رغم الاحتجاجات.. الرئيس السوداني يتطلع لولاية جديدة
البرلمان السوداني أعلن أنه سيبدأ مناقشة تعديلات دستورية تتيح للرئيس عمر البشير حق الترشح لولاية جديدة في الانتخابات المقبلة.
في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحي الحكومة السودانية، أعلن البرلمان أنه سيبدأ، الأحد المقبل، مناقشة تعديلات دستورية تتيح للرئيس عمر البشير حق الترشح لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل.
إعلان البرلمان أثار ردود أفعال متباينة بين أنصار البشير الذين يعتقدون أنه الضامن لاستقرار البلاد، وبين رفض معارضيه، ما أعلنه البرلمان وما قد ينطوي عليه من تمديد لنظام حكم يسعون لإسقاطه بالمظاهرات السلمية.
وما بين مؤيدي البشير الذين يرفعون شعار "تقعد بس" مقابل معارضيه المتمسكين بوسم "تسقط بس"، يرى تيار سوداني في المنطقة الوسطى ضرورة وقف إجراءات تعديل الدستور والدخول في مرحلة حكم انتقالي لإخراج البلاد من النفق المظلم، وهو ما رفضه حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
اشتعال الأزمة
المحلل السياسي عبداللطيف محمد سعيد يقول في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الحكمة تقتضي عدم المضي قدماً في إجراءات تعديل الدستور، لأن ذلك سيقود إلى مزيد من التوتر السياسي في البلاد، مما ينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدنية.
ويرى سعيد أنه بمجرد الإعلان عن استمرار إجراءات تعديل الدستور بما يتيح للبشير حق الترشح في الانتخابات المقبلة، يمثل وقوداً جديداً لما أسماه بثورة الشباب المندلعة في البلاد منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ورغم هذه التحذيرات، فإن اللجنة الطارئة التي شكّلها رئيس البرلمان السوداني إبراهيم أحمد عمر، مطلع ديسمبر /كانون الأول الماضي، ستناقش الأحد المقبل، في أول اجتماع لها، المشروع الذي قدمه برلمانيون لتعديل مدة الرئاسة بدلاً من ولايتين رئاسيتين، كما نص في الدستور الحالي، وذلك توطئة لإجازتها نهائياً عند انعقاد البرلمان في أبريل/نيسان المقبل.
استقطاب سياسي
ويتزامن إعلان البرلمان مع المؤتمر الصحفي الذي عقدته التكتلات السياسية منضوية تحت "إعلان الحرية والتغيير" التي تضم تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات، ويتمسك بالاستمرار في المقاومة السلمية لحين تنحي الحكومة.
واعتبر المحلل السياسي عبداللطيف سعيد أن هذا التجاذب سيزيد من حدة الاستقطاب السياسي في البلاد ويقود لمآلات غير ايجابية في عملية الأمن والاستقرار بالبلاد وربما يضعها على حافة الانهيار، قائلاً: "أي خطوة جرئية من الحزب الحاكم بتبديل مرشحه الرئاسي في الانتخابات المقبلة، ستعمل على تهدئه غضب السودانيين".
واعتلى البشير السلطة بالسودان في يونيو/حزيران عام 1989، وواجه نظام حكمه العديد من التحديات؛ أبرزها الحرب الأهلية في جنوب البلاد التي انتهت بانفصاله عام 2011.
كما واجه البشير التمرد في إقليم دارفور غربي البلاد ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلاً عن عقوبات أمريكية ودولية قاسية وأزمات اقتصادية.
ووفق لما أجمع عليه الكثير من الخبراء والمهتمين بالشأن السوداني، فإن الاحتجاجات الشعبية التي دخلت شهرها الثالث تعد أكبر التحديات التي واجهت البشير منذ صعوده للسلطة بانقلاب عسكري مسنوداً بالجبهة الإسلامية في عام 1989.
تعديل دستور 2005
وينص دستور السودان الانتقالي لعام 2005 الذي تم إقراره عقب اتفاقية السلام الشامل التي أنهت أطول حرب أهلية في جنوب السودان، على دورتين رئاسيتين لكل رئيس جمهورية.
وشهدت البلاد أول انتخابات تعددية في عام 2010 فاز فيها عمر البشير برئاسة البلاد وفعل الشيء نفسه في انتخابات عامة أجريت عام 2015، وبحلول العام المقبل يكون قد استنفد ولاياته الدستورية.
وللخروج من هذه المعضلة الدستورية التي تواجه البشير، دفع 294 نائباً في البرلمان بمبادرة تشريعية لتعديل المادة الـ57 من الدستور لجعل فترات الرئاسة "واحدة فأكثر" بدلاً عن قصرها في ولايتين رئاسيتين، كما شمل المشروع المادة 178 التي قضت بتوسيع سلطات الرئيس على ولاية الولايات الإقليمية.
ويقول رئيس مبادرة تعديل الدستور، والنائب البرلماني عبدالله مسار، إنهم لديهم قناعة بضرورة أن يستمر الرئيس عمر البشير في منصبه لضمان استقرار البلاد وأمنها.
وأضاف مسار خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "خطوتهم في تعديل الدستور كانت سابقة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد ومبنية على قناعات محددة بأن السودان بلد ما زال هشاً ويحتاج إلى ديمومة النظام الرئاسي، وليس المقصود عمر البشير وإنما كل الرؤساء الذين يأتون بعده".
واعتبر أن الاحتجاجات الحالية مشروعة وأدت غرضها تماماً، وسيعقبها إصلاح حقيقي في بنية الدولة، شريطة أن تمتثل كل القوى السياسية للانتخابات كوسيلة مضمونة للانتقال الآمن للسلطة.
أما حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، فهو الآخر متمسك بالانتخابات كوسيلة وحيدة لتداول السلطة في البلاد دون الاحتجاجات، ومضى في تكييف لوائحه الداخلية؛ بحيث يكون الرئيس عمر البشير مرشحه الرئاسي في انتخابات العام المقبل.
وفي آخر تعليق رسمي، قال مساعد الرئيس السوداني ونائبه لشؤون حزب المؤتمر الوطني الحاكم، فيصل حسن إبراهيم، إنهم يرفضون الدعوات كافة لتشكيل حكومة انتقالية، وإن الطريق الوحيد للسلطة هو صندوق الاقتراع وليس المظاهرات، ما يجهض أي مبادرات للخروج من الأزمة الحالية.
aXA6IDE4LjExOC4yMDcuNDIg جزيرة ام اند امز