مواجهة بين البرهان وحميدتي على ساحة أمريكية.. ميزان القوة ومصير الحرب
"لا مساحة للتسوية والحرب مستمرة حتى النهاية".. هذا ما أكدته صحيفة "فايننشال تايمز" بعد مقابلة مع الجنرالين المتحاربين في السودان قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع.
وألقى البرهان باللوم على حميدتي في التسبب بحادث دبلوماسي مع مصر عبر "توقيف مجموعة من الجنود المصريين، الذي قال إنهم كانوا موجودين بالسودان في مهمة رسمية في إطار تدريب مشترك للقوات المسلحة".
وأشار إلى أن "قوات الدعم السريع قتلت موظفين من برنامج الأغذية العالمي، وهاجمت قافلة تابعة للسفارة الأمريكية"، وهي ادعاءات لم تتمكن الصحيفة البريطانية من التحقق منها بشكل مستقل.
وفي مقابلة منفصلة، أصر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" على أن البرهان هو "من نشر الخوف بين الشعب، والضيوف، والدبلوماسيين".
ووصف خصمه قائد الجيش بزعيم "عصابة إسلامية متطرفة تسعى لترسيخ ديكتاتورية عسكرية"، متهما إياه بـ"استهداف المستشفيات والأهداف غير العسكرية".
وقال حميدتي، لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية من الخرطوم: "نحن مستعدون لأن يضرنا، لكن ليس المدنيين. نسأل الله أن نتمكن من تولي السيطرة والقبض عليه لتسليمه للمحاكمة".
وعند سؤاله حول ما إذا كانت قواته ستحقق النصر، أجاب حميدتي: "لدينا الاستعداد، ونحن الآن في ساحة المعركة. ستحدد ساحة المعركة كل شيء".
صراع وجودي
فيما نقلت الصحيفة عن المحللة المقيمة في الخرطوم، خلود خير قولها: "هذا صراع وجودي لكلا الجنرالين".
ومنذ اندلاع القتال، السبت، فشلت محاولات الدعوة لوقف إطلاق النار لإدخال المساعدات الإنسانية، واتهم كل طرف الآخر بسوء النية.
وقتل ما لا يقل عن 270 شخصا، وأصيب 2600 آخرون، بحسب وزارة الصحة السودانية. وكان قد تم اقتراح هدنة جديدة تستمر على مدار 24 ساعة، الأربعاء، رغم استمرار القتال المتقطع، الخميس.
وكان البرهان وحميدتي حليفين في أحد الأوقات حيث تضافرت جهودهما عام 2019 للإطاحة بعمر البشير، الذي حكم البلاد لثلاثين عاما.
ومنذ ذاك الحين -لا سيما بعد أحداث أكتوبر 2021 التي أدت إلى عزل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك- شكلا تحالفا غير مستقر، حيث شاركا في مفاوضات متقطعة مع القادة المدنيين لتوجيه البلاد نحو الديمقراطية.
وبدأ الخلاف يبدو حتميا خلال الشهور الأخيرة حيث بدا أن البرهان يتطلع لضم قوات الدعم السريع بالقوات المسلحة النظامية في إطار صفقة مدنية، وهي خطوة هددت بتحييد قاعدة قوة حميدتي المستقلة.
وقال حميدتي إنه لا يعارض من حيث المبدأ ضم قوات الدعم السريع إلى القوات المسلحة النظامية، موضحا: "تضطلع قوات الدعم السريع بدور محدد، ولم ترفض الدمج"، متهما البرهان بأنه لا يرغب في تطبيق ما يسمى الاتفاق الإطاري الذي كان من شأنه تمهيد الطريق للحكم المدني.
وبينما قال البرهان إن حميدتي كان يحاول "الاستيلاء على السلطة"، قال حميدتي إنه "لا يزال منفتحا على وقف الأعمال العدائية".
وأضاف حميدتي: "لا نمانع وقف القتال. ومع ذلك البرهان لن يتوقف".
وفي المقابل، قال البرهان إن "الناس دعموا الجيش، وأنه بمجرد هزيمة حميدتي، يمكن استئناف الانتقال إلى الديمقراطية"، مضيفا: "الجيش ملتزم باستكمال العملية السياسية، وفقا للاتفاق الإطاري وانتقال السلطة إلى حكومة مدنية".
واتهم حميدتي، الذي أيد أيضا نقل السلطة إلى المدنيين، البرهان بـ"التحالف مع إسلاميين متطرفين مصممين على استعادة ديكتاتورية على غرار ديكتاتورية البشير"، قائلا: "البرهان وعصابته من الإسلاميين وصلوا إلى السلطة، وليسو مستعدين للتخلي عنها".
واعترف حميدتي بتمتع قوات البرهان بالأفضلية من حيث القوة الجوية -حيث لا تمتلك قوات الدعم السريع طائرات- بالإضافة إلى المدفعية الثقيلة، لكنه أصر على تكافؤ الطرفين في ساحة المعركة.
ورفض التكهنات الغربية باحتمال مشاركة مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية في القتال إلى جانبه، واصفا مثل هذه المخاوف بـ"الرهاب".
وقال: "كانت تربطني علاقة جيدة بهم، لكن بمجرد فرض استهدافهم بالعقوبات، طلبت من البرهان شخصيا التعامل فقط مع روسيا الاتحادية".