تمييع قطر للقضية، وتحويلها من قضية تمويل ودعم الإرهاب، والسعي للإضرار بأمن الدول المجاورة، إلى قضية الحفاظ على السيادة
تمييع قطر للقضية، وتحويلها من قضية تمويل ودعم الإرهاب، والسعي للإضرار بأمن الدول المجاورة، إلى قضية الحفاظ على السيادة، أمر غريب لا يخلو من السذاجة، وينم عن تهرب وإفلاس في الرد، فما علاقة السيادة القطرية في الأزمة الراهنة؟ وأين هي السيادة المنتهكة لدولة قطر؟ وهل إيواء المعارضين والإرهابيين ودعمهم مالياً وإعلامياً ولوجستياً هو جزء من سيادة دولة قطر، وعليه فإنه لا يحق للدول المتضررة أن تتخذ أي إجراء لمنع الأذى ودرء الخطر عن نفسها من سلوك قطر؟!
يبدو أن هناك عدم فهم عند المسؤولين القطريين لمعنى السيادة، فهم لم يدركوا إلى الآن أن قضايا التطرف والتحريض عليه وتمويل أتباعه وأتباع الجماعات الإرهابية لا يعد شأناً داخلياً، حتى لو تمت عمليات التمويل والاستضافة والدعم اللوجستي من داخل حدود دولة قطر.
يبدو أن هناك عدم فهم عند المسؤولين القطريين لمعنى السيادة، فهم لم يدركوا إلى الآن أن قضايا التطرف والتحريض عليه، وتمويل أتباعه وأتباع الجماعات الإرهابية لا يعد شأناً داخلياً، حتى لو تمت عمليات التمويل والاستضافة والدعم اللوجستي من داخل حدود دولة قطر، لا يعد ذلك شأناً سيادياً قطرياً، فتأثيره يمتد سلباً إلى الدول الأخرى القريبة والبعيدة، والإرهاب هو شأن عام وليس خاصاً، وأضراره تطال الجميع، ولن يسلم منه أحد، ولا شك في أن احتضان الإرهابيين وتمويل الإرهاب هو خطر عام، يتجاوز حدود قطر الصغيرة، لينشر العنف والدمار والقتل في خارطة الوطن العربي الكبيرة، والأمثلة على ذلك لا حصر لها!
العنف والتطرف مشكلة عابرة للحدود، وهي ليست مقتصرة على دولة بعينها، وهنا يكمن الخطر، وأي دولة تُهيئ البيئة المناسبة للمتطرفين فإنها دون شك تؤذي جميع من يجاورها، ومن لا يجاورها، فالعمليات الإرهابية لا تعرف زماناً ومكاناً، والإرهابيون يمكن أن يندسوا داخل أي دولة، وينفذوا جرائمهم في أي مكان، شريطة أن يجدوا المال والدعم اللوجستي والإعلامي، وهذا ما تفعله قطر، تدعمهم وتمولهم وتوفر لهم الحضن الدافئ والأمان اللازم، لتجعلهم أكثر أريحية في التخطيط والتهجم على جيرانها، وعلى الدول العربية الأخرى، ثم تدعي أن هذه ممارسات سيادية، وتتباكى على السيادة فور تحرك الآخرين لإيقاف خطر هؤلاء الإرهابيين المنطلقين من قطر!
لن تُحل الأزمة مع قطر في ظل هذا الخلط وهذا التعنت وهذه المكابرة والإنكار، ولا جدوى من تشعيب القضية والتركيز على قضايا جانبية مفتعلة، بدلاً من الاستماع إلى صوت العقل، واحترام سيادة الآخرين، وعدم التدخل في شؤونهم، فليس من المنطق أن تؤوي الدوحة كل متآمر على دولته، وتوفر له الملاذ الآمن لمهاجمة دول وحكومات شقيقة، ومن ثم تتشدق بالسيادة والحرية، أليس من الأَوْلَى أن تحترم قطر سيادة جيرانها، إذا كانت تريد منهم احترام سيادتها؟!
ولن تُحل الأزمة في ظل إصرار قطر على تحوير المفاهيم، والإصرار على تعريف الأشياء وفقاً لمنظورها الخاص، دون الالتفات إلى الإجماع الدولي أو الإقليمي، ودون التفكير في عواقب أفعالها على الدول الأخرى، ولن تُحل الأزمة في ظل التمسك الزائف بالسيادة مع الأشقاء والأهل والجيران، والتنازل عنها طواعية، وبرحابة وسعة كاملتين للغرباء!
*نقلا عن "الإمارات اليوم"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة