خبراء لـ"العين الإخبارية": ترامب منح إيران فرصة أخيرة
تصعيد طهران وتأكيدات أمريكية بشأن موافقة ترامب على تنفيذ ضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية ثم تراجعه عن القرار.. أمور تزيد المشهد تعقيدا
فصل جديد تدخله الأزمة الإيرانية مع الولايات المتحدة عقب توجيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران رسالة تحذير من هجوم وشيك، ردا على إسقاط إيران طائرة عسكرية أمريكية مسيرة أثناء تحليقها في المجال الجوي الدولي فوق مضيق هرمز بصاروخ سطح/جو.
التصعيد غير المبرر من جانب طهران، وبجانب تأكيدات أمريكية بشأن موافقة ترامب على تنفيذ ضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية ثم تراجعه عن القرار، يزيد المشهد تعقيدا ويطرح تساؤلات عما تحمله المرحلة المقبلة في الصدام بين طهران واشنطن.
تغيير القرار.. لماذا؟
قال ترامب إنه تم إيقاف الهجوم على طهران؛ لأن الرد لم يكن مناسبا لإسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة.
واعتبر طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن إرجاء العملية العسكرية الأمريكية ضد طهران يستد إلى منح ترامب فرصة أخيرة لإيران، لتحجيم مشهد التفاوض معها والضغط عليها بشكل أكبر، موضحا أن التحرك العسكري ضد طهران يصبح الورقة الأخيرة لدى واشنطن في ظل هذا التوتر.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تغيير ترامب قراره لم يكن برؤية عشوائية، بل هو قرار مدروس يرمي إلى منح الوسطاء فرصة للتشاور، خاصة أنه يعلم حجم الخسائر التي تخلفها المواجهات العسكرية المباشرة، ما يحتم عليه إعلاء الخيار السياسي فوق كل الخيارات.
حسابات سياسية
الباحث المتخصص في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن "الحسابات السياسية للإدارة الأمريكية بالمنطقة، هي ما جعلتها تتراجع عن قرار الضربة العسكرية، بعد نقاشات مكثفة بين أصحاب القرار الأمريكي، رجحت تأجيل الرد العسكري تخوفا على المنطقة من عواقب القرار".
بينما رأى غانم رجب، الباحث في الشأن الإيراني، أن إسقاط الطائرة الأمريكية يمثل حادثا فارقا في الأزمة مع طهران كونه اعتداءً مباشرًا على واشنطن، مفسرا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" موقف أمريكا بفرصة لاحتواء التصعيد الذي يحمل تداعيات جسيمة على مستقبل النظام الإيراني.
وذكرت صحف أمريكية أن قوات الولايات المتحدة في المنطقة، بما فيها الطراد (USS Leyte Gulf) المزود بصواريخ مجنحة، كانت في حالة تأهب لمدة 72 ساعة، وتم إيقاظ العسكريين في الساعة الثانية من ليلة الخميس بالتوقيت المحلي، وكان من المقرر أن تنفذ الضربات في غضون ساعة، لكن لم يحدث شيء، وبقيت خطة الهجوم معتمدة حتى الساعة 3:00-3:30 من صباح اليوم الجمعة.
ضربة عقابية
ورغم تراجع ترامب في اللحظات الأخيرة عن قرار توجيه ضربة محدودة لإيران ردا على إسقاط الطائرة، يرى الباحث طارق فهمي أن "توجيه ضربة أمريكية معنوية لطهران قادم لا محالة"، مستبعدا تكهنات البعض بأن موقف ترامب مرتبط بانتخابات 2020 الرئاسية في الولايات المتحدة.
بدوره، أشار الهتيمي إلى ضربة أمريكية عقابية أو تأديبية سابقة استهدفت الحرس الثوي الإيراني، وهما عمليتا "الرامي الراشيق" عام 1987 و"فرس النبي" عام 1988، ردا على خروقات إيران بحق ناقلات النفط في الخليج العربي وقتئذ، لكنه أشار إلى المتغيرات الإقليمية الحالية تختلف كثيرا عن تلك الفترة التي شهدت العمليتين.
المفاوضات مأزق لطهران
"حملة الضغط على طهران تؤتي بثمارها وستشعر إيران بتأثيراتها" بهذه العبارة أكد المبعوث الأمريكي إلى إيران براين هوك أن المرحلة المقبلة تشهد الصدام مع طهران المسؤولة عن زيادة التوتر بالمنطقة لرفضها كل المبادرات الدبلوماسية لنزع فتيل التوتر.
ونوَّه الباحث أسامة الهتيمي بأن المباحثات عبر وسطاء وسيلة للخروج من الأزمة، بما يبرر التراجع الأمريكي عن الضربة العسكرية، ويدفع إيران للقبول بالدخول في مفاوضات جديدة.
ورأى طارق فهمي أن التفاوض يسير وفقا لرد فعل طهران خلال اليومين المقبلين، مشيرا إلى أن الفرصة الأمريكية بالتراجع عن الضربة رسالة مباشرة لمرشد إيران علي خامنئي.
بينما اعتبر غانم رجب أن إظهار السلوك العدوني لطهران على أرض الواقع يعد أداة ضغط قوية تجاه الدول الأوروبية وروسيا التي تأخذ موقف الحياد السلبي، ما يسمح ببلورة موقف دولي واسع إزاء ممارسات إيران، موضحا أن رؤية النظام الإيراني تزيد من تعقيد الموقف الدولي نحو التوتر القائم مع واشنطن.
وأرسلت واشنطن 1000 جندي أمريكي، وكتيبة صواريخ باتريوت وطائرة ميسرة وطائرات استطلاع وقوات الدرع، إضافة إلى إرسال قطع بحرية على موقع حطام الطائرة المسيرة التي أسقطتها إيران.
وفي مايو/أيار عام 2018، انسحبت أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران بسبب إرهاب طهران، واستأنفت واشنطن منذ ذلك الحين العقوبات على طهران لتخفيض صادراتها النفطية إلى صفر، فيما ردت إيران على هذه العقوبات بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز ومنع الدول الأخرى من تصدير النفط.
وفي العام الجاري 2019 تسارعت الأحداث بين الطرفين، وقد صنفت واشنطن في إبريل/نيسان مليشيا الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، لتعلن طهران في شهر مايو/أيار تعليق بعض تعهداتها النووية، وتنقل واشنطن في الشهر ذاته موظفيها من بغداد بسبب تهديدات أمنية، قبل أن تقوم إيران بتخريب 4 ناقلات نفط بالخليج، وتضرب محطتين لضخ النفط بالسعودية.
وبعد إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفة قنابل إلى الخليج لمواجهة تهديدات وإرهاب إيران، استهدفت طهران ناقلتي نفط بخليج عمان، وتم استهداف مواقع أمريكية بصواريخ "كاتيوشا" في العراق، قبل أن تقدم إيران على إسقاط طائرة أمريكية بصاروخ سطح/جو إيراني.