تتصاعد في الآونة الأخيرة حملة إعلامية شرسة وممنهجة، تستهدف دولة الإمارات عبر روايات مفبركة ومحتوى مضلل، تقف خلفها جهات إقليمية ومنظمات مدفوعة بمصالح سياسية وأيديولوجية تهدف إلى شيطنة دولة الإمارات وتشويه علاقاتها الدولية.
ورغم كثافة الهجوم واتساع منصّاته، التزمت دولة الإمارات نهجًا عقلانيًا رصينًا، قائمًا على كشف الحقائق وتفنيد الادعاءات دون الانجرار إلى الردود الانفعالية أو الدخول في مهاترات إعلامية مع محرّكي الحملة وأدواتهم.
لكن التطور اللافت في هذه الحملة يفرض التوقف أمام ملف بالغ الأهمية، وهو قضية تهريب السلاح المرتبطة بحكومة بورتسودان والتي جرى توظيفها لإطلاق سيل جديد من الاتهامات ضد دولة الإمارات.
الحقيقة أن هذا الملف، عند وضعه في سياقه الصحيح، يُدين الجهات المُهاجمة أكثر مما يخدم روايتها، ويكشف شبكةً أعمق من الارتباطات المشبوهة التي تحيط بالسلطة في بورتسودان، التي تخضع لتأثير مباشر من تنظيمات مصنفة إرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين.
إحباط تهريب أسلحة.. وشفافية في كشف التفاصيل
في 30 أبريل/نيسان 2025، أعلنت السلطات الإماراتية إحباط محاولة لتهريب أسلحة ومعدات عسكرية إلى السودان عبر أراضيها. وأسفرت العملية عن ضبط ذخائر عيار 62 مم من نوع “غوريونوف”، ومعدات عسكرية كانت داخل طائرة خاصة خضعت لتفتيش دقيق. وكشفت التحقيقات عن خلية استخدمت “عقود استشارات” وهمية وتحويلات مالية سرية بهدف التمويه على طبيعة نشاطها غير القانوني.
وقد أحالت دولة الإمارات المتورطين إلى القضاء، في خطوة تعكس التزامها الكامل بالقانون الدولي، وحرصها على عدم تحويل أراضيها إلى معبر لأي نشاط يهدد أمن المنطقة.
في المقابل، حاولت بعض الأطراف استغلال الحادثة لترويج روايات تتهم دولة الإمارات بإعادة تصدير أسلحة إلى قوات الدعم السريع. غير أن معظم هذه الادعاءات تستند إلى تحليلات غير قطعية تعتمد على تتبع منشأ بعض الأسلحة في ساحات القتال، دون أدلة مباشرة تربطها بدولة الإمارات.
بورتسودان.. بين تهريب السلاح وتضليل الرأي العام
ما تكشفه هذه القضية هو أن حكومة بورتسودان، وليس دولة الإمارات، هي الجهة التي تسعى لتمرير الأسلحة عبر مسارات متعددة، مستفيدة من شبكات تهريب مرتبطة بتجارة الذهب وتمويل جماعات مسلحة، بعضها يحمل خلفيات أيديولوجية متطرفة.
هذه الحكومة، التي تخضع لنفوذ واضح من جماعات «الكيزان» وتنظيم الإخوان، تواجه اليوم أزمة داخلية خانقة، وتحاول عبر الحملات الإعلامية تحويل الأنظار عن مسؤولياتها، وإلصاق فشلها بدولة لعبت دورًا محوريًا في دعم الاستقرار الإقليمي وتقديم مساعدات إنسانية واسعة للسودان خلال السنوات الماضية.
الحقيقة مقابل التشويه
إن تناول ملف تهريب السلاح بشفافية، وتقديم الوقائع كما هي، ينسف كثيرًا من الروايات التي تُبنى عليها الحملة ضد دولة الإمارات، فالدولة التي تكشف التهريب وتحيل المتورطين للقضاء ليست هي الطرف الذي ينبغي التشكيك في نواياه، بل الجهة التي تحاول استغلال القصة لتضليل الرأي العام والتغطية على ضلوعها في شبكات التهريب.
إن الحملة الإعلامية المستمرة ضد دولة الإمارات ليست حدثًا عابرًا، وإنما مشروع منسق طويل الأمد، تقوده جهات لها تاريخ في التحريض ضد دول الخليج، وتستغل الأزمات لتسويق رواياتها المضللة، غير أن تراكم الحقائق وتماسك الموقف الإماراتي يجعل هذه الهجمات تتهاوى أمام الرأي العام، الذي بات أكثر قدرة على التمييز بين الادعاء والحقيقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة