تستخدم الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي نقص الغذاء وانعدام الأمن الغذائي وسيلة لبسط سيطرتها للضغط على السكان المحليين.
ويسعى الإرهابيون إلى وقف الأنشطة الزراعية والتجارية وتدمير البنية التحتية الرئيسية وفرض قيود على تنقل السكان وتوزيع مواد الغذاء.
ويمكن أن تؤدي هذه الاستراتيجية أيضا بالسكان إلى الاعتماد على المعونات الإنسانية، كما يمكن للجماعات الإرهابية استخدامها كوسيلة لابتزاز السكان وجني الأموال.
ويُبدي الإرهابيون اهتماما خاصا بمناطق مثل ليبتاكو-غورما في مالي، والتي بها موارد زراعية وثروة حيوانية وتعدين، حيث يستخدمون عائدات هذه القطاعات لتمويل أنشطتهم وتعزيز فرض سيطرتهم، ومن ذلك نفهم سبب جاذبية هذه المنطقة للجماعات الإرهابية.
وفي محافظة نيونو في مالي يحدث شيء مشابه لما يقع في ليباكو-غورما، حيث تؤثر الأعمال الإرهابية في الإنتاج الزراعي لهذه المنطقة المعروفة بإنتاج الأرز.
كما نرى أن لحرق المَزارع تأثيرا كبيرا في الاقتصاد المحلي والأمن الغذائي للسكان.. فيما وجود جماعات إرهابية في هذه المنطقة، مثل كتيبة "ماسينا" التابعة لتنظيم "القاعدة"، يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني وزيادة العنف.
ويسعى الإرهابيون للسيطرة على الموارد والإنتاج الزراعي للمنطقة، ويخلق هذا بالطبع احتياجات للسكان، سواء من جهة الغذاء أو من جهة البحث عن الحماية والأمن.. وبالتأكيد فإن الاستجابة لمطالب الجماعات المسلحة ليست حلا، بل يمكن أن تزيد العنف وتطيل معاناة السكان.
وتسعى الجماعات الإرهابية للسيطرة على إمدادات السلع الأساسية في مناطق وجودها، بما في ذلك الوقود، وتذهب إلى حد نصب كمائن وزرع عبوات متفجرة بهدف السيطرة على المناطق المأهولة بالسكان وتعريض حياة المدنيين للخطر.
ما يحدث من الإرهابيين في هذه المنطقة شيء خطير بالتأكيد، فهم من يقررون السماح بممارسة النشاط الزراعي، ما يؤثر سلبا في الاقتصاد المحلي لأي دولة وأمن السكان الغذائي.
ويرى العديد من المتضررين أن الحل الوحيد أمامهم هو ترك أراضيهم أو بيع ماشيتهم والهجرة، وإذا قرروا البقاء عليهم دفع "إتاوة" للإرهابيين.
وبسبب انعدام الأمن في مناطق مختلفة يسيطر عليها الإرهابيون في منطقة الساحل الأفريقي، أغلقت مدرسة من كل ثلاث مدارس هناك، وهو مؤشر يُنذر بخطر حرمان السكان من حق أساسي كالتعليم.
ويأتي الحل ضد الإرهابيين، الذين يستخدمون نقص الغذاء كسلاح لهم في منطقة الساحل، عبر ما يأتي:
أ- تحسين الوضع الأمني رغم صعوبة تحقيق ذلك بسبب الأوضاع السياسية التي نشأت في السنوات الأخيرة.
ب- زيادة مقاومة المجتمعات، وهي مهمة صعبة للغاية أيضا عند ظهور تدفق للاجئين الذين سئموا الصمود.
ج- تحسين التنسيق بين الوكالات الإنسانية، وهي مهمة صعبة خاصة في مالي وبوركينا فاسو.
ويلجأ الإرهابيون إلى حرق المحاصيل ومهاجمة قوافل الإمداد، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن الغذائي واقتصاد المجتمعات المحلية، وكذلك على صحة السكان ورفاههم.
الخلاصة أن الجماعات الإرهابية تستخدم العنف وانعدام الأمن لتهجير السكان وتحويلهم إلى لاجئين.. وسيكون لذلك تأثير سلبي في سلامة ورفاهية النازحين، فضلا عن تأثير آخر في المجتمعات المضيفة.. فلا تزال الجماعات الإرهابية تستخدم استراتيجية بسط السيطرة على الأراضي للحصول على دعم مالي أو سياسي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة