مطلع مايو الماضي، أرسل تنظيم "داعش" الإرهابي بعض مسؤوليه إلى نيجيريا لإجراء تغييرات تنظيمية في فرعه بغرب أفريقيا.
وقد أنهى هؤلاء مهمتهم بقرار إجراء تغييرات على مستوى القيادة وطريقة تنفيذ التنظيم لعمليات الإعدام، وبعد يوم واحد من مغادرة عناصر "داعش" نيجيريا بدأت مطاردة زعيم تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي، أبو بكر شيكاو، الذي بدا كأنه كان يعلم بحتمية هذه التغييرات بتنظيم "داعش في غرب أفريقيا".
تزامن ذلك أيضا مع مصادرة قوات الجيش والشرطة شاحنة محمّلة بالأسلحة في منطقة "مايدوجوري"، عاصمة ولاية برنو بنيجيريا، وبعد أيام، وتحديدا في 19 مايو، قُتِل "شيكاو"، ما تسبب في تشرّد أتباعه، إذ اتجه بعضهم شرقاً إلى الكاميرون، وآخرون غرباً داخل نيجيريا، في حين انضم فريق ثالث منهم إلى تنظيم "داعش في غرب أفريقيا"، الذي تمكّن زعيمه، أبو مصعب البرناوي، خلال الأشهر الأخيرة، من التمركز في شمال نيجيريا، وبالتالي ملء الفراغ، الذي خلفه تنظيم "بوكو حرام".
وشرع "البرناوي" في إعدام القادة، الذين شك في ولائهم له، لكن بعض وسائل الإعلام أفادت بمقتله في الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي داخل ولاية "برنو"، شمال شرق نيجيريا.
من ناحية أخرى، وخلال سبتمبر الجاري، وردت تقارير تفيد بأن تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" استقبل عناصر إرهابية قادمة من ليبيا لتعويض خسائره، وأن قادته قد عقدوا اجتماعاً سرياً في ليبيا مع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب".
في غضون ذلك، شوهدت فصائل "بوكو حرام" بمنطقة بحيرة تشاد في غوزا، على بعد 10 كيلومترات من الحدود مع الكاميرون، وقد تسللوا داخل الكاميرون انطلاقاً من محافظة "مورا"، الواقعة على بعد 20 كيلومتراً من الحدود.
ووقعت الأحداث سالفة الذكر في شرق وشمال نيجيريا، فيما شن الجيش النيجيري هجوماً انطلاقاً من غرب البلاد، تسبب في فرار إرهابيين من ولاية "زامفارا" إلى منطقة "كادونا".
الجانب السيئ في هذا الخبر هو أن هؤلاء الإرهابيين، الذين يُقدّر عددهم بأكثر من خمسمائة، هم من جماعة "أنصارو"، الموالية لتنظيم "القاعدة" الإرهابي.
وفي الوقت الذي توجهت فيه عناصر "القاعدة في نيجيريا"، أنصارو، إلى مقاطعة "كادونا"، فرّ أيضاً جزء كبير من فلول "بوكو حرام" من منطقتهم الأصلية في "مايدوجوري" إلى "كادونا"، ولم يعد يفصل بين الجانبين سوى 50 كيلومتراً فقط.. فماذا يمكن أن يحدث إذاً بينهما هناك؟
لدينا ثلاثة احتمالات:
1. أن يبقى الجانبان كل في موقعه..
2. أن تحدث اشتباكات بينهما..
3. أن يتحدا معاً..
الحالة الأولى يمكن أن تحدث لفترة قصيرة جدا، وبالنظر إلى وجود أكثر من 1000 إرهابي من كلا الجانبين في مقاطعة "كادونا"، فمن الطبيعي أن ينتهي الأمر بصدامات ومواجهات بين "بوكو حرام" و"أنصارو"، حتى لو كان ذلك بهدف الحصول على الغذاء.
في الحالة الثانية، سيكون "داعش في غرب أفريقيا" هو المستفيد، فهو لا يهتم كثيراً بحفظ الاستقرار في "كادونا"، وسط غرب نيجيريا، لذا قد ينتج في هذا السيناريو وصول مقاتلين جدد يدعمون فرع "القاعدة" في نيجيريا، ما سيعزز وجود التنظيم في المنطقة.
أما في حالة حدوث الاحتمال الثالث، سيتم فتح جبهة لـ"داعش" في الغرب بدعم من "القاعدة"، بالاستفادة من المعرفة الميدانية لعناصر "بوكو حرام".
كل هذه المنازعات بين التنظيمات الإرهابية المختلفة تقول إنه من الممكن أن يجتمع قادة "داعش في غرب إفريقيا" وأفرع تنظيم "القاعدة" هناك أو من يمثلونه في وقت قريب، وذلك للاتفاق حول مآل هذه الصراعات بين التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، ومناطق نفوذها وسيطرتها، في خطوة لتجنب خسائر ستطال جميعهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة