"عام على عزل البشير".. السودان يتقدم رغم الصعاب
يصادف 11 أبريل الجاري الذكرى الأولى للإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية في السودان، بقيادة عمر البشير بعد ثورة شعبية انحاز لها الجيش
بعد مضي عام على عزل الرئيس عمر البشير لا تبدو أحلام وتطلعات السودانيين قد تحققت بشكل كامل، لكن محللين سياسيين أجمعوا على أن البلاد في طريق التحول الديمقراطي وتستشرف مستقبلا مشرقا للحرية والسلام والعدالة.
ويصادف اليوم 11 أبريل الذكرى الأولى للإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية بقيادة عمر البشير، حيث طوى السودانيون صفحة نظام الحركة الإسلامية السياسية، بعد أن قادوا ثورة شعبية ملهمة انحازت لها القوات المسلحة.
وقدم السودانيون تضحيات كبيرة في الثورة الشعبية التي سقط خلالها مئات القتلى والجرحى، في سبيل التخلص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية والتحرر من قيودها وقمعها الذي استمر لـ3 عقود.
وقادت السلطة الانتقالية منذ تشكيلها في أغسطس/آب الماضي جهودا في سبيل انتشال السودان من العزلة الدولية التي دخل فيها نتيجة ممارسات جماعة الإخوان الإرهابية، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية المتردية وتحقيق الرخاء المعيشي، وبسط الحريات.
وشيع السودانيون قانون النظام العام سيئ السمعة الذي كبت حريتهم وأذلهم طوال حكم الإخوان، وتخلصوا من جهاز مخابرات البشير صاحب أسوأ سجل وحشي وقمعي، بعدما تم تقليص صلاحياته وقصرها على جمع المعلومات وتحليلها، ما أدى لإتاحة الحريات العامة والصحفية على حد سواء.
كما تم تطهير السلطة القضائية والعدلية من عناصر الحركة الإسلامية السياسية، بعد أن جرى تعيين رئيس للقضاء ونائب عام جديدين من ذوي الكفاءة المهنية، الشيء الذي أعاد للعدالة هيبتها عقب اختلالها لثلاثة عقود، وفق مراقبين.
ويقول المحلل السياسي أحمد حمدان إن أهم شعارات الثورة السودانية تحققت بشكل كبير رغم المصاعب والتحديات، حيث تم بسط الحريات العامة وإنهاء جميع التشريعات الإخوانية المقيدة لها والمذلة للكرامة الإنسانية، وتم إصلاح المؤسسات العدلية والقضائية لحد بعيد وتوفرت العدالة، فيما تجري مساعي السلام بشكل جيد.
وأضاف حمدان، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "من مكاسب التغيير السياسي عودة السودان للأسرة الدولية، وأنه بات يذكر بإيجابية في المحافل الدولية ويمنح تمثيلا محترما، وتصححت صورته التي شوهها تنظيم الإخوان لحد كبير، وانفتح على الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح على مقربة من مغادرة قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وفي عام 1993 وضعت واشنطن السودان على "قائمة الدول الراعية للإرهاب" لصلة نظامه حينها بتنظيم القاعدة، حيث أقام أسامة بن لادن في السودان في الفترة من 1992 إلى 1996.
واعتبر أن "التراجع في الأوضاع الاقتصادية وعدم إبرام اتفاق سلام حتى الآن يعدان نتاجا للتركة الثقيلة الموروثة من النظام البائد، ولا تتحمل وزرها الحكومة الانتقالية التي تسعى جاهدة لإصلاح هذه القضايا".
وأوضح أن "الإخوان دمروا البلاد وتركوا خلفهم أكثر من 6 جيوش وحركات مسلحة، الشيء الذي جعل الأوضاع أكثر تعقيدا وعطل الوصول إلى اتفاق سلام في الموعد المحدد".
وتمثل الصورة الزاهية التي رسمها العالم للسودان أهم مكاسب التغيير السياسي بالنسبة للمحلل السياسي الجميل الفاضل، الذي رأى أن "السودانيين أنجزوا ثورتهم بسلمية وجنبوا بلادهم الانزلاق في دوامة العنف والفوضى بخلاف ما كانت تشير إليه التوقعات، والفزاعات التي ظل يطلقها النظام البائد لكبح الانتفاضة".
وقال الفاضل، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "إنهاء حكم البشير دفع العالم للنظر بإيجابية للسودان، حيث تم الترحيب بصورة غير مسبوقة برئيس وزرائه في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، فضلا عن رئاسة السودان الهيئة الحكومية للتنمية بأفريقيا (إيجاد) لأول مرة هذه الدورة".
واعتبر أن العلاقة المتوازنة بين المدنيين والعسكريين الذين انحازوا إلى الثورة الشعبية، واستمرار شراكتهم في الحكم دون تشاكس، تمثل مكسبا كبيرا للثورة السودانية وسيسهم في تحقيق الانتقال المطلوب.
وحسب تقدير الجميل الفاضل، فإن "تأخر الوصول إلى سلام حتى الآن أمر غير مقلق، لأن السمات العامة لعملية التفاوض في جوبا تنبئ بإعداد اتفاقية قوية تحقق السلام الشامل في البلاد، بخلاف الاتفاقيات التي أبرمت في العهود الماضية والتي انهارت قبل بلوغ الهدف المنشود".
وشدد على أن "السواد الأعظم من الشعب السوداني وقوى الثورة لا يزالون يتعاطون بإيجابية مع الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك، لأنها تدرك تماما أن الضائقة المعيشية الحالية جاءت بفضل التدمير الممنهج الذي قاده نظام الإخوان البائد بحق اقتصاد البلاد".
ودعا إلى ضرورة التفاف الجميع حول الحكومة الانتقالية التي تواجه تحديات الثورة المضادة لبقايا النظام البائد ومن خلفهم قطر وتركيا وإيران، والذين يعملون بكل جهدهم لإجهاضها، من أجل استعادة مصالحهم التي فقدوها عقب عزل عمر البشير.
ولفت إلى أن "ما يحدث الآن من تفاقم في الأوضاع الاقتصادية ليس نتاج عمل وأزمة داخلية بقدر ما هو عمل منظم يقوده التنظيم الدولي للإخوان، بهدف ضرب السلطة الانتقالية ويستوجب مواجهته بحزم".
ويبدو الشارع السوداني متفهما بصورة كبيرة لمخططات قوى الشر الإخوانية الرامية لضرب الحكومة الانتقالية، حيث تجاهل كل الأنشطة وحملات التشويه التي يقودها فلول الحركة الإسلامية السياسية، وظل صابرا رغم الضائقة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في كلية شرق النيل السودانية الدكتور عبداللطيف محمد سعيد أن صبر السودانيين على المصاعب الاقتصادية ناجم عن وعيهم الكبير بطبيعة المشكلة، وأن أي تحركات جديدة يقودونها ستكون في صالح الثورة المضادة التي يقف خلفها النظام البائد.
وقال سعيد لـ"العين الإخبارية": "قطع السودان شوطا بعيدا في مسار التحول، ونحن متفائلون بتجاوز هذه المصاعب بتكاتف الجميع والوصول إلى اتفاق سلام شامل يوقف الحرب المكلفة".
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز