الخرطوم وموسكو.. تقارب يثير جدلا

ازدواجية العلاقات الخارجية السودانية التي تقلل الخرطوم من مخاطرها لا تبدو كذلك بالنسبة لمحللين سياسيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
في خطوة تبدو استكمالية لمشوار التقارب بين الخرطوم وموسكو، وجّه الرئيس السوداني عمر البشير دعوة رسمية إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لزيارة السودان.
دعوة البشير التي لم يتوانَ بوتين في الاستجابة إليها تأتي عقب زيارة أجراها الرئيس السوداني إلى روسيا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلفت كثيراً من الجدل والتساؤلات بشأن تحالفات الخرطوم الدولية.
وعقب مضي نحو 4 أشهر على زيارة الرئيس البشير لموسكو، وما شهدته من اتفاقات وتفاهمات بين الجانبين، يتكرر المشهد ذاته مع تساؤلات أكثر إلحاحاً حول ما تفكر فيه حكومة السودان، لإدارة الملف الخارجي وما يشهده من تحولات.
ففي وقت تسعى فيه الخرطوم جاهدة مع الإدارة الأمريكية لإحداث المزيد من الاختراق في العلاقات الثنائية عقب قرار واشنطن الأخير تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها، لا تبالي في استضافة الرئيس الروسي الساعي لاستعادة القطب الشمالي لمواجهة الغرب.
تلك الازدواجية في ملف العلاقات الخارجية التي تقلل الخرطوم من مخاطرها، لا تبدو أمرا سهلا بالنسبة لمحللين سياسيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، حيث يرون أن تطور علاقات السودان مع روسيا سيكون خصماً على علاقته مع أمريكا والغرب بشكل عام.
ولكن الحكومة السودانية تبدو واثقة من سلامة مسعاها ونتائج حميدة سيخلفها نهج "الانفتاح على الجميع"، وهو ما ظل يردده وزير خارجية الخرطوم إبراهيم غندور على الدوام.
ويرى المحلل السياسي الدكتور عبده مختار أن معطيات الواقع لا تدعم ما تتمناه حكومة السودان، كأن تحتفظ بعلاقات متوازنة مع الغرب ودول الخليج من جهة وروسيا وتركيا من جهة أخرى.
واعتبر مختار خلال تعليق لـ"العين الإخبارية"، أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ستتضمن مكاسب كبيرة للسودان، ولكنها ستدخله في متاعب جمة مع الدول الغربية خاصة أمريكا وبريطانيا التي تفاقمت أزمتهما الدبلوماسية مع موسكو هذه الأيام.
وبرأيه فإن القضية تتطلب حنكة دبلوماسية من الجانب السوداني، كأن يقوم ببث تطمينات رسمية إلى حلف واشنطن بأنه يرغب في العلاقة مع روسيا، لتحقيق مصالح لشعبه تتوفر في هذا البلد دون أي مسائل أخرى.
ولا يستبعد الدكتور عبده مختار الذي يعمل أستاذاً للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أن تؤسس زيارة بوتين لصراع واستقطاب جديد حول السودان من قبل مراكز القوى الدولية.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة شرق النيل السودانية، الدكتور عبداللطيف محمد سعيد، فيرى أن الخرطوم ينبغي أن تفكر جلياً في الحلف الذي يحقق مصالح الشعب السوداني بشكل أكبر ومقايضته بالذي دون ذلك.
وفي تقديره فإن حاجة السودان إلى الولايات المتحدة الأمريكية لا تقاس على الإطلاق مع روسيا، "فواشنطن تمتلك وسائل وآليات عديدة للضغط على الخرطوم وتطويعها".
ويقول عبداللطيف لـ"العين الإخبارية": "مصلحة السودان من روسيا ربما تكون عسكرية، سواء في التسليح أو غيره، وقد اتضح ذلك من خلال طلب الرئيس البشير الحماية الروسية من تدخلات الغرب في البحر الأحمر، بينما يحتاج إلى أمريكا في رفع اسمه من قائمة الإرهاب التي تعد معوقاً لكثير من المشروعات الحيوية".
وينتظر أن تنطلق جولة حوار جديدة بين واشنطن والخرطوم حول مسارات محددة لتطبيع العلاقات الثنائية وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فيما كانت الإدارة الأمريكية قد خففت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقوبات اقتصادية مفروضة على البلاد منذ 1997م.
ويرى محمد سعيد أن زيارة الرئيس الروسي ستلقي بظلال سلبية على المرحلة الثانية من الحوار السوداني الأمريكي، "نسبة للعداء الدبلوماسي الذي يخيم على علاقة واشنطن وموسكو".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAxIA==
جزيرة ام اند امز