خفض الجنيه، لمنع انفلات سعر الصرف.
ووفقا لمصادر حكومية رسمية فإن الحكومة لن تقبل على خطوة تحرير سعر الصرف أمام العملات الأجنبية إلا بعد وجود تدفقات دولارية كبيرة تسمح بضبط السوق وعدم انفلات سعر الدولار أمام الجنيه المصري.
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز