اعتقال وتعذيب وتصفية.. انتهاكات خطيرة للخلية الأمنية لـ«إخوان السودان»

اعتقال مدنيين وتعذيبهم وتصفية بعضهم وتهديد ذويهم، كلها انتهاكات خطيرة ارتكبتها الخلية الأمنية لـ"إخوان السودان" بحق المدنيين بالخرطوم.
ورصد تقرير حقوقي لمجموعة "محامو الطوارئ"، وهي مجموعة حقوقية طوعية، "تناميًا خطيرًا" في وتيرة تلك الانتهاكات.
واتهم تقرير المجموعة الحقوقية، التي تضم عددا من المحامين السودانيين المدافعين عن حقوق الانسان، بشكل مباشر "الخلية الأمنية" بالعاصمة السودانية الخرطوم، بارتكاب تلك الانتهاكات الخطيرة بحق المواطنين.
وأكد التقرير أن "الخلية الأمنية" ما هي إلا "أداة قمع وترهيب إخوانية توظف لصالح الجيش السوداني"، مشيرة إلى أنها وثقت مئات حالات الاعتقال وعشرات المفقودين.
وتم انشاء الخلية الأمنية في الخرطوم في مايو/أيار من العام الماضي، بتوجيهات مباشرة من قيادة الجيش السوداني التي تتخذ من مدينة بورتسودان شرقي السودان، عاصمة إدارية بديلة لممارسة سلطاتها التنفيذية.
وتضم الخلية الأمنية "عددا من منسوبي الجيش السوداني والقوات المشتركة، وأفراد من الشرطة وجهاز الأمن، فضلاً عن منسوبي المليشيات الإخوانية المتحالفة مع الجيش السوداني، مثل "البراء بن مالك" و"البنيان المرصوص" و"قوات العمل الخاص"، وفقا لمصادر خاصة لـ"العين الإخبارية".
وأوضحت المصادر أن مليشيا "البراء بن مالك" الإخوانية، نسقت مع الجيش السوداني قبل صدور قرار إخلاء العاصمة الخرطوم من الحركات المسلحة، وأدخلت نحو ثلاثة آلاف من عناصرها ضمن تشكيلات أمنية يُرجح أن تُكلف بتنفيذ العمليات الأمنية في الخرطوم، مثل قوات العمل الخاص والخلية الأمنية وجهاز الأمن.
تصاعد الانتهاكات
وذكرت مجموعة "محامو الطوارئ" في تقرير اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أنها رصدت تصاعدًا في الانتهاكات التي تشمل "اعتقالات تعسفية، تعذيبًا منهجيًا، وتصفيات جسدية بحق المدنيين".
وقال التقرير إن "الخلية الأمنية تحولت إلى وسيلة مباشرة لتصفية المدنيين، حيث تقوم باعتقال المواطنين في مكاتبها المعروفة داخل العاصمة، وتمارس بحقهم التعذيب وسوء المعاملة بصورة ممنهجة".
وأضافت: "في بعض الحالات يُنقل المعتقلون إلى معتقلات كبيرة مثل جبل سركاب شمالي الخرطوم، ليواجهوا مصائر متعددة، تتمثل في استمرار الاعتقال، أو الإحالة إلى مراكز الشرطة تمهيدًا للتقديم إلى محاكمات تفتقر إلى أبسط معايير العدالة، كما يُطلق سراح البعض في الشوارع بحالة صحية ونفسية متدهورة، بينما يُعثر على آخرين موتى بعد التصفية، أو يفارقون الحياة تحت وطأة التعذيب".
وكشفت المجموعة عن توثيقها مئات حالات الاعتقال وعشرات المفقودين الذين لا يزال ذووهم يبحثون عنهم بلا جدوى، فيما ترفض السلطات تقديم أي معلومات عن أماكن احتجازهم.
وتابعت: "تمارس الخلية الأمنية ضغوطًا مباشرة على أسر الضحايا تصل إلى حد التهديد بالقتل أو الاعتقال، وأحيانًا تُطلق وعود كاذبة لثنيهم عن المطالبة بحقوق ذويهم، مما يضاعف من مأساة هذه الأسر".
قتل خارج القانون
وقالت عضو المكتب التنفيذي لـ"محامو الطوارئ" والشبكة السودانية لحقوق الإنسان، رحاب المبارك سيد أحمد، إنها قامت برصد نحو 2100 انتهاك ضد المدنيين منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، وحتى منتصف يونيو/حزيران من هذا العام.
وأكدت رحاب المبارك لـ"العين الإخبارية" أنها استقصت معلوماتها من تقارير ميدانية وعمليات رصد دقيق من أرض الواقع، مؤكدة أن تلك الانتهاكات شملت تصفيات وقتلًا جماعيًا بالقصف الجوي والمدفعي وإخفاءً قسريًا واعتقالات.
وأضافت "القتل خارج القانون أصبح منتشراً بصورة مرعبة في كل أرجاء السودان، نتيجة لانتشار السلاح، وغياب المؤسسات العدلية، فضلاً عن عدم مساءلة السلطات لأفراد المليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني، والتي تنشط بقوة في التكريس لظاهرة القتل خارج القانون، بسبب مواقفها المتطرفة ضد الخصوم السياسيين والمخالفين للرأي".
وأوضحت أن "آلاف المدنيين راحوا ضحية أعمال عنف بسبب الفوضى الأمنية الناتجة عن انتشار السلاح، وتوزيعه بشكل عشوائي من قبل قيادة الجيش السوداني، على كل الكتائب والمليشيات المتطرفة والتي تكن عداء مباشراً لأنصار الثورة السودانية، وأنصار المبدأ الداعي لإيقاف الحرب في السودان".
وتابعت "مجموعة "محامو الطوارئ" قامت برصد 17 حالة قتل خارج القانون خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تم قتل 4 مواطنين في ولاية نهر النيل شمالي الخرطوم، و13 قتيلا في منطقة سنار وجبل "موية" في وسط السودان".
وأضافت: "المدنيون يتعرضون لاعتداءات مستمرة، حيث يتواصل القصف في المناطق السكنية في عدد من المناطق السودانية، في حين تتواصل الاعتقالات في الخرطوم وغيرها من المدن الأخرى، والتي طالت عددًا من الحقوقيين والناشطين المدنيين وسط تقارير تشير إلى أوضاع سيئة في المعتقلات، كما تشهد الأحياء السكنية في عدد من مناطق أم درمان والخرطوم بحري عمليات نهب وانتهاكات كبيرة في حق السكان".
تغطية الجرائم
وكانت السلطة القائمة في بورتسودان أعلنت في يوليو/تموز الماضي، أنها أبلغت خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، برغبتها في إنهاء مهام بعثة تقصي الحقائق الأممية، وذلك وسط تقارير تشير إلى توفر أدلة ومعلومات كافية حول جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها "كتائب إخوانية" في العاصمة الخرطوم.
واعتبر مراقبون، أن القرار محاولة للتغطية على حجم الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في السودان.
وفي هذا السياق، اعتبر المحامي السوداني معز حضرة، أن إعلان السلطة رغبتها في إنهاء مهمة البعثة الأممية لتقصي الحقائق، يعكس حجم الأزمة القانونية التي تواجهها حكومة بورتسودان، نتيجة تورط مقاتلين تابعين للجيش في ارتكاب انتهاكات يعاقب عليها القانون الدولي بأشد العقوبات.
وأكد حضرة في تصريحات صحفية، أن الحكومة الحالية لا تملك الصلاحية القانونية لإنهاء مهمة البعثة، مشددًا على أن التحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي هو من صميم عمل البعثة التي تم تشكيلها بموجب قرار صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز