تعيين الولاة.. رياح التغيير تجتث الإرهاب من الولايات السودانية
الخطوة اعتبرها محللون بمثابة الضربة القاضية لنظام الإخوان المعزول الذي ما زالت عناصره متغلغلة في مستويات الحكم الولائي والمحلي
هبت رياح التغيير نحو الولايات الإقليمية في السودان، لأول مرة منذ إنهاء حكم نظام الإخوان بقيادة عمر البشير، بعد أن جرى تعيين ولاة مدنيين من رحم الثورة بواسطة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك.
الخطوة التي أتت عقب مطالب بالشارع السوداني، اعتبرها محللون بأنها بمثابة الضربة القاضية لنظام الإخوان المعزول الذي ما زالت عناصره متغلغلة في مستويات الحكم الولائي والمحلي، فضلا عن أنها ستفكك الدولة العميقة التي بنتها الحركة الإسلامية السياسية على مدى 3 عقود ماضية.
وكان فلول نظام الإخوان البائد يعولون على مزيد من التأخير لمسألة تعيين الولاة المدنيين حتى يتسنى بقاء عناصرهم لأطول فترة ممكنة، بما يمكنهم من زعزعة استقرار الأقاليم لإرباك الحكومة المركزية في الخرطوم عبر ما يعرف "بسياسة شد الأطراف"، وفق مراقبين.
- بينهم امرأتان.. أسماء الولاة الجدد بالسودان والتعيين خلال يومين
- حمدوك يعلن رسميا تعيين 18 واليا مدنيا بالسودان
وعقب انتظار طويل عين رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، الأربعاء، 18 واليا مدنيا على جميع الولايات، بعد أن كانت تدار بعسكريين مكلفين طيلة الفترة التي أعقبت التغيير السياسي في البلاد.
واعتبر حمدوك خلال المؤتمر الصحفي، تعيين الولاة المدنيين بأنه بداية للتغيير الفعلي في الولايات، مؤكدا اعتماده على الترشيحات المقدمة من تحالف قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية).
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، د. إبراهيم كباشي إن تعيين الولاة المدنيين خطوة مهمة تأخرت كثيرا، مما كان له الأثر السالب على الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الولايات التي لم تتذوق طعم التغيير الذي شهدته البلاد طيلة هذه الفترة.
ويرى "كباشي" الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" أن "الخطوة تمثل ضربة قوية لفلول النظام البائد المتواجدين في مستويات الحكم الولائي والمحلي"، مشددا على "ضرورة سن قانون مؤقت للخدمة المدنية يسهل عملية إنهاء تمكين الإخوان ويسرع إحلال وإبدال الموظفين، لإكمال التغيير المطلوب".
ونبه إلى أن "نجاح هؤلاء الولاة في تصحيح الأوضاع في الولايات رهين بتوفر الإرادة السياسية ومدى انسجامهم مع الحاضنة السياسية وحصولهم على الدعم والسند من الحكومة المركزية".
وشدد المحلل إبراهيم كباشي، على أنه "من الضروري مراعاة وضعية الولايات ذات الخصوصية وتمثيل المكونات الأهلية والقبلية لضمان تحقيق عملية الاستقرار المنشودة وبما يقود لإكمال الانتقال السياسي في البلاد".
وبفضل مخططات الإخوان، فقد عانت عدد من الولايات السودانية من نزاعات قبلية وتفلتات أمنية أثقلت كاهل المدنيين هناك، وهو ما دفع الكثيرون بالتنبؤ باستقرار وشيك فيها عقب تعيين الولاة".
ويقول المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم، إن أي استكمال لهياكل السلطة الانتقالية يثير قلق فلول النظام البائد لأنه يهدد بقائهم، فالولاة هم الحكام المصغرين للبلاد كما هو معلوم".
وأضاف عبدالعظيم، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "الولاة الجدد سواجهون مصاعب كبيرة من أنصار النظام المعزول، لا سيما في ولايتي غرب كردفان وغرب دارفور، اللتين ركزت الحركة الإسلامية السياسية جهدها فيهما بعد عزلها، وصنعت موالين من أبناء القبائل والمليشيات كالدفاع الشعبي وغيره، ولهم عقيدة عسكرية لصالحها".
وتم تعيين القيادي في حزب الأمة، ورئيس هيئة محامي دارفور محمد عبدالله الدومة واليا لغرب دارفور التي تشهد اضطرابات وصراعات قبلية دامية، فيما سيقود ولاية غرب كردفان حامد عبدالرحمن صالح.
وقال شوقي إن "الولاة يلزمهم القيام بعمل سياسي واستخباراتي جبار لهزيمة الفلول وتفكيك دولتهم العميقة في الولايات والقضاء على المليشيات".
وبشأن الاعتراضات على بعض الولاة الجدد، يرى عبدالعظيم أن "الخلافات من أبرز سمات الأجواء الديمقراطية التي في ظلها يصعب الحصول على توافق بنسبة 100%، وهي ظاهرة صحية وليست مؤشرا سلبيا".
وتعد ولايات الخرطوم، الجزيرة، البحر الأحمر، النيل الأزرق، جنوب كردفان، إضافة إلى ولايات دارفور الخمس، الأكثر تعقيدا من الناحية السياسية والأمنية، وتم اختيار ولاة لها على أسس خاصة راعت القبول المجتمعي والكفاءة.
وجرى تعيين أيمن خالد وهو يتبع حزب التجمع الاتحادي الذي قاد نضالات مشهودة ضد نظام الإخوان، فيما تولى القانوني محمد حسين عربي ولاية شمال دارفور، وهو معروف بمصادمته للحكم البائد ودفاعه في المحاكم عن ضحايا جماعة الحركة الإسلامية السياسية.
أما ولاية الجزيرة الزراعية والأكثر تعقيدا والتي استعصى تطويعها في عهد النظام البائد، سيقودها السياسي والأكاديمي البارز، عبدالله محمد علي إدريس، فيما سيدير ولاية البحر الأحمر ابنها عبدالله شنقراي أوهاج.