السودان يعلن إرسال وفده لمصر.. الأرض تشتعل والحمم في جنيف
بعد اتهامات بالتلكؤ في إرسال وفدها التفاوضي ومغادرة الوفد الأمريكي مصر عائدا إلى جنيف، أعلنت حكومة السودان، وصول 2 منهم للقاهرة.
خطوة اعتبر الخبراء أنها قد لا تسهم كثيرا في التخفيف من تعقيدات الوضع في السودان، إثر مغادرة الوفد الأمريكي برئاسة المبعوث الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، واشتعال الأوضاع على الأرض.
وصول الوفد
وأعلنت الحكومة السودانية، الأربعاء، وصول اثنين من أعضاء وفدها التفاوضي إلى القاهرة منذ الإثنين الماضي، وفي انتظار وصول البقية.
واعتبرت أن «الخطوة تأكيد على رغبتها الصادقة في استمرار التشاور الذي ابتدرته مع الولايات المتحدة بمدينة جدة في الفترة من 9 – 10 أغسطس/آب الجاري».
وذكر بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن "حكومة السودان قررت إرسال وفد حكومي للقاهرة للقاء الوفد الأمريكي وقد وصل اثنان من أعضاء وفدنا إلى القاهرة منذ الإثنين الماضي، ولا يزالان هناك في انتظار التحاق الوفد بهما".
وأضاف: "هذا تأكيد على جديتنا ورغبتنا الصادقة في استمرار التشاور السابق الذي ابتدرناه مع الولايات المتحدة الأمريكية بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 9 – 10 أغسطس/آب الجاري".
وتابع: "نشير إلا أنه ليس لهذه المشاورات أية علاقة ما يجري في اجتماعات جنيف، ولكنها هدفت لتوضيح رؤيتنا حول تنفيذ إعلان جدة الموقع بتاريخ 11 مايو/أيار 2023."
وأوضح البيان أن "موقف حكومة السودان المبدئي هو انحيازها للسلام الحقيقي الذي يرتكز على نوايا صادقة وعلى تنفيذ إعلان جدة ليمثل ذلك بداية لتحقيق تطلعات الشعب وفتح الطريق للمواطنين للعودة إلى منازلهم، ويعيد المرافق العامة للعمل ويفتح الطرق العامة ويساعد في تطبيع الحياة تمهيدا للتفاوض حول مصير الدعم السريع وباقي الترتيبات العامة بالسلام".
وقال البيان: "كما تأتي استجابة حكومة السودان لهذه الدعوة في إطار انفتاحها على المبادرات المفضية للسلام والحفاظ على سلامة البلاد ومؤسساتها الوطنية ومستعدة لأي جولات تشاورية يتم تحديدها في هذا الإطار مع ضرورة التنسيق المسبق معلنا وليس بفرض الأمر الواقع من طرف واحد."
تعقيدات
ويقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد الأسباط، إن "تلكؤ الجيش السوداني في إرسال وفد للقاء المسهلين من السعودية والولايات المتحدة أدى إلى مغادرة المبعوث الأمريكي القاهرة، وبالتالي زاد الأمر تعقيدا".
وأضاف الأسباط، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "هذه الخطوة قادت إلى تخريب المفاوضات في جنيف، خاصة بعد تسريب قائمة الوفد الحكومي الذي ترأسه شخصية غير عسكرية".
وأوضح أن "المفاوضات تقتضي أن يكون ممثل الجيش عسكريا للاتفاق على الترتيبات العسكرية، لأن مفاوضات جنيف ترتكز على 3 محاور أساسية، وهي وقف إطلاق النار، وفتح الممرات الآمنة لتوصيل الإغاثة، والاتفاق على آليات تنفيذ إعلان جدة".
وبحسب الخبير، فإن "هذه الخطوة بكل تأكيد ستؤدي إلى تعقيد المشهد وتحول دون الوصول إلى اتفاق وربما تم تأجيل مفاوضات جنيف إلى أجل آخر، أو تأجيلها إلى العام المقبل بعد الانتخابات الأمريكية، وهذا الأمر سيؤدي إلى مزيد من التعقيد."
"معلومات مضللة"
ومع تصاعد وتيرة العنف، نفى الجيش السوداني، الأربعاء، حصوله على طائرات من طراز (K8) من مصر.
وقال الجيش في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية": "ورد في بعض المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي معلومات مضللة عن حصول القوات المسلحة السودانية على طائرات من طراز K8 من مصر".
وأضاف البيان أن "الجيش السوداني يمتلك أسرابا من هذا الطراز من الطائرات صينية الصنع منذ مطلع الألفية الحالية وقد حصل عليها من دولة المنشأ (الصين)، أي قبل الحرب الحالية بعقدين من الزمان".
وشدد على أنه "لا حاجة للاستعانة بأي دولة صديقة للحصول على مزيد من هذه الطائرات والذي هو أصلا مخصص لتدريب الطيارين".
قصف عشوائي
ميدانيا، ومع غموض المشهد التفاوضي، شهدت مدينة أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم قصفا عشوائيا بالقذائف والصواريخ طالت الأحياء المدنية ما أدى لتدمير منازل بشكل جزئي وكلي.
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، بأن قوات "الدعم السريع" نقلت مؤخرا أسلحة ثقيلة من الخرطوم إلى مدينة بحري، لتنفيذ القصف المدفعي على مدينة أم درمان، بعد سيطرة الجيش على أجزاء واسعة في المنطقة.
من جانبهم، قال شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، إن قوات "الدعم السريع" أطلقت صباح اليوم الأربعاء، من مناطق سيطرتها بمدينة بحري شمالي الخرطوم، 4 قذائف هاون وصواريخ الكاتيوشا، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان إثر انفجار عنيف.
وحسب شهود العيان، فإن 10 قذائف أخرى سقطت في محيط أحياء بمدينة أم درمان، فيما وقعت 3 قذائف أخرى في قرية "النوبة" بمنطقة "الجزيرة اسلانج" شمالي مدينة أم درمان.
ولم تتلق "العين الإخبارية" تعليقا فوريا من قوات "الدعم السريع" حول قصف مدينة أم درمان بالقذائف.
بين جنيف والقاهرة
وفي أعقاب مقاطعة محادثات سويسرا عقب دعوة من الإدارة الأمريكية، قرر قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، إرسال وفد إلى القاهرة للتفاوض حول تنفيذ إعلان جدة.
وكان مجلس السيادة قد تخلف عن حضور اجتماعات في جنيف دعت لها واشنطن، بإشراف من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى جانب سويسرا البلد المضيف والسعودية ودولة الإمارات ومصر.
وأعرب المبعوث الأمريكي توم بيرييلو، الإثنين، عن تفاؤله بالجهود الجارية لجمع الجيش وقوات الدعم السريع على طاولة المفاوضات، رغم غياب الجيش عن جنيف.
ووصل المبعوث الأمريكي إلى القاهرة وأعلن عزمه الالتقاء بالمسؤولين المصريين وبوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وإبلاغهم المساعي المبذولة في سويسرا لفتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية وتنفيذ اتفاق جدة ووقف الحرب في السودان.
وأكد بيرييلو أنه سيلتقي كذلك وفدا من بورتسودان لبحث مشاركة الجيش في محادثات سويسرا.
ونهاية الشهر الماضي، أعلن بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع، ودعا الجيش وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة.
بلينكن أوضح أن المحادثات "تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق".
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.