الشرق الأوسط مليء بالتحديات نحو مستقبل مشرق، ولكن حين نتحدث بالأرقام نشعر أن معاني المستقبل مقلقة.
فالمستقبل كلمة تدغدغ المشاعر بجمالها، ولكنها قد تنذر بكثير من المخاطر على منطقتنا، فالتعاطي السياسي دوليا مع عالم الشرق الأوسط مثير للأسئلة، وآخر تقرير لمنظمة اليونيسيف حول ديمغرافيا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جيل 2030، يدفع بأسئلة أكثر عن هذا المستقبل الغامض وكيفية مواجهته.
جميع دول الشرق الأوسط معنية بهذه التنبؤات، التي شملها التقرير، حتى وإن كانت دول لديها عدد سكان أقل من غيرها وتتمتع باستقرار سياسي واقتصادي.
يقول تقرير اليونيسيف إن عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2030 سيرتفع إلى 581 مليون نسمة، ومع العلم بأن نحو نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعمارهم بين عام واحد وأربعة وعشرين عاما، ستكون المنطقة في 2030 على موعد مع 25 مليون طالب وطالبة جدد يجب استيعابهم في المدارس، فضلا عن أن هناك 39 مليون شخص سيكونون بحاجة إلى خلق 3 ملايين وظيفة سنويا.
ويذكر التقرير أن 37% من شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون في دول متأثرة بالنزاعات، التي سبّبت أيضا عدم التحاق 15 مليون طفل في هذه المناطق بمؤسسات تعليمية.
الأرقام مقلقة جدا، خاصة تلك المرتبطة بالبطالة، حيث إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجلان أعلى معدلات بطالة في العالم، وقد يمتد هذا الرقم إلى ما بعد العقد القادم بكثير ما لم يكن هناك معانٍ واضحة ودقيقة لمستقبل هذه المنطقة.
السؤال هنا يدور حول المعنى الحقيقي للمستقبل في هذه المنطقة المهمة من العالم، وهل يمكن أن تحدث مواجهة لما تحمله هذه التنبؤات الواردة بالتقرير لتتغير صورة ذاك المستقبل؟
الحقيقة أن التفكير في المستقبل هو التحدي السياسي الأكثر أهمية لشعوب المنطقة، التي لا تفتقر إلى الموارد ولا القوى البشرية، فلديها أكبر الموارد الطبيعية عالمياً، بحيث يمكن للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يقود العالم تنمويا واقتصاديا، ولكن ما معاني المستقبل المطلوبة، والتي لا تتوفر لهذه المنطقة حالياً؟
مستقبل المنطقة أخطر من معانيه الجذابة، فكل الأزمة تدور حول الاستقرار السياسي والحروب والأزمات، التي خلقت التحديات المستحلية، فكل شيء في كثير من أجزاء هذه المنطقة قابل للتحول إلى أزمة طويلة المدى، مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفق هذه التنبؤات تحول إلى حبل مشدود بين الواقع الصعب وبين الأمل في أن تتحول هذه التوقعات إلى سراب، وهذا لن يحدث دون إصلاحات تُغيّر حال المنطقة وتضيف إلى تاريخها فقرات ازدهار جديدة، عبر مقاطعة الحروب والنزاعات ومحو الأيديولوجيات المخرّبة، ونشر السلام.
هذه المنطقة، مهما كانت التأثيرات الدولية فعالة فيها، فالمسؤولية بها تقع على كواهل أبنائها، لكي لا نصل إلى عام 2030 وقد تحوَّل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أكبر أزمة دولية يواجهها العالم سياسيا واقتصاديا وبشرياً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة