"قمة العشرين".. 3 خطوات للخلف تضع مودي في المقدمة
أدى تراجع 3 شخصيات رئيسية خطوة للخلف في قمة العشرين التي استضافتها الهند قبل أيام إلى سطوع نجم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وغاب عن القمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينغ، وفضل الرئيس الأمريكي جو بايدن على عكس سلفه دونالد ترامب إبقاء الأضواء على مضيفه.
وترى المحللة الأمريكية الدكتورة ليزلي فينجاموري، أن قمة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى لهذا العام تركزت حول الهند، أو كما قال رئيس الوزراء الهندي سوبرامنيام جاي شانكار، إن قيادة الهند للمجموعة على مدار عام تهدف إلى "أن تكون الهند مستعدة للعالم وأن يكون العالم مستعدا للهند".
وقالت فينجاموري، رئيسة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية) إن القوى الرئيسية الأخرى في مجموعة العشرين كان لها دور رئيسي في نجاح الهند، سواء عن قصد أو غير قصد.
وأضافت في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، أن بوتين لم يحضر القمة، كما أن قرار الرئيس الصيني في اللحظة الأخيرة التغيب عنها وهو ما حرم الجمهور العالمي من يومين من مشاهدة مسرح جيوسياسي، ولكن في المقابل ترك الأضواء مسلطة على العلاقات الأمريكية الهندية الآخذة في الازدهار.
وقدمت الولايات المتحدة أيضا سلسلة من التنازلات الملموسة للهند فيما يخص أوكرانيا وعضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، مما ساهم في نجاح رئاسة للقمة.
وأكدت مجموعة العشرين مركزية الشراكة الهندية الأمريكية بالنسبة لاستراتيجية الولايات المتحدة الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي اشتملت إضافة إلى هذه الزيارة، على سلسلة من الخطوات الدبلوماسية الأمريكية التي تم إعدادها بعناية والتي بدأت بزيارة نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى إندونيسيا في وقت مبكر الشهر الجاري واختتمت برحلة بايدن إلى فيتنام.
ولكن قمة مجموعة العشرين أظهرت أيضا أن العلاقات الأمريكية الهندية تنطوي على ما هو أكثر من مجرد التصدي للصين. وفي الحقيقة، تعتبر الضرورة الجيوسياسة غير كافية تماما لأن تكون أساسا لأي شراكة.
ويعترف بايدن ومودي كل منهما بالآخر كقائدين لأكبر دولتين ديمقراطيتين في العالم، ويسعى كل واحد منهما لإعادة انتخابه على المدى القصير، فالهند سوف تشهد انتخابات برلمانية في شهر مايو/أيار العام المقبل فيما سوف تجرى الولايات المتحدة انتخابات رئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني في نفس العام.
ويحكم كلاهما على أساس برنامج يلفت النظر إلى انعدام المساواة الناجمة عن النظام متعدد الأطراف المعاصر، كما أنهما يسعيان لبناء أسس داخلية قوية للقيادة العالمية.
ولكن مسعى الهند للقيادة العالمية والاستقلالية، ونهج الولايات المتحدة التي ربما تسعى إلى تحالف أكثر تحديدا، أمران يؤديان إلى مستقبل غامض.
وعندما يخاطب الرئيس بايدن الجمهور الأمريكي، فإنه يتحدث عن بلورة سياسة خارجية تتعلق بالطبقة الوسطى، أي سياسة تهدف إلى تأمين وظائف وتعطي الأولوية لاحتياجات العمال الأمريكيين.
ويؤكد انتقاده للنظام متعدد الأطراف القائم أن الليبرالية الجديدة قد تسببت في حالات خطيرة من انعدام المساواة في البلاد.
وتأثر النقاش السياسي الأمريكي بالحديث عن تراجع في الوضع الدولي واعتقاد بأن المؤسسات الدولية يقع عليها اللوم جزئيا في ذلك. ولدى الأمريكيين شك قائم منذ فترة طويلة إزاء الالتزامات الدولية.
وبالتالي، فإنه من المرجح أن يستخدم الرئيس الأمريكي المقبل مجموعة العشرين كوسيلة لحشد الدعم العام عندما تستضيف الولايات المتحدة القمة في عام 2026.
ومن غير المحتمل، بحسب الباحثة، أن توفر ولاية أيوا الحفاوة الهائلة التي استقبل بها سكان مدينتي ميسورو أو مومباي المسؤولين الزائرين خلال عام رئاسة الهند لمجموعة العشرين.
وتوجه الهند أيضا انتقادات للنظام متعدد الأطراف القائم، ولكن في المقام الأول لأنه تم حرمانها من الحصول على مقعد على الطاولة الرئيسية.
واستخدم مودي قيادة الهند لمجموعة العشرين لزيادة النفوذ العالمي للهند وكمؤشر على تزايد نفوذ ومكانة البلاد.
كما استخدمت حكومة مودي لافتات مجموعة العشرين وبرنامج للفعاليات تم طرحه في كل أنحاء الهند، لتعبئة الشعب وللإشارة إلى أن القيادة العالمية للهند لا تهدف ببساطة لتعزيز مصالح نخب السياسة الخارجية في رايسينا هيل (مقر الحكومة الهندية ورئيس الوزراء).
وإذا كان الجمهور الرئيسي لبايدن هم العمال الأمريكيون الذين تم نسيانهم، فإن الهند استخدمت قمة مجموعة العشرين لدعم دورها كزعيمة ليس فقط للهنود العاديين، ولكن أيضا لكل العالم النامي.
ولكن قيادة مودي تستند أيضا إلى انتقاد أكثر حدة للغرب، وهنا تعتبر الشراكة الاستراتيجية الأمريكية الهندية أكثر عرضة للخطر.
ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكان بايدن ومودي الحفاظ على جبهة متحدة، رغم الخلاف بشأن بعض المسائل الأكثر جوهرية في السياسة الخارجية.
وأعلنت أكبر ديمقراطية في العالم منذ فترة طويلة السيادة بوصفها القيمة الأساسية في علاقاتها الدولية، ولكن الهند قد رفضت اتخاذ موقف ينحاز لأي طرف بشأن الحرب في أوكرانيا.
وتقول فينجاموري إنه صحيح أن مجموعة العشرين استطاعت التوصل إلى حل وسط رائع بشأن أوكرانيا، ولكن الأشهر الـ18 الماضية تؤكد أن كلا من الهند والولايات المتحدة سوف تواصلان مواجهة اتهامات بالنفاق عندما يتعلق الأمر بتحقيق أولياتهما في السياسة الخارجية.
وكانت قيادة الهند ومشاركة بايدن في قمة العشرين نجاحا مدويا. ولكن لم يتم تسوية مسألة الهند وتحالفاتها العالمية في المستقبل كما أن نفاق الولايات المتحدة هدف سهل للغاية.
وتضيف فينجاموري أنه لذلك سوف يتمثل التحدي للولايات المتحدة في أنه سوف يتعامل مع شريك أقرب له من أي وقت مضى لن ينحاز إلى أي طرف. وفي الوقت الذي تمارس فيه السياسات الحزبية في واشنطن نفوذا أكثر على السياسة الخارجية الأمريكية، ربما تواجه الهند شريكا أقل مرونة.
ومع ذلك، أكدت مجموعة العشرين في الوقت الراهن أهمية هذه الشراكة وإمكانياتها والاهتمام المشترك بالحفاظ عليها.