امتلأت السجون في عهد "الكيزان" بالناشطات اللواتي تم سجنهن وتعذيبهن دون وجه حق ودون تهمة واضحة بل لأتفه الأسباب.
ظهر هذا المصطلح منذ قديم الزمان في السودان واستخدم في مملكة كوش القديمة، حيث كانت الملكة في ذلك الوقت تسمى "كنداكة" أي "المرأة القوية"، وقد أطلق على النساء اللواتي حكمن بعض الممالك السودانية قديماً مثل مملكة "مروي" وكوش وبعض الممالك النوبية في ذلك الوقت، ومن ثم أصبح يطلق على النساء السودانيات اللواتي لهن أدوار بارزة في المجتمع ويقدمن خدمات جليلة له، وجاءت الثورة السودانية لتعيد من جديد هذا الاسم للمرأة السودانية، وليمجدها العالم أجمع ويعرف من هي المرأة السودانية "الكنداكة" في مشاركتها في كل مراحل الثورة منذ انطلاقها حتى أخر يوم لها، وإلى اليوم تقدم المرأة السودانية تضحيات عظيمة في سبيل السلام والتنمية والحرية، وتنشد التغيير الذي يستحقه السودان الجديد، فها هي تتقلد اليوم أرفع المناصب فأصبحت وزيرة ووالياً لبعض الولايات، وشغلت العديد من المناصب والوظائف.
إن الثورة السودانية أظهرت للعالم أجمع المعدن الحقيقي للمرأة السودانية، والدور العظيم الذي يقمن به في سبيل نيل حريتهن وصون حقوقهن بما يكفله لهن القانون، فقد نالت المرأة السودانية ما نالت من النظام الإنقاذي البائد الذي سلب حقوقهن وحرمهم من حريتهن. وامتلأت السجون في عهد "الكيزان" بالناشطات اللواتي تم سجنهن وتعذيبهن دون وجه حق ودون تهمة واضحة بل لأتفه الأسباب، وهناك أمثلة كثيرة لنساء تعرضن للتعذيب والتنكيل والجلد أمام الجموع بحجة عدم احترامهن للنظام العام في حينها، والذي يفرض قيوداً على النساء في السودان "بتغطية الرأس وارتداء حجاب وعدم لبس "بنطال في الشارع"، ولكن يطبق على البعض ولا يطبق على الجميع في وقتها فهناك "خيار وفقوس" لدى القائمين على أمر تطبيق النظام، فقد طبق فقد على الناشطات السياسيات و الصحافيات والإعلاميات.
ما دعاني لصياغة هذه السطور أعلاه أن عام 2020 يصادف الذكرى المئوية لإقرار التعديل التاسع عشر، الذي ضمن ويحمي حق المرأة الدستوري بالتصويت في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كافحت النساء الأمريكيات لعقود من أجل الحصول على الحق في المشاركة السياسية الحرة والمتساوية، وبعد مرور 100 عام واصلت النساء الكفاح حول العالم للحصول على حقهن في الاقتراح من أجل تعزيز الديمقراطية، والدعوة إلى المشاركة السياسية في مختلف مجالات العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
واحتفالاً بهذه المناسبة قامت وزارة الخارجية الأمريكية بوضع صورة الكنداكة السودانية "ألاء صلاح" في موقعها على الإنترنت، وهي الطالبة والناشطة التي انتشرت صورتها خلال الثورة السودانية، وذلك تكريماً لدور المرأة السودانية في الثورة التي اسقطت نظام الإنقاذ، وثارت من أجل الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة. "ألاء" لم تكن وحدها من شاركت في هذا اليوم المجيد لكل أبناء وبنات السودان، لكن بوطنيتها أصبحت "أيقونة الثورة السودانية" التي تمثل نساء وبنات السودان، وقد سبتقها الكثير من النساء السودانيات في نيل هذا الشرف العظيم. فقد شاركت المرأة السودانية في ميدانين المعارك ومنهن الشاعرة الحماسية والمناضلة "مهيرة بنت عبود"، وهناك فاطمة أحمد إبراهيم التي أنشأت مجلة "صوت المرأة" في السودان، كذلك المناضلة السياسية "فاطمة عبد المحمود" وهي أول امرأة تترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وأول طبيبة سودانية تمارس مهنة الطب هي "خالدة زاهر"، ولا يخفى على أي سوداني عند ذكر الاستقلال الفنانة والمناضلة حواء جاد الرسول الشهيرة "بحواء الطقطاقة" التي توشحت العلم السوداني ثوباً لها، وهي أول من غنت أغاني الاستقلال من "الانجليز"، وغيرهن الكثير من بنات بلادي من يشهد لهن التاريخ بمواقفهن الجليلة في خدمة الوطن.
فكلنا فخر بالمرأة السودانية وما وصلت إليه من مناصب وما سوف تصل إليه في المستقبل القريب، وهي داعمة وركيزة أساسية للرجل في مشوار حياته العملية والعلمية والمجتمعية، فهناك أمهات الشهداء وزوجات وأخوات وهبن فلذات أكبادهن فداء لهذا الوطن.
وقد أعادت الثورة السودانية للمرأة السودانية مكانتها في المجتمع، فتقلدت مناصب عديدة بعد الثورة، وسوف تستمر مسيرة كفاح المرأة السودانية حتى تنال حريتها وتحفظ حقوقها كاملة غير منقوصة، وسنكون داعمين لها كما هي عون لنا في كل دروب الحياة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة