السؤال الصعب.. ماذا فعلت الحرب بسلاسل توريد المواد الأولية والخام؟
بعد مرور قرابة شهر على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط الماضي، يتساءل الجميع عن حجم تضرر سلاسل الإمداد بتداعيات الحرب.
وقبل الخوض في البحث عن حجم تضرر أسواق السلع الاستراتيجية العالمية من تأثير الحرب على سلاسل التوريد، علينا في البداية تعريف ما هي سلاسل الإمداد العالمية؟ فهي الشبكة التي تربط بين الأطراف كافة التي تتعامل معها شركة ما لإيصال منتجها إلى المستهلك النهائي.
وعن أبرز السلع الأساسية التي تأثرت بقوة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، كان القمح على رأسها، يليه النفط والذرة والزيوت، ومما لا شك فيه أن جميع السلع ستتأثر بارتفاع أسعار النفط عالميا وبالتبعية أسعار الشحن التي بدورها تسببت في زيادة أسعار جميع السلع تقريبا.
أسعار الشحن عالميا
وخلال أقل من شهر ارتفعت أسعار الشحن البحري والجوي بنسبة 20%، خصوصا بعد أن قفز سعر وقود تشغيل السفن 23% منذ بداية العام بسبب أسعار النفط التي لامست 120 دولارا للبرميل ثم تراجعت خلال تعاملات اليوم إلى 116.95 دولار للبرميل (خام برنت)، وخام نايمكس الأمريكي سجل نحو 110.60 دولار للبرميل.
ويستحوذ الشحن البحري وحده على 80% من حركة التجارة العالمية.
وتقول غرفة التجارة البحرية الدولية إن البحارة الروس والأوكرانيين شكلوا 14.5% من اليد العاملة في مجال الشحن البحري العالمي في عام 2021، مع وجود نحو 20 ألف بحار روسي وأكثر من 76 ألف بحار أوكراني.
كما أغلقت السفن الروسية المتراكمة مضيق كيرتش الذي يربط بين البحر الأسود وبحر آزوف، ما يعني أنه لن تتمكن أي سفن تجارية من المرور.
وفي السياق نفسه عدلت هيئة قناة السويس الرسوم الإضافية المفروضة على ناقلات الغاز البترولي المسال “LPG ”، المحملة والفارغة العابرة لقناة السويس في الاتجاهين، لتصبح 20% بدلًا من 10% من رسوم العبور العادية.
وأكدت هيئة قناة السويس في منشور ملاحي على موقعها، مساء أمس الثلاثاء، أن تطبيق تلك الزيادة اعتبارًا من مايو/أيار المقبل، وتعتبر رسوما مؤقتة، ويمكن تعديلها أو إلغاؤها وفقاً لمتغيرات سوق النقل البحري.
ويذكر أنه في أواخر فبراير/شباط الماضي أقرت قناة السويس رسوما إضافية على عدد من أنواع السفن، بنسب تتراوح من 5 إلى 10%، والتي تم تطبيقها في الأول من مارس/ آذار الحالي.
وأرجعت هيئة قناة السويس تلك الزيادة إلى النمو الملحوظ في التجارة العالمية وتحسن اقتصاديات السفن وتطوير المجرى الملاحي وخدمة العبور لقناة السويس.
أبرز السلع المتضررة
كما دفعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشتري القمح والذرة وزيت دوار الشمس إلى البحث عن شحنات بديلة، وهو ما يرفع أسعار الأغذية العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات طويلة، لا سيما أن روسيا وأوكرانيا، تسهمان بنحو 29% من صادرات القمح العالمية، و19% من إمدادات الذرة في العالم، و80% من صادرات زيت دوار الشمس.
وبلغت حصة أوكرانيا وروسيا 23% من تجارة القمح العالمية في 2021-2022، والدولتان أكبر منتجتين لزيت دوار الشمس، مع حصة تبلغ 60% من المخزون العالمي.
وتضيف الحرب الروسية الأوكرانية المزيد من الضغوطات على إنتاج أشباه الموصلات، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا 40% إلى 50% من غاز النيون المستخدم في أجهزة الليزر التي تساعد في تصميم أشباه الموصلات، كما تنتج روسيا 37% من إنتاج العالم من معدن البلاديوم المستخدم في الرقاقات الإلكترونية.
ويتوقع الخبراء أن تشهد أسعار بعض السلع ارتفاعات قياسية مثل الإلكترونيات وتكلفة التدفئة من 30% إلى 54% (30% زيادة في سعر الغاز الطبيعي و54% زيادة في سعر غاز البروبان)، و58% زيادة في سعر البنزين، و10% زيادة في أسعار الملابس، و10% في الأثاث، و8.4% تكاليف الرعاية الصحية.
وتسبب إغلاق مدينة صينية مجهولة نسبيا في إطار مكافحة كوفيد بارتفاع أسعار الألومنيوم العالمية إلى أعلى مستوى منذ 14 عاما، حيث بلغ سعره 4 آلاف دولار للطن، وتستحوذ روسيا على نحو 6% من إنتاج الألومنيوم على مستوى العالم.
ووصلت أسعار البلاديوم إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند مستويات تقترب من 3200 دولار.
الجوع يهدد أفريقيا والشرق الأوسط
ويعتبر المحلل كارستين فريتش في تصريح له مع صحيفة "Deutsche Wirtschafts Nachrichten" الألمانية، أنه في الوضع الحالي، فإن دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، أكبر مستوردي الحبوب، ستكون الأكثر عرضة لخطر المجاعة.
كما سيؤدي انخفاض احتياطيات أكبر مصدري القمح وهم الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وكندا وأوكرانيا والأرجنتين وأستراليا وكازاخستان، إلى تفاقم أزمة الإمدادات.
وأشار إلى أن احتياطيات هذه الدول عند أدنى مستوى لها منذ 9 سنوات وتبلغ 57 مليون طن، وتكفي العالم لمدة 27 يوما، ولكن بدون احتياطيات روسيا وأوكرانيا، لن تكفي لأكثر من ثلاثة أسابيع.
وأشار إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كان سعر طن القمح 113 يورو، وفي أبريل/نيسان 2021 وصل إلى 165 يورو، وفي نوفمبر/تشرين الثاني ارتفع إلى 278 يورو، وما زال مستمرا في الصعود.
وكشف عن أهمية الصين في سوق القمح حيث تقدر احتياطياتها بنحو 131 مليون طن، لكن من المستحيل التحقق من ذلك، لأن بكين تعتبر هذه البيانات مهمة من الناحية الاستراتيجية.
وتضاعفت أسعار القمح في أوروبا على مدى العامين الماضيين، بينما تضاعفت 2.5 مرة في الولايات المتحدة.
aXA6IDMuMTQxLjE5OC4xNDcg جزيرة ام اند امز