«العجز الدفاعي» الأوروبي.. السويد تبتكر الحل والبقية معجبون
تواجه أوروبا أزمة دفاعية بحتة ترتكز على العنصر الأهم في المنظومات العسكرية؛ الجندي المقاتل.
ولم تكن الحلول الجذرية متاحة، حتى ظهرت تجربة السويد للتجنيد الإلزامي.
والتفاصيل تتمحور حول قيام 3 مراكز اختبار للتجنيد في السويد - في ستوكهولم وجوتنبرغ ومالمو - بفحص 110 آلاف مراهق هذا العام، وفقا لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ويتمثل الهدف من الفحص في استدعاء حوالي ربع هؤلاء لإجراء فحوصات بدنية وعقلية، ثم اختيار الثلث الأفضل للخدمة بين تسعة أشهر وخمسة عشر شهراً في الجيش، سواء أرادوا ذلك أم لا.
وهذا النموذج مصمم لإعادة تشكيل الجيش السويدي الذي تم تقليص عدد أعضائه بعد نهاية الحرب الباردة.
ووفقا للصحيفة، اضطر زعماء البلاد إلى التراجع عن موقفهم الرافض للتجنيد الإلزامي بعد ضم روسيا لمنطقة القرم الأوكرانية قبل عقد من الزمان، وهو ما أظهر أن التهديد آخذ في الارتفاع مرة أخرى في الشرق.
وسلط وزير الدفاع السويدي، بال جونسون، الضوء على قيمة التجنيد الإجباري في سلسلة من الخطابات التي ألقاها مؤخراً.
وقال خلال جلسة برلمانية، عقدت مؤخرا في ستوكهولم، إن "التجنيد الإجباري شرط أساسي لاستمرار نمو القوات المسلحة. ولا يمكن تلبية احتياجات تنظيمنا العسكري بالاستعانة بأفراد معينين فقط".
وفي السياق، تضاعف عدد المجندين الجدد في الجيش السويدي إلى حوالي 8000 هذا العام من 4000 في عام 2017، عندما أعيد تقديم الخدمة العسكرية الإلزامية المحايدة بين الجنسين بعد توقف دام سبع سنوات.
وقالت الحكومة السويدية إنها تريد رفع هذا العدد إلى 10000 سنويًا في الأمد القريب، في حين يبدو أن تصميم النظام يسمح بالتوسع إلى ما هو أبعد من ذلك إذا لزم الأمر.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى 14,850 فردًا يعملون بدوام كامل في الجيش السويدي.
تجذب أوروبا
لكن الأمر، على ما يبدو، لن يقتصر على السويد فحسب، فالعيون الأوروبية بدأت تلمع بفكرة السويد الإلزامية، والعواصم الأوروبية الكبرى، بما في ذلك برلين ولندن وأمستردام، تتابع عن كثب بينما يسعى المسؤولون جاهدين لإيجاد السبل لتعزيز قواتهم المستنفدة.
إذ زار وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، معسكر تيغيلودسفاغن، وهو مركز اختبار التجنيد في ستوكهولم، قبل بضعة أسابيع وغادر المكان وهم يقول إنه تعلم دروسا من أجل وطنه.
وقال للصحفيين في ستوكهولم: "نحن بحاجة إلى رجال ونساء شباب متحمسين للدفاع عن بلادنا إذا لزم الأمر. لقد سمعت الكثير عن النهج السويدي وأنا أقدر ذلك. نهجكم يشمل قوة احتياطية قوية وقد رأينا في حرب أوكرانيا أن هذا مهم".
وفي الثاني عشر من يونيو/حزيران الماضي، اقترح بيستوريوس فرض الخدمة العسكرية الانتقائية والتركيز على المتطوعين باعتبارها "خطوة أولى" لبناء الجيش.
ووفقا لبوليتيكو، فإن خطة بيستوريوس، التي يدرسها الآن المشرعون وشركاء الوزير في الائتلاف الحاكم، تطلب من كل الرجال الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً ـ ويتوقع المخططون أن يبلغ عددهم 400 ألف رجل سنوياً ـ ملء استبيان.
ومن بين هذا العدد الإجمالي سوف يتم اختيار نحو 40 ألفاً للخضوع لفحص طبي، ثم يتم اختيار عشرة آلاف للتدريب الأساسي.
ومن جانب آخر، تم إرسال مسؤولين هولنديين إلى تيغيلودسفاغن، في حين سلط عدد من كبار المسؤولين السابقين في المملكة المتحدة، بما في ذلك رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية السابقة "MI6"، الضوء على ما يرون أنه "مزايا النظام السويدي".
"تبدأ من البريد"
ويبدأ نظام التجنيد السويدي بإرسال استبيان إلى جميع الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عامًا (رجالًا ونساءً) يسأل عن الصحة والتعليم والشخصية والسجل الجنائي والمواقف تجاه الخدمة.
وإذا "أُعجبت" القوات المسلحة السويدية بالإجابات، ولم تكن هناك مشاكل صحية، فسيتم استدعاء المراهق لإجراء الاختبار. وأي شخص يرفض الاستدعاء يواجه غرامة أو السجن.
وفي الوقت نفسه، يتعرض الجميع لحملة إعلامية تسلط الضوء على فوائد الخدمة العسكرية في التنمية الشخصية واستراتيجية الدفاع عن المجتمع بأسره في البلاد، والمعروفة باسم "الدفاع الشامل".
وتقول أحد الكتيبات الرسمية، إن "الدفاع الشامل في السويد يهدف إلى حماية ديمقراطيتنا ومصالحنا وحقنا في العيش كما نريد. وبصفتك مجندًا، فإنك تقدم مساهمة لا تقدر بثمن للسويد، لأنك تساهم في تأمين هذه الحرية".
وبداية، وبعد الامتثال إلى قرار الاستدعاء، يخضع أي شخص مُستدعى لاختبار القدرات العقلية، في "تيغيلودسفاغن 29A"، لمدة ساعة على الكمبيوتر، مع عدم السماح بوجود هواتف محمولة.
وبعد انتهاء الاختبار، يعود أولئك الذين يفشلون في اجتياز الاختبار العقلي إلى منازلهم.
وأما أولئك الذين يجتازونه، فيواجهون بعد ذلك اختبار القدرة على التحمل على دراجة تمارين رياضية واختبار القوة على ما يسمى بجهاز Isokai، وهو نوع من أنواع الأثقال.
وبعد كل هذا، يخوض المرشحون محادثة معمقة مع طبيب نفسي ويخضعون لسلسلة من اختبارات السمع والبصر.
وعند هذه النقطة، تنتهي الاختبارات ويعود المرشح المحتمل إلى منزله لينتظر ويرى ما إذا كان المجندون سيقررون ما إذا كانوا سيضعونه في المجموعة الثالثة التي ستؤدي الخدمة أم في المجموعة الثانية التي سيتم استبعادها.
ويمكن لأي شخص يقول إنه لا يريد الالتحاق بالصفوف المجندة، وسيتم أخذ ذلك في الاعتبار (على الرغم من عدم وجود ضمان بأن يحدث ذلك)، وفق بوليتيكو.
وبعد الفرز، سيقضي أولئك الذين يتمتعون بقدرات قيادية 15 شهرًا في قيادة المجندين الآخرين، بينما يخدم المجندون العاديون تسعة أشهر فقط.
ووفقا لبوليتيكو، ينتظر المجندون الجدد مجموعة واسعة من الوظائف لملئها بالمرشحين المناسبين، على سبيل المثال؛ جنود مشاة في القطب الشمالي؛ وغواصين تحت بحر البلطيق؛ وفنيين لإصلاح محركات من جميع الأنواع؛ وملاحين لضمان وصول السفن.
aXA6IDEzLjU4LjIwMy4yNTUg جزيرة ام اند امز