لولا الدعم القطري مالياً، والتركي أيديولوجياً، ودخول الإيرانيين على الخط، ما وصلت سوريا اليوم إلى هذا الوضع.
علمنا وتعلمنا أن إعلان "حالة الطوارئ" يكون من طرف حكومات، وهي مرحلة تمر بها دول تمر بأزمات أمنية موقتة، وهي مرحلة مؤقتة، يتم الإعلان عن وقفها فور خروج البلد من الحالة واستعادة أمنه.
وفي الحالات التي تمر بها بعض دول المنطقة لا يمكن استعمال مصطلح حالة الطوارئ، لأن الأمر تعدى البلدان ورقعتها الجغرافية.
لولا الدعم القطري مالياً، والتركي أيديولوجياً، ودخول الإيرانيين على الخط، ما وصلت سوريا اليوم إلى هذا الوضع، وما اُنتهِكت أراضي دمشق، ولا أطفال الغوطة، فالفكر الظلامي هو الذي أوقعنا في عمق الهاوية وجعل أراضينا مستباحة
الأمر الآن أخطر بكثير، شعوب المنطقة في حالة طوارئ دائمة، مع ما شهدته العقول من أيديولوجيات دخيلة مزمنة، ولا أحمّل أي جهة ما تمر به المنطقة العربية والقصف الذي تتعرض له دمشق اليوم، سوى الجماعات الدينية المتطرفة والتي لا يهمها سوى أن تعبث بالمنطقة.
يعملون تحت الأرض في أنفاق حفروها وتعودوا أن يعيشوا فيها منذ عشرات السنين، هم الإخوان المسلمون الذين استغلوا الدين الإسلامي ليعششوا في عقول أبناء أمتنا العربية الإسلامية، وعندما يجابهون بأنوار الليبرالية يعودون إلى جحورهم.
بنوا عبر السنوات قصوراً لهم تحت الأنفاق يسكنونها ويعيشون فيها حياة البذخ، وعندما يصعدون على الأرض لا يقوون حتى على رفع عيونهم ورؤوسهم، خفافيش الظلام أسقطوا المنطقة وشعوبها في الوضع الذي نعيشه اليوم.
نُتهم بالإرهاب حيثما كنا حتى وإن قلنا وكتبنا وعملنا ضده، ظلامهم يسابق نور الحق والانفتاح الذي نسعى إليه، ونحتاج عشرات السنين لاستعادة أوطاننا، حرة مستنيرة منفتحة تنعم بتعليم يتماشى مع المقاييس الدولية، وعلماء نفخر بانتمائهم لنا.
والذي زاد الوضع سوءاً وأوصلنا للواقع المرير الذي سقطنا فيه هو تبني دول تحلم ببناء أمجادها على حساب شعوب بمئات الملايين، دول مثل تركيا بزعامة أردوغان، وقطر التي وفرت مليارات الدولارات لحماية سكان الأنفاق الظلاميين وفكرهم الإرهابي.
حان الوقت لموسم التعرية، وجود هؤلاء تحت أراضينا خطر على وجودنا، خطر على أبنائنا والأجيال المقبلة، لا يمكننا الهروب من بلداننا وتركها لهم، ولا يمكننا البناء على أراضينا بدون أسس متينة، ولا أسس بدون حفر عميقة وأرض صلبة لا ظلم ولا ظلام تحتها.
منذ قرابة القرن ومع ظهور الإخوان المسلمين وفكرهم الهدام وأوطاننا تعاني العثرات، آخرها ما نمر به الآن، يتحالفون مع كل من يلقي لهم القوت وأكياس الذهب، ينعم زعماؤهم وأبناؤهم برغد الحياة موهمين الشعوب بضرورة عيش بسيط بعيد عن أي تطلع لتحسين الأوضاع، وأن "أحب الناس إلى الله أفقرهم"، قتلوا روح الطموح والتطلع لتطوير الذات والأوطان.
ولولا الدعم القطري مالياً، والتركي أيديولوجياً، ودخول الإيرانيين على الخط، ما وصلت سوريا اليوم إلى هذا الوضع، وما اُنتهِكت أراضي دمشق، ولا أطفال الغوطة.
فالفكر الظلامي هو الذي أوقعنا في عمق الهاوية، وجعل أراضينا مستباحة، وساحات اقتتال بين الروس الذين أبدوا أنهم على استعداد لاستعمال كل الأسلحة المحرمة من أجل البقاء في المنطقة، والإبقاء على أساطيلهم فيها.
ولا يبدو أنهم سينسحبون بسهولة من المدخل الوحيد الذي منحهم الأسد نحو المتوسط، والأمريكان وحلفاؤهم البريطانيون والفرنسيون الذين يريدون بدورهم الحفاظ على مصالح عملوا قروناً على خلقها في المنطقة.
ومن جهة أخرى، وعلى نفس الخط دخل المتشددون والأتراك والإيرانيون باسم حماية الدين، والضحية الأولى هي الأرض باطناً وظاهراً، تاريخاً دُمّر ومستقبلاً لا آفاق له.
وليبيا التي دُمرت على آخرها وضاع مفهوم الدولة فيها وضاع مفهوم الشعب، وتونس التي فقدت استقرارها وسقط اقتصادها وعملتها، وتعليمها، وكل هذا يعود بالأساس إلى ما توهم شعب وحلم بأنه "ثورات"، صعد الظلاميون من تحت الأرض وفتكوها لنصل إلى ما نحن عليه الآن.
وفعلياً وعملياً وحضارياً لا مشاكل في إنشاء علاقات مع دول مهما اختلفت دياناتها وأفكارها، فاقتصاديات الدول وثقافاتها وتعليمها وعلمها يقوم على الانفتاح والتبادل، وهذا ما يرفض الإخوانجية الاعتراف به ليس لأنهم غير مقتنعين، بل لأنه لا يخدم مصالحهم الشخصية.
والأكيد ومع التحالفات العربية والدولية في مكافحة ومجابهة الإرهاب سوف يختفي هؤلاء قريباً من كل الساحات بعد أن دمروها واستنزفوها، في انتظار فرص مستقبلية أخرى، لكن حان الوقت الآن لتعاون دولي يهدف إلى استئصال هذه الأفكار الظلامية، ومحاسبة قانونية عادلة ضد كل من يدعم الإرهاب بكل أنواعه بداية من الكلمة وصولاً إلى الدم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة