رئيس «العدل والمساواة» يرسم لـ«العين الإخبارية» رؤية «الجمهورية الثانية» لسودان موحد
"جمهورية جديدة" أساسها "سودان موحد أرضا وشعبا" ونظام "حكم فيدرالي" يستوعب كل السودانيين.. رؤية يطرحها رئيس حركة العدل والمساواة في السودان.
رؤيةٌ تحدث عنها رئيس حركة العدل والمساواة بالسودان، والقيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، سليمان صندل، في حوار خاص مع "العين الإخبارية".
حوارٌ جامعٌ أتى فيه القيادي السوداني على جملة من الملفات الشائكة في المشهد السياسي بالسودان الذي دخل لتوه عاما ثانيا من الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023.
خريطة طريق
فمن "الجمهورية الجديدة" رسم صندل مسار الحرب والحل في بلد أنهكته ساحات القتال، مشيرا إلى أن (تقدم)، "طرحت رؤية للحل من شقين أحدهما إعلان مبادئ والثاني خريطة طريق".
في خريطة الطريق، تحدثت تقدم- بحسب القيادي نفسه، "عن ضرورة دعم منبر مدينة جدة، وتوحيد كل تلك المبادرات في مبادرة واحدة، ووقف العدائيات، وبناء الثقة والجلوس على مائدة مستديرة لكل القوى السياسية ما عدا حزب المؤتمر الوطني، لتصميم العملية السياسية".
وأضاف: "في إعلان المبادئ، تحدثنا بالتفصيل عن المبادئ التي تُبنى عليها العملية السياسية، لكن في اجتماعنا الأخير الذي انعقد في العاصمة أديس أبابا في مارس/آذار الماضي، تحدثنا عن العملية السياسية باعتبار أن الهدف الأساسي لتشكيل التنسيقية هو وقف الحرب، لذلك بحث اجتماع الهيئة القيادية كيفية تطوير الرؤية السياسية وإعلان المبادئ".
بناء "الجمهورية الثانية"
أما اقتراحهم هذا، فأوضح صندل أن رؤيتهم في حركة العدل والمساواة تستند على "بناء جمهورية ثانية، لأن الجمهورية الأولى فشلت تماما في إدارة البلاد".
وقال إن "الجمهورية الأولى فشلت في إدارة التنوع الثقافي والعرقي، وبسط الحرية والعدل والمساواة بين الناس، لذلك لا بد من قيام جمهورية ثانية".
وعن أساس هذه الجمهورية، تابع: "تحدثنا أن الجمهورية الجديدة لديها أساس وهو إقامة سودان موحد أرضا وشعبا، والسيادة للشعب السوداني ومصدر السلطات، وقيام نظام فيدرالي حقيقي ونظام رئاسي ومواطنة متساوية أساس الحقوق والواجبات، وعقد اجتماعي جديد أساس للحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية."
وفي 30 أغسطس/ آب 2023، أعلنت قيادات بارزة في حركة العدل والمساواة، انشقاقها رسميا من الحركة الأم بقيادة جبريل إبراهيم، واختارت المسؤول السياسي السابق سليمان صندل رئيسا للحركة.
الحرب وأطماعها بين "المتنفذين"
وبالعودة إلى الحرب، يرى رئيس حركة العدل والمساواة أن "الأطماع الكبيرة والرغبة الجامحة للمجموعة المستبدة داخل حزب المؤتمر الوطني (النظام الحاكم السابق برئاسة الرئيس المعزول عمر البشير)، للاستمرار في الحكم هي وراء ما يحصل".
ولفت إلى أن السودان يعاني تبعات "توظيف كل الموارد من أجل مصلحة مجموعة معينة ومحددة، والرغبة في السيطرة على الحياة والمواطنين وقهر الناس".
مؤكدا أن "هؤلاء (مجموعة النظام السابق) لا يؤمنون بالمواطنة المتساوية".
وهذه المجموعة التي يتحدث عنها صندل، تلك المتمثلة في "حزب المؤتمر الوطني" و"الحركة الإسلامية" ومن وصفهم بـ"النافذين" في القوات المسلحة والحياة السياسية.
وقال إن هؤلاء "رفضوا كل المبادرات، وجمّدوا عضوية السودان في منظمة إيغاد (في يناير/كانون الثاني) وما زالوا يرفضون المضي نحو السلام والحوار".
وأكد أن هذه المجموعة "تُعلي من الأجندة الحربية والقتال والسحل والذبح وقطع الرؤوس وعدم الإيمان بالآخر."
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
ولذلك، يشدد القيادي السوداني على "ضرورة وقف الحرب فورا دون قيد أو شرط، والدخول في الحوار والتفاوض"، معتبرا أن الخاسر الوحيد "هو الشعب السوداني، وليس هناك أي منتصر في هذه الحرب".
وحول سبل حل الأزمة، أعرب القيادي السوداني عن تأييدهم "الشامل والكامل لكل المبادرات والقضايا والرؤى المطروحة من أجل وقف الحرب، وكذلك لعملية التفاوض في منبر جدة."
وأسفرت محادثات برعاية سعودية أمريكية، بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، في 11 مايو/ أيار الماضي، في جدة، عن أول اتفاق بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة لم تسلم من الخروقات وتبادل الاتهامات بين طرفي الصراع.
اتفاق المنامة
وفيما يتعلق بإعلان المبادئ الموقع في العاصمة المنامة، بين مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، ونائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، وصفه صندل بـ"الخطوة الإيجابية التي أعطت الأمل للشعب السوداني، لوقف إطلاق النار".
وقال: "تلك المفاوضات أعطت أملا للشعب السوداني بوجود رغبة للوصول لوقف إطلاق نار، والمضي قدما للحوار السياسي الشامل الذي لا يقصي أحدا ما عدا حزب (المؤتمر الوطني) لارتكابه جرائم ضد الإنسانية وإفساد الحياة السياسية السودانية".
مستدركا "لكن للأسف بعد ذلك علمنا أن المجموعة المتحكمة في مفاصل البلاد والسلطة رفضت ذلك الاتفاق تماما."
وخلال الفترة من (6 -8) يناير/ كانون الثاني الماضي، شهدت المنامة محادثات بين ممثلين عن الجيش والدعم السريع، أسفرت عن توقيع اتفاق من 22 بندا.
ونص الاتفاق، على تكوين جيش وطني يشمل "الدعم السريع"، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك نظام الإسلاميين الذي حكم البلاد في العقود الثلاثة الماضية.
وتعليقا على ذلك، مضى صندل "شاهدنا بعد ذلك الجنرال كباشي يتحدث حديثا مختلفا، ولم يتحدث عن المنامة، وظهر الحديث عن الحسم العسكري والانتصار"، مضيفا "يريدون إدخال الشعب السوداني في أتون الحرب، وهذه الحرب ليست لديها علاقة بالسيادة الوطنية".
واستطرد "كل الذي يقال حديث هُراء ولا يستند على أساس، والحرب دائرة حاليا بين قوتين عسكريتين، والحديث عن سيادة وطنية وأجانب، كل ذلك أكاذيب وتشويش للوعي السوداني."
الحل الشامل
ويستند الحل الشامل بمنظور القوى المدنية، إلى نتائج اجتماع الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في مارس الماضي، بحسب صندل.
وفي هذا السياق، أوضح القيادي السوداني "تحدثت الهيئة في ذلك الاجتماع عن العملية السياسية باعتبارها عملية مهمة جدا، ومبادئ أسس الحل السياسي الشامل".
وبيّن أن الرؤية نصت على " وقف الحرب فورا دون قيد أو شرط ومؤسسة على وحدة السودان أرضا وشعبا، والمواطنة المتساوية أساس للحقوق والواجبات الدستورية بدون أي تمييز للمواطنين على أساس العرق أو اللون أو الدين أو أي شكل من الأشكال، وتحريم أي شكل من أشكال العنصرية".
كما تضمنت "بناء نظام حكم فيدرالي يستوعب كل السودانيين ويعطي السلطة للشعب الذي يقرر في الوضع السياسي والاقتصادي، وإعداد دستور دائم بالمشاركة الجماعية، وضرورة وجود كل الأطراف السياسية في العملية، ما عدا المؤتمر الوطني، لارتكابه جرائم جنائية وجرائم حرب".
الأكثر من ذلك، قال صندل إن "الرؤية للحل تشمل أيضا تأسيس جيش مهني قومي واحد، وتأسيس شرطة قومية، وبناء جهاز أمن ومخابرات واحد، وضرورة إعادة بناء مؤسسات الخدمة المدنية بشكل شامل، وإعادة بناء الخدمة المدنية على أساس المواطنة المتساوية".
بالإضافة إلى "ضرورة خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي والاقتصادي، وضرورة مشاركة المواطنين في العمل الإنساني، وتشكيل إدارات مجتمعية ولجنة عليا ووكالات إغاثة لكي تعمل على توزيع الإغاثة."
وتشمل القضايا السياسية "القضايا الإنسانية والصحة والتعليم والترتيبات الأمنية والعسكرية وإعادة بناء المنظومة الأمنية وترتيبات ما بعد الحرب، وهياكل السلطة الانتقالية، ودستور المرحلة الانتقالية، وآليات تشكيل السلطة الانتقالية، والقوانين المنظمة للانتخابات، والعدالة الانتقالية والمحاسبة وجبر الضرر، والإصلاحات المؤسسية للأجهزة العدلية والخدمة المدنية". بحسب رئيس حركة العدل والمساواة.
موت وطيران وجوع
وحول الوضع الإنساني، نوّه القيادي السوداني بأن "الشعب الآن محاصر بالموت والطيران والجوع".
وتساءل "الحرب في جنوب السودان استمرت 30 عاما، وفي دارفور زهاء 20 عاما، هل يصبر الشعب السوداني على استمرار الحرب الحالية أكثر من 20 عاما أخرى؟".
ولذلك حثّ الشعب السوداني على أن "ينتفض وألا يرضى باستمرار الحرب من أجل رغبة حفنة ومجموعة مستبدة من المؤتمر الوطني تريد تدمير السودان وقتل كل الشعب في سبيل تواجدها في السلطة".
"لابد أن تكون هناك رؤية ثاقبة للشعب لفرض السلام من الداخل" هكذا يطمح صندل.