رفع قيمة الدولار مقابل الجنيه يشعل الأسعار بالسودان
الدولار الأمريكي يصعد مجدداً أمام العملة السودانية، حيث قفز إلى 28 جنيهاً في السوق الموازي، بعد أن تراجع الشهر الماضي.
خلّف قرار الحكومة السودانية القاضي برفع قيمة الدولار مقابل الجنيه، موجة غلاء واسعة شملت معظم السلع الاستهلاكية والملبوسات بنسب متفاوتة تصل إلى 30% في حدها الأقصى.
وتسود حالة مخاوف وسط السودانيين من تصاعد جديد للأسعار عقب السريان الفعلي لقرار خفض قيمة الجنيه أمام الدولار والمقرر له مطلع يناير/كانون الثاني المقبل.
وحذر خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ"بوابة العين" الإخبارية، من كارثة معيشية حال لم توضع معالجات عاجلة تحد من آثار تحريك سعر "الدولار الجمركي" على السلع الضرورية حماية للشرائح المجتمعية الضعيفة.
وعاود الدولار الأمريكي الصعود مجدداً أمام العملة السودانية، حيث قفز إلى 28 جنيهاً في السوق الموازي، بعد أن تراجع الشهر الماضي؛ نتيجة إجراءات أمنية واقتصادية صارمة تبنتها الحكومة للسيطرة على سعر الصرف.
وأعلنت وزارة المالية الأسبوع الماضي، عن رفع قيمة الدولار الجمركي (التخليص) من 6.9 جنيهات إلى 18 جنيهاً، على أن يسري القرار اعتباراً من أول يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك ضمن حزمة إجراءات نقدية تضمنتها موازنة الدولة للعام 2018م لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
صعود السلع
وسجلت أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعاً كبيراً الأسبوع الحالي تراوحت بين (16، 20، 30%).
ويؤكد أحمد أبوقرين -صاحب متجر بالعاصمة الخرطوم- أن ارتفاعاً قد طرأ على كل السلع دون استثناء، لافتاً إلى أن ثمن جوال السكر قفز من 640 جنيهاً (22 دولاراً)، إلى 750 جنيها (26 دولاراً)، وزاد سعر جوال الدقيق من 300 جنيه (10 دولارات)، إلى 370 جنيها (13 دولارا).
بينما شهدت أسعار الزيوت والصوابين المستوردة والشاي والبن -وفقاً لأبوقرين- زيادات متفاوتة تصل إلى 30% في حدها الأقصى.
وتوقع أحمد في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية، مزيدا من التصاعد خلال الأيام المقبلة حال استمرت المعطيات الحالية، وكشف عن عمليات احتكار كبيرة يمارسها تجار لبعض السلع التي ستشهد ارتفاعاً كبيراً في الأيام القادمة، مشدداً على أن هذا الشيء سيلقي بظلال سلبية على الأوضاع المعيشية.
الملابس.. غلاء وركود
وشهدت أسعار الملابس المختلفة ارتفاعا نسبيا يصل لـ20% في حده الأقصى، مع توقعات بصعود كبير عقب سريان قرار خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، لأن جميعها يأتي بالاستيراد؛ بسبب عدم وجود مصانع محلية.
وأبدى محمد عبدالله -تاجر ملبوسات بالعاصمة الخرطوم- بالغ استيائه لحالة الركود وضعف القوة الشرائية التي لازمت سلعهم عقب الزيادات التي طرأت عليها، عقب قرار خفض قيمة العملة الوطنية.
وقال لـ"بوابة العين" الإخبارية: "المواطنون عزفوا عن سوق الملبوسات؛ بسبب الأعباء الضرورية الأخرى، وهذا الشيء سيُعرضنا لخسائر كبيرة، فنحن في حيرة من أمرنا، خياراتنا تضاءلت ليس لدينا ما نفعله".
الأدوية مستقرة
وبخلاف ما تقدم، لا تزال أسعار الأدوية تشهد استقراراً، ولم تسجل أي زيادات، ويعزى ذلك إلى استمرار دعم الدولة لهذا القطاع، وتوفير النقد الأجنبي بأسعار مخفضة لاستيراده.
وقال الطبيب الصيدلاني تجاني محمد كجم لـ"بوابة العين" الإخبارية إنهم لم يتلقوا إلى الآن إشعارا من شركات الأدوية بزيادة الأسعار، الأمر الذي دفعهم إلى الاستمرار في البيع بالسعر الجاري.
ولم يُخفِ كجم تخوفه من تصاعد أسعار الأدوية خلال الأيام المقبلة، موضحاً أن الدولة لا تدعم كل الأصناف الدوائية "فمن المؤكد أنه سيرتفع سعر الدواء التجاري الذي يتأثر بسعر الصرف".
تحذيرات وتطمينات
وفي هذا السياق، حذر الخبير الاقتصادي السوداني سالم الصافي حجير، من نتائج كارثية سيخلفها خفض العملة الوطنية مقابل الدولار، لافتاً إلى أن تداعيات القرار بدأت تلوح في الأفق، وتنعكس سلباً على الأسعار قبل سريانه.
وشدد حجير في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية، على ضرورة تلافي كارثة الأوضاع المعيشية بسياسات عاجلة تحقق الحماية الاجتماعية، وتخفف من تأثير تحريك سعر الدولار على السلع الاستهلاكية الضرورية.
ولكن بالنسبة لنائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية ببرلمان السودان الأمين حسين آدم، فإن التصاعد الذي طرأ على بعض السلع "مؤقت" ناتج عن حالة نفسية ألقت بظلالها على السوق، "وستزول خلال المدى المتوسط لحزمة الإجراءات الاقتصادية التي تبنتها الدولة".
وأوضح حسين في حديث لـ"بوابة العين" الإخبارية أن الجراحات الاقتصادية كان لا بد منها لوقف التدهور الاقتصادي، وقال: "ستكون مؤلمة في بادئ الأمر، لكنها ستحقق نتائج إيجابية خلال المدى القريب".
وشدد على أن قرار رفع قيمة الدولار الجمركي لن يؤثر على كل السلع؛ "لأن معظمها معفى من الجمارك في الأساس".