بعد عزل البشير.. إصلاحات سودانية تطوي صفحة "الإخوان"
الحكومة الانتقالية في السودان بمجلسيها، السيادي والوزراء، اتخذت جملة قرارات كانت بمثابة قاصمة ظهر لتنظيم الإخوان الإرهابي
منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، ظلت السلطة الانتقالية مهتمة بإجراء إصلاحات جذرية في البنية السودانية، والتخلص من تنظيم الإخوان الإرهابي الذي كان يعمل تحت مظلة المعزول، وإنهاء القيود التي كان يفرضها على الشعب.
- "فورين بوليسي" توصي برفع السودان من "قائمة الإرهاب"
- الحكومة السودانية والحركة الشعبية وجها لوجه في جوبا
انطلقت الإصلاحات وحملة اجتثاث تنظيم الإخوان في أبريل/نيسان الماضي بإبعاد عناصر تابعة للحركة الإسلامية السياسية من عضوية المجلس العسكري الذي أدار البلاد بشكل مؤقت.
وبعد مضي 3 أشهر من تشكيلها اتخذت الحكومة الانتقالية في السودان بمجلسيها، السيادي والوزراء، جملة قرارات كانت بمثابة قاصمة ظهر لنظام الإخوان الارهابي، وصلت إلى حل حزب الرئيس المعزول "المؤتمر الوطني".
إنهاء أخونة التعليم
عندما استولت الحركة الإسلامية على السلطة بانقلاب عسكري عام 1989، وضعت أمر السيطرة على قطاع التعليم في سلم أولوياتها، حيث قامت بتعديل المناهج والسلم التعليمي، وإنشاء جامعات دون كفاءة، قبل أن تحول ساحاتها إلى أوكار لمليشياتها الإرهابية، بغرض تقويض إرادة الطلاب وإرغامهم على أيديولوجيتها، وفق مراقبين.
ويبدو أن هذا السبب، دفع السلطة الانتقالية إلى وضع إصلاح قطاع التعليم في سلم أولوياتها، حيث شهد أول القرارات الإصلاحية ارتياحا واسعا في الشارع السوداني.
ففي 19 سبتمبر/أيلول الماضي، قرر مجلس السيادة حل "الوحدات الجهادية" بالجامعات، وهي مليشيا تتبع للحركة الإسلامية الإخوانية وكانت المصدر الرئيسي للعنف في مؤسسات التعليم العالي.
ومع فرحة الشارع بهذه الخطوة، أصدر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قرارا بإقالة 67 إخوانيا من مناصبهم كمديرين وأعضاء مجالس إدارات في الجامعات، في أكبر عملية اجتثاث للإرهاب من مؤسسات التعليم العالي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قرر رئيس المركز القومي للمناهج الدكتور عمر القراي فور تعيينه بهذه الوظيفة، إجراء إصلاحات على المناهج الدراسية بعدما وصفها بأنها تعرضت لعملية تسييس من قبل النظام البائد.
إصلاح المؤسسة العسكرية
اهتمت السلطة الانتقالية بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، حيث شملت ذلك العودة إلى نظام رئاسة الأركان المشتركة بدلا من هيئة الأركان، على أن يكون الجيش 4 قوات "البرية، والبحرية، والجوية، والدفاع الجوي"، مع إحالة عشرات الضباط المحسوبين على النظام البائد للتقاعد.
وشملت الهيكلة جهاز الأمن الوطني، الذي تم تعديل اسمه إلى جهاز المخابرات العامة وتقليص صلاحياته لتكون في حدود جمع المعلومات وتحليلها، والشروع في تفكيك هيئة العمليات التابعة له، فضلا عن إحالة نحو 67 ضابطا محسوبين على نظام الإخوان المعزول، للتقاعد.
وفي يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدر وزير الداخلية السوداني إدريس الطريفي قرارا بحل "الشرطة الشعبية" وهي إحدى مليشيات نظام الإخوان الارهابي، وذلك ضمن هيكلة وتنظيف جهاز الشرطة.
تنظيف الخدمة المدنية
خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، نفذ رئيس الوزراء عبدالله حمدوك حملة إعفاءات واسعة لعناصر إخوانية من الوظائف القيادية بالخدمة المدنية، ومديري شركات حكومية ومراكز قومية متخصصة.
وطالت حملة حمدوك نحو 23 من وكلاء وزارات والعشرات من مديري الشركات والأجهزة المهمة، لا سيما مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون، الإخواني محمد أحمد عيساوي الذي خلف إعفاؤه سعادة كبيرة في الشارع السوداني لكونه يمثل عدو الثورة الشعبية.
كما نفذت رئيسة القضاء نعمات عبدالله خير حملة إبعاد واسعة شملت عشرات القضاة المحسوبين على نظام الإخوان الإرهابي واستبدلت بهم آخرين خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلى الخطى نفسها، صار وزير العدل نصر الدين عبدالباري، حيث أبعد نحو 37 مستشارا قانونيا يتبعون لنظام الحركة الإسلامية الإخوانية المعزولة.
قانون التفكيك وإلغاء "النظام العام"
في يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني أجاز اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء قانون "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين" في لحظة حبست أنفاس الإخوان الإرهابية، وأثارت فرحا بالشارع السوداني، حيث يقضي التشريع بحل حزب البشير ومصادرة أملاكه وتصفية واجهاته وملاحقه منسوبيه الفاسدين.
وإنفاذا لهذا القانون تم تشكيل لجنة خاصة للتفكيك برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، أصدرت قرارات في يوم 13 ديسمبر/كانون الأول بحل حزب البشير "المؤتمر الوطني" الإخواني ومصادرة أملاكه لصالح الخزينة العامة.
كما قررت حل النقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل التي تشكلت في عهد نظام الإخوان البائد، وإلغاء مكاتبها التنفيذية وتكوين لجنة تسيير للترتيب لانتخابات حرة بعد مراجعة القوانين بما يواكب استغلالية الحركة النقابية.
كما قرر مجلسا السيادة والوزراء في يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني إلغاء قانون النظام العام سيئ السمعة، وهو تشريع وضعه نظام الإخوان الإرهابي مطلع تسعينيات القرن الماضي وصادر بموجبه الحريات الشخصية ولاحق به النساء والفتيات.
لجان للتحقيق في جرائم الإخوان
شكلت السلطة الانتقالية عددا من اللجان للتحقيق في جرائم ارتكبها الإخوان خلال حكمهم.
ومن بين هذه اللجان، لجنة شكلت للتحقيق في إعدام 28 ضابطا "شهداء رمضان" على يد نظام الإخوان عام 1990 بتهمة تدبير محاولة انقلابية، بجانب لجان لتسوية أوضاع المفصولين تعسفيا.
بالإضافة إلى لجنتي تحقيق فض الاعتصام ومفقودي الحادثة التي تمت في 3 يونيو/حزيران أمام قيادة الجيش في الخرطوم.