أسبوع السودان.. القصاص لقتلى المظاهرات وبتر أبواق الإخوان
مع حالة الفرح التي خيمت على المشهد في السودان بسبب القصاص لقتلى المظاهرات، كانت الأحزان حاضرة أيضا في كل ربوع البلاد إثر أحداث الجنينة
تصدر حكم الإعدام بحق ٢٩ من عناصر جهاز المخابرات السودانية بعد إدانتهم بالقتل العمد للمعلم أحمد الخير، الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الأسبوع الماضي، خاصة في ظل ردود الأفعال التي أثارها القرار.
ومع حالة الفرح التي خيمت على المشهد بسبب القصاص لقتلى المظاهرات، كانت الأحزان حاضرة أيضا في كل ربوع السودان، إثر أحداث مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور التي سقط خلالها ٤٨ قتيلا ومئات المصابين.
- تركيا تعيد الحياة لقناة إخوانية حظرها السودان
- "حرية وسلام وعدالة".. السودان يحتفي بالذكرى 64 للاستقلال
كما شهد الأسبوع المنصرم أيضا استمرار حصار نظام الإخوان الإرهابي المعزول واجتثاثه من مؤسسات الدولة، وبتر أذرعه الإعلامية، الأمر الذي خلف ارتياحا في الشارع كما هو معتاد.
بتر أبواق الإخوان
ويوم الأحد الماضي، أصدر وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صاح قرارا بإيقاف منصة شركة الأندلس للإنتاج الإعلامي التي يرأس مجلس إدارتها الإخواني عبد الحي يوسف، وتنطلق منها ١٠ قنوات فضائية بينها واحدة فقط تعمل داخل السودان وهي "قناة طيبة".
وعزا صالح قراره إلى أن "الشركة تسمح من خلالها ببث أكثر من 10 قنوات غير مرخصة من السلطات السودانية".
وتأسست تلك الشركة بشكل مشبوه عام 2008 وقامت بإدخال منصة كاملة للبث الإذاعي والتلفزيوني إلى البلاد عام ٢٠١٣، رغم حظر هذا الأمر بموجب القانون السوداني الذي يحصر حق استجلاب منصات البث إلى الهيئة القومية للبث الإذاعي والتلفزيوني الحكومية.
وتنطلق من المنصة ١٠ قنوات إحداها في الداخل وهي "طيبة الفضائية" والأخريات تبث في عدد من البلدان الأفريقية منها إثيوبيا ونيجيريا وليبيا باللغات الأمهرية والهوسا.
تلك القنوات تبث محتوى متطرفا تحت ذريعة الدعوة الإسلامية، كما توجد قناة تبع المنصة تبث في سوريا وتتبنى أفكارا داعشية.
هذه القنوات تسببت في إشكالات، حيث اعترضت إثيوبيا والجيش الليبي عليها لما تبثه من محتوى متطرف ومناهض لها.
وبالتزامن مع إيقاف شركة الأندلس، كانت إجراءات اجتثاث الإخوان تمضي على قدم وثاق، حيث تم طرد ٩٦ عنصرا إخوانيا من وحدة تنفيذ السدود السودانية، وهي أكثر بؤرة تمكين للحركة الإسلامية السياسية.
وشدد المحلل السياسي عبداللطيف محمد سعيد على أن اجتثاث أذرع النظام البائد يمثل مطلبا ثوريا تنادي به الجماهير بشكل يومي، كما أنه أمر ضروري لضمان نجاح الفترة الانتقالية.
وقال سعيد خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "يجب أن تمضي الإجراءات الخاصة بتفكيك النظام السابق إلى نهاياتها حتى تكتمل عملية التغيير والوصول التحول الديمقراطي المنشود".
وأضاف "ترك النظام البائد بأمواله ووسائل إعلامه سيؤدي إلى فشل الفترة الانتقالية، كما حدث أيام الديمقراطية الثالثة في ثمانينيات القرن الماضي".
قصاص يخفف الغضب
كذلك شهد الأسبوع الماضي أول حالة قصاص لقتلى الاحتجاجات التي أنهت حكم جماعة الإخوان الإرهابية في البلاد، حيث قضت محكمة في الخرطوم بإعدام ٢٩ عنصرا من جهاز مخابرات الرئيس المعزول عمر البشير، بعد إدانتهم بالقتل العمد للمعلم أحمد الخير في فبراير/شباط الماضي.
كذلك حكم على ثلاثة من أفراد المخابرات بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانتهم بالحجز والتستر على ضرب الشهيد أحمد الخير وتبرئة ٧ آخرين.
وجاء النطق بالحكم في قضية مقتل المعلم أحمد الخير، بعد ٢٢ جلسة محاكمة اتهم خلالها ٤١ من عناصر جهاز أمن الرئيس المعزول عمر البشير، وتمت تبرئة ٣ منهم في وقت سابق لعدم كفاية الأدلة.
وقتل أحمد الخير داخل حراسات جهاز أمن البشير في مدينة خشم القربة بولاية كسلا شرقي السودان، عقب اعتقاله إثر مشاركته في مظاهرة ضد نظام الإخوان.
وخلف القرار ارتياحا كبيرا في الشارع السوداني الذي ينتظر القصاص من عناصر تنظيم الإخوان المعزول الذين استباحوا دماء المتظاهرين السلميين.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان العريق أن حكم الإعدام الذي صدر بحق عناصر المخابرات خفف حالة الغبن التي كانت سائدة وفتح الآمال أمام جميع عائلات الذين سقطوا في الاحتجاجات بأن القصاص سيأتي لا محالة.
وقال حمدان خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "إن الحكم الصادر يعطي مؤشرات قوية بعودة المؤسسات القضائية لسابق عهدها، ما يجعلها مؤهلة لتحقيق العدالة ومحاسبة كل المتورطين في جرائم القتل والتعذيب خلال الثلاثين عاما الماضية".
وأكد أن "الحكم أيضا أرعب عناصر نظام الإخوان الإرهابي الضالعين في جرائم مماثلة وجعلهم يتحسسون أماكنهم والنظر في كيفية تفادي سيف العدالة الذي يحدق بهم".
الجنينة تثير الأحزان
وفي مطلع الأسبوع الماضي، كانت مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور على موعد مع أحداث عنف مؤسفة راح ضحيتها ٤٨ شخصا وأصيب ١٦٤ آخرين ونزح أكثر من ٨ آلاف نسمة، وفق إحصاءات منظمة الهلال الأحمر السوداني.
اندلعت أحداث العنف في مدينة الجنينة ليل الأحد الماضي نتيجة مشاجرة بين شخصين، قتل أحدهما الثاني ما دفع ذوي القتيل وهو ينتمي إلى قبيلة ذات أصول عربية إلى مهاجمة ذوي القاتل وهو من القبائل الأفريقية القاطنين في مخيمات النزوح، بالأسلحة وسيارات الدفع الرباعي، وقاموا بحرق 3 معسكرات "كريندينق 1 و2 وسلطان"، وفق شهود عيان.
ووصل وفد رفيع من الحكومة المركزية بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان "حميدتي"، ويضم رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك، إلى مدينة الجنينة ضمن مساعي احتواء هذا النزاع الدامي.
وتعهد حميدتي بمحاسبة المتورطين في أحداث مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور وفقا للقانون، معلنا رفضه مبدأ تسوية قضايا القتل عبر الديات.
وقال نائب السيادي السوداني: "دفع الدية كتسوية لقضية القتل ممنوع، وكل إجراء سيكون وفق القانون".
وكشف حميدتي تشكيل لجنة تقصي الحقائق ولجنة أمن بولاية غرب دارفور بشأن الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة غربي السودان.
واتهم حميدتي من أسماهم بـ"المفتنين والمنتفعين بالوقوف وراء الأحداث المؤسفة لتمرير أجندتهم"، متوعدا بتقديمهم للعدالة قريبا، وجعلهم عبرة لغيرهم.